قال أمين عام حزب الله حسن نصر الله إن "المقاومة اليوم أقوى ممّا كانت عليه منذ عام 1982 عسكرياً، أمