استمع إلى الملخص
- تهدف الزيارة إلى تهنئة الشعب السوري باستعادة حريته، مع التركيز على لقاء الشرع فقط. تعتمد العلاقة بين جنبلاط والنظام السوري الجديد على توجهات النظام وصياغة الدستور.
- تعبر أوساط إعلامية عن هواجس جنبلاط تجاه المخططات الإسرائيلية بالدروز، مؤكدة على أهمية مشاركة الدروز في العملية السياسية السورية الجديدة.
الزيارة الأولى لجنبلاط إلى سورية منذ 2011
يرافق جنبلاط وفد كبير من نواب كتلته
هواجس لدى جنبلاط من المخططات الإسرائيلية حيال الدروز
يعتزم الرئيس السابق الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني وليد جنبلاط زيارة سورية يوم الأحد على رأس وفد سياسي وديني للقاء القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، لتهنئته بانتصار الثورة السورية على نظام بشار الأسد الاستبدادي. وهذه الزيارة هي الأولى لجنبلاط منذ يونيو/ حزيران 2011، والأولى لقيادي لبناني منذ سقوط نظام الأسد، وتأتي بعد اتصال هاتفي أجراه الأخير مع الشرع قبل أيام، شدّدا خلاله على "وحدة سورية، ورفض كل مشاريع التقسيم، وإعادة بناء دولة حاضنة لجميع أبنائها".
وتوقف القائد العام للإدارة السورية الجديدة، بحسب بيان صادر عنه، عند موقف جنبلاط المناهض لنظام الأسد، ونصرته الثورة السورية، و"ما دفعه من ثمن كبير بسبب ظلم النظام السوري". ويفعّل جنبلاط في الفترة الأخيرة حراكه على الساحة السياسية، سواء بزيارته فرنسا ولقاء الرئيس إيمانويل ماكرون ومن ثم اجتماعه مع رئيس البرلمان نبيه بري وإعلانه كأول كتلة ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون بشكل رسمي للرئاسة، وذلك على مسافة أيام من انعقاد الجلسة التشريعية في 9 يناير/ كانون الثاني المقبل.
في الإطار، يقول الصحافي صلاح تقي الدين، رئيس تحرير جريدة الأنباء (يملك امتيازها جنبلاط)، لـ"العربي الجديد"، إنّ "سبب الزيارة الرئيسي هو تهنئة الشعب السوري باستعادة حريته بعد 54 سنة من حكم عائلة الأسد وبعد 61 سنة من حكم حزب البعث".
ويشير تقي الدين إلى أنّ "الزيارة ليست متسرّعة بالنسبة إلى هدفها الأساسي وهو التهنئة، لذلك فإن المناسبة فرضت نفسها بتوقيتها وزمانها، والوفد المشارك كبير جداً، ويضم نواب كتلة اللقاء الديمقراطي ومن مشيخة العقل وقضاة المذهب، وبالتالي فإن طابعها درزي أكثر، مع التشديد على أن سورية موحّدة وكل أبنائها يجب أن يكونوا مشاركين في هذا التغيير".
ويؤكد تقي الدين أنّ "الزيارة ستشمل لقاء الشرع فقط لا غير، وبحجمنا كوليد جنبلاط ممثل للطائفة الدرزية سنوجه رسالة خاصة، والدليل مشاركة شيخ العقل د. سامي أبي المنى فيها، فهناك مثلاً وضع خاص للسويداء التي شاركت في الحراك وكانت أول من انتفض ضد النظام السابق"، مشدداً في المقابل على أن لا زيارة مقرّرة إلى تركيا.
كذلك، يشير إلى أن "العلاقة بين جنبلاط والنظام الجديد في سورية تتوقف عند توجه النظام وطريقة صياغة الدستور الجديد وتوجّهاته العربية والتي بحسب ما يظهر الآن ستكون مبنية على الانفتاح، وهذا ما نريده، أن يكون لكل جانب حدوده، ولا نريد تداخلاً كما كان يحصل في الماضي مع نظام بشار الأسد".
