بعد أكثر من أسبوعين على إقرار البرلمان العراقي قانون الانتخابات الجديد بصيغته التي تعتمد الدوائر المتعددة، ومصادقة رئاسة الجمهورية على القانون، تتحدث قوى سياسية عراقية مختلفة، عن حراك برلماني لكتل عدة من أجل الطعن في القانون والمطالبة بتعديل القانون.
وينذر هذا الحراك البرلماني بوجود مشروع سياسي لعرقلة إجراء الانتخابات في موعدها المحدد في السادس من يونيو/حزيران العام المقبل، ويشير إلى وجود قوى حليفة لإيران تشارك فيه.
وأنهى البرلمان العراقي التصويت على قانون الانتخابات بعد جدل وخلافات سياسية دائمة دامت لعدة أشهر، في 29 من أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، وصادق الرئيس العراقي برهم صالح على القانون بصيغته النهائية الأسبوع الماضي.
ويعتبر القانون الجديد أحد أبرز ما تحقق من التظاهرات الشعبية التي اندلعت في مدن عراقية عدة طالبت بالإصلاحات، إذ رضخ البرلمان لمطلب قانون الانتخابات الجديد. وكان القانون السابق مفصلاً على مقاس الأحزاب والكتل السياسية الرئيسية في البلاد بشكل يمنع أي فرصة للأحزاب والمرشحين المستقلين بالفوز.
وقال علي الغانمي، عضو البرلمان العراقي عن "ائتلاف دولة القانون"، الذي يتزعمه نوري المالكي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "هناك قوى سياسية مختلفة، تجري حراكا برلمانيا جادا، يهدف الى تعديل قانون الانتخابات الجديد، لما فيه من مخالفات قانونية ودستورية، كونه مُرر على عجالة، وفق أهواء وتوجهات سياسية محددة".
وبين الغانمي أن "الحراك لتعديل قانون الانتخابات يهدف إلى إجراء تصحيح في بعض الدوائر الانتخابية في المحافظات، وكذلك طريقة التصويت، وحصر أن تكون آلية التصويت بالاعتماد على البطاقة البيومترية، لمنع أي عمليات تزوير، تريد بعض الجهات القيام بها، كما تفعل في كل انتخابات"، حسب قوله.
واعتبر الغانمي أن "تعديل قانون الانتخابات لا يحتاج إلى تدخل المحكمة الاتحادية"، وذلك رداً على سؤال لـ"العربي الجديد"، حول كيفية الطعن في القانون بغياب المحكمة الاتحادية بسبب اختلال نصابها منذ عدة أشهر.
وأضاف الغانمي أن "تعديل القانون أو إلغاءه بحاجة إلى قانون، والقانون يقدم من قبل رئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء، أو بتقديم مقترح قانون من خلال تقديم أكثر من 10 نواب طلبا بذلك، وطلبات النواب بهذا الأمر تجاوزت الـ(100) نائب حالياً".
إلى ذلك، قال رئيس كتلة بيارق الخير البرلمانية، النائب محمد الخالدي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "قانون الانتخابات الجديد، شُرع من أجل جهات وشخصيات سياسية محددة، تريد السيطرة على المشهد السياسي في المرحلة المقبلة، ولهذا هو صٌوت عليه بفرض الإرادات، من دون موافقة الجميع عليه".
وبين الخالدي أن "النواب من كتل سياسية مختلفة، جمعوا التواقيع لغرض تعديل القانون خلال الأيام المقبلة، ويتم حالياً إعداد صياغة التعديل المطلوبة، وسيتم تسليمها إلى رئاسة البرلمان، بعد نشر القانون في الجريدة الرسمية، ليتم تعديله، فلا يمكن تعديله حالياً إلا بعد نشره في الجريدة الرسمية، حتى يدخل القانون حيز التنفيذ".
واعتبر أن "بقاء القانون الانتخابات الجديد، من دون تعديل، يعني بقاء المشهد السياسي من دون أي تغيير، وأن نفس الوجوه ستبقى مسيطرة على المشهد البرلماني والحكومي، بعد الانتخابات المقبلة، وهذا يخالف ما يريده الشعب العراقي، الذي انتفض ضد هذه الشخصيات والوجوه في ثورة تشرين".
بدوره، قال النائب عن تحالف سائرون علي اللامي، لـ "العربي الجديد"، إن "قانون الانتخابات الجديد، مرر وفق توافق غالبية القوى السياسية، والحراك الذي يهدف إلى تعديل القانون لا يستهدف القانون، بل يستهدف الانتخابات المقبلة بشكل خاص".
وبين اللامي أن "هناك قوى سياسية تريد عرقلة إجراء الانتخابات المقبلة، من خلال عودة الخلافات السياسية حول قانون الانتخابات وتعجيله، خصوصاً وأن هناك أطرافا سياسية ترفض هذا التعديل، وهذا يعني إعادة الصراعات السياسية من جديد، والتي تحتاج إلى أشهر جديدة لحسمها".
وأضاف أن "هناك قوى سياسية تدرك جيداً خسارتها في الانتخابات المقبلة، وفقدانها النفوذ والمقاعد البرلمانية، ولهذا هي لا تريد إجراء الانتخابات، وتريد بقاء الوضع على ما هو عليه حالياً، حتى يبقى نفوذها وسيطرتها على المشهد السياسي".
بالمقابل، اعتبر المحلل السياسي العراقي أحمد الشريفي تعديل قانون الانتخابات، بأنه "صعب جداً"، مضيفاً لـ"العربي الجديد"، أن هذا القانون مُرر في البرلمان وفق أغلبية برلمانية كبيرة، وكانت هناك معارضة لهذا القانون، لكنها فشلت في عدم تمريره".
وبين الشريفي أن "فشل تلك القوى السياسية في عدم تمرير القانون، سيتكرر في التعديل أيضا، كون هناك أغلبية برلمانية تريد مضي القانون كما هو"، مبيناً أن القانون تم تمريره وفقاً لقواعد الأحزاب التي وافقت عليه ورسمت دوائر الانتخابات وفقاً لنفوذها السياسي في المناطق العراقية المختلفة".
وتوقع الشريفي أن من سيأتي من الوجوه الجديدة في الانتخابات المقبلة التي ستجري على أساس القانون الجديد لن تستطيع إحداث تغيير حقيقي في المعادلة السياسية الحالية.
ومطلع أغسطس/ آب الماضي، قرّر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي تحديد السادس من يونيو/ حزيران 2021 موعداً لإجراء الانتخابات التشريعية المبكرة، وأعلن عن استعداد حكومته لدعم العملية الانتخابية، وتوفير مستلزماتها المالية والفنية.