أثار إدراج أسيرات من الداخل الفلسطيني ضمن قائمة أسماء اللواتي سيفرج عنهن في صفقة التبادل بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس جدلاً بين قانونيين وحقوقيين، بعد إضافة 50 اسماً جديداً من قبل الاحتلال، من بينها 20 اسماً لأسيرات من الداخل غالبيتهن العظمى اعتقلن بعد اندلاع الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ما عدا الأسيرة شاتيلا أبو عايدة من كفر قاسم المعتقلة منذ عام 2016 والمحكومة بالسجن لمدة 16 عاماً، والأسيرة آية الخطيب من عرعرة التي دخلت السجن بشهر سبتمبر/أيلول الماضي لإتمام محكوميتها.
وقال المحامي حسن جبارين مدير مركز عدالة الحقوقي لـ"العربي الجديد" إن إقحام أسيرات الداخل اللواتي لم تتم إدانتهن بعد، واعتقلن على خلفية منشورات بمواقع التواصل فقط في هذه الصفقة، يأتي لهدف سياسي من أجل ملاحقتهن بعد هذه الصفقة من جانب، ومن جانب آخر التحريض على فلسطينيي الداخل بأنهم كانوا داعمين لما حدث في 7 أكتوبر (عملية طوفان الأقصى).
وأضاف: "نحن ضد هذه الخطوة التي لم تطلبها حماس كما تبين لنا، ونرى أن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وراءها لإثبات أن كل الاعتقالات وكل التهديدات ضد حرية التعبير وحرية التظاهر وتقديم لوائح اتهام ضد العرب، كانت لها مصداقية، ولإثبات أنّ أبناء الداخل داعمون للإرهاب".
وأوضح أن هذه الخطوة تهدف للإثبات أيضاً أن "الطالبات الفلسطينيات في جامعة حيفا ومعهد التخنيون وجامعة تل أبيب اللواتي اعتقل عدد منهن، داعمات لهجوم 7 أكتوبر، وبذلك تبرر جميع التقييدات ضدهن".
واعتبر جبارين أنّ أسباباً "عنصرية سياسية" وراء هذه الخطوة "التي لم تأتِ من أجل مصلحة النساء". وقال: "كان الحري بهم (حكومة الاحتلال) أن يخرجوا فقط اللواتي تمت إدانتهن في 'هبة الكرامة' وحكمن بسنوات طويلة، وليس الموقوفات اللواتي يجب أن يطلق سراحهن عملياً من دون صفقة، إذ لا مصداقية للوائح الاتهام ضدهن".
من جهته، قال المحامي عمر خمايسي مدير مؤسسة ميزان الحقوقية في الناصرة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن إدراج أسماء من الداخل كان بقرار من الحكومة "وهي من تتحمل تبعات ذلك" مضيفاً: "بالتالي لا يمكن تحميل المعتقلين والمعتقلات ما بعد 7 أكتوبر تبعات الهجوم والتحريض الأرعن الذي بدأ من قبل الجهات اليمينية وجهات أخرى لاستغلال الموضوع سياسياً بتعبئة المجتمع اليهودي، ضد أبناء المجتمع العربي".
وقال خمايسي إن معتقلي الداخل وعائلاتهم ليسوا طرفاً في وضع قوائم الأسرى "لذلك لا يمكن الحديث حول ماذا يحمل ذلك من تبعات قانونية". وأضاف: "عندما يكون هناك مطلب بالإفراج عن كل من يتواجد في الأسر من النساء، على إسرائيل أن تضع أسماء جميع الأسيرات، بغض النظر عن أي تصنيف حسب الفصيل أو الجنسية من الداخل أو من القدس أو من الضفة، لذلك، وفي نهاية المطاف الذي يتحمل المسؤولية وتبعاتها هو الحكومة الإسرائيلية كون المواطَنة فيها عقد بين المواطن ومؤسسات الدولة".
بدوره، قال المحامي علاء محاجنة إن "الإشكال القانوني يكمن في أن كل شخص لم تتم إدانته من خلال قرار نهائي وغير قابل للطعن، لا يزال بريئاً، بالتالي فإنّ إدراج أي أسيرة ضمن صفقة، يتضمن افتراضاً ضمنياً أنّها مدانة بنظر دولة إسرائيل". وأضاف: "هناك إشكال آخر يتمثل بالتخوف من مغبة إعادة ملفات المحررين أو مواصلتها في حالة حدوث إخلال في شروط الصفقة التي لا نعرفها حتى الآن".
وقال: "من خلال خبرتنا في صفقات سابقة فإن إسرائيل أعادت اعتقال من تم إطلاق سراحهم بناء على بنود كانت بالصفقة، والتي تجيز إعادة سجن المحررين بمحكوميتهم الأولى في حال، مثلاً، نشطوا في ما يسمى عملا إرهابيا أو في حال الانتساب الى منظمة غير قانونية".
وتساءل المحامي: "هل هذا يضعف مفهوم المواطنة؟" مضيفاً: "نحن بالداخل الفلسطيني لنا ميزة خاصة. نحن مواطنون كاملون بدولة إسرائيل. أنا لا أتحدث عن الحقوق، ففيها غبن تاريخي وحاضر موجود بسبب تعريف الدولة كيهودية. لكن من ناحية رسمية نحن مواطنون، بالتالي على أي أساس يتم إدراج الأسيرات بهذه الصفقة دون إدانة؟".
ورأى محاجنة أنّ "مقايضة" معتقلين لم تتم إدانتهم، ينطوي على "إشكال سياسي أو سياسي قانوني" لافتاً إلى أن أحد الأمثلة على تبعات هذه الخطوة، صدور تصريح رسمي من معهد "التخنيون" بأنه إذا تم إدراج طالبة من المعهد في الصفقات فإنّ ذلك يعني أنها لن تستمر في تعليمها بالمعهد.