هذا ويؤكد رئيس تحرير جريدة الأنباء أنّه "لم يتم البحث بالملف الرئاسي اللبناني مع الشرع في الاتصال الذي أجري مع جنبلاط، ولسنا بوارد البحث مع سورية في موضوع الرئاسة في لبنان مهما كان شكل النظام، والشرع وضّح أساساً أنه لا يتدخل في الشأن اللبناني، وفي حال انتخب قائد الجيش العماد جوزاف عون سيدعمه".
وأمل تقي الدين أن "تكون سورية الجديدة دولة سياديّة منفتحة على الجميع، لا تتدخل في الشأن اللبناني لا بالوصاية ولا بالفرض، وأن تعتبر أنّ لبنان جارها الذي يدعمها وتدعمه لكن كبلدين مستقلين سياديين".
هواجس جنبلاط حيال مخططات إسرائيلية
وكانت أوساط إعلامية مقرّبة من جنبلاط تحدّثت عن هواجس تسكنه حيال ما يخفى من مخططات إسرائيلية تجاه الدروز في جبل العرب وأطماع بتبدلات على هذا المستوى مترافقة مع ضخ إعلامي ومغريات. وتوقفت هذه الأوساط عند كلام رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو خلال زيارته التفقدية إلى سفوح جبل الشيخ، وقبل ذلك توسيع دائرة الاستيطان في المنطقة العازلة في الجولان المحتل، وهي مؤشرات مقلقة بالنسبة إلى جنبلاط.
وقالت جريدة الأنباء في مقال لها إنّ "جنبلاط شغّل محركاته الخارجية على أكثر من مستوى، بهدف تعطيل مشاريع سياسية وعسكرية تتعلق بدروز سورية، وخصوصاً مدينة السويداء، جارة درعا والقنيطرة اللتين تتوغل فيهما إسرائيل".
ويوم الثلاثاء الماضي، عقدت الهيئة العامة للمجلس المذهبي للطائفة اجتماعاً استثنائياً لها في دار الطائفة في بيروت، أكدت في ختامه أن "إخواننا الموحدين في سورية ركيزة أساسية من ركائز البلاد، وركن ثابت من أركان سورية، تغنّى بهم التاريخ وأغنت تجربتهم الصعوبات، وهم اليوم محتفلون كإخوانهم السوريين بالانعتاق من قيود دولة الفساد والإفساد والاستبداد التي قبضت على الشعب السوري على مدى خمسين سنة ونيفاً، وقادرون على التفاعل الإيجابي مع الواقع الجديد بانفتاح ومسؤولية".
وأضاف البيان الختامي "إذا كانت مشاركتهم موجبة وضرورية في مسيرة النهوض، فإن إشراكهم بفعالية في العملية السياسية والعمل الحكومي، وفي صياغة الدستور الجديد، وفي إدارات الدولة هو حق وواجب، مع التأكيد على وحدة الموقف الوطني واعتماد سياسة التسامح والانفتاح، والتمسك بمبادئ العدالة والمساواة، وتبني النهج الديمقراطي الحر".
وشدّد على أن "إخواننا المسلمين الموحدين الدروز في جبل العرب وفي الغوطة والإقليم وجبل السماق هم جزء لا يتجزأ من الشعب السوري، بل هم طليعة المدافعين عن استقلال سورية، والمطالبين دائماً بالوحدة الوطنية"، مؤكداً "الالتزام بنهج الأسلاف من قادة الجبل والطائفة الذين رفضوا محاولات سلخهم عن محيطهم العربي وتقسيم وطنهم وتجزئته تحت أيِّ شعار".
وأعلن البيان عن تشكيل وفد رسمي لزيارة سورية لتقديم التهنئة لقيادة الثورة باسم طائفة الموحدين الدروز في لبنان "تأكيداً على العلاقة التاريخية الطبيعية الدائمة بين البلدين، وعلى دور طائفة الموحدين الدروز الطليعي في جميع مراحل النضال من أجل التحرر والاستقلال وبناء الوحدة الوطنية وتأكيد الانتماء العربي والإسلامي".
وخلال الاجتماع قال جنبلاط إنه "لا يمكن إلّا أن نتعاطى بإيجابية وانفتاح مع النظام الجديد، ولا بد من تصحيح بعض الأخطاء التاريخية عند البعض، نريد سورية ديمقراطية ومتعددة ومتنوعة يقرر أهلها مستقبلها، نحترم الخصوصيات السورية ونساعد من بعيد ومن قريب عند الضرورة".