بعد تطبيق حزم متتالية من "قانون قيصر" الأميركي على النظام السوري، وبعد تقديم 150 عضواً في مجلس النواب الأميركي في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول الماضي مسودة مشروع قانون جديد إلى الكونغرس لفرض عقوبات بحق المؤسسات المالية والمصارف التي تربطها علاقة مع شبكة بشار الأسد الاقتصادية في كل من سورية ولبنان، تعمل حالياً مجموعة من الناشطين الحقوقيين السوريين، وعدد من المنظمات الحقوقية السورية، من أجل حثّ الاتحاد الأوروبي على إصدار قانون عقوبات أوروبي على هذا النظام على غرار "قانون قيصر".
على الرغم من أهمية العقوبات التي طُبقت، ومشاريع القوانين التي طُرحت، والجهود التي تبذل لإصدار قوانين جديدة تفرض على النظام، إلا أن البحث في نتائج وجدوى تطبيق تلك العقوبات، خصوصاً "قانون قيصر" الذي تم تطبيقه بالفعل، يبيّن أن تأثير تلك العقوبات يستهدف المواطنين الذين يعيشون في ظل سلطة النظام بالدرجة الأولى، كما يؤثر على بعض البنى الاقتصادية لحكومة النظام، من دون أن يؤدي إلى إحداث تغيير يسهم في سقوطه. وبالتالي، فإن من يسنّ تلك العقوبات، أو يسعى لسنّها، إما يدرك أن تلك العقوبات لن تؤدي إلى أي نتيجة بما يتعلق بسلوك النظام، وإنما هدفها يقتصر فقط على حثّ النظام على تقديم بعض التنازلات بما يتعلق بإعادة تأهيله. ومن الممكن أن يكون يتعامل مع النظام بشكل متناقض، فهو يفرض عليه عقوبات لأنه مجرم وقاتل، ومن ناحية أخرى، بحسب نتائج تلك العقوبات، فهو يتعامل معه وكأنه نظام أخلاقي يتأثر بتراجع الوضع المعيشي لمواطنيه، أو بتأثر بعض بناه الاقتصادية، متناسياً أنه نظام مجرم ولا يهمه سوى البقاء في السلطة، حتى لو تعرض كل المواطنين لمجاعة وحتى لو انهارت كل البنى الاقتصادية في البلد.
كما أن القوانين التي تفرض عقوبات على الدول غير المرضي عنها من المجتمع الدولي أثبتت عدم جدواها في كل الدول التي فرضت بحقها عقوبات، مثل العراق، وإيران، وكوبا، وكوريا الشمالية، وغيرها، إذ استمرت الأنظمة في تلك الدول عقوداً من الزمن وهي تحت العقوبات، التي لم تؤثر بمعنى المساهمة في تغيير هذه الأنظمة، بل على العكس استطاعت كل تلك الدول التأقلم مع ذلك الواقع والالتفاف عليها. أما من تأثر فعلياً فهي الشعوب، الأمر الذي يجعل من كل العقوبات التي تُفرض على النظام السوري بلا جدوى، ما لم تكن عقوبات سياسية تستهدف النظام بشكل مباشر ومؤثر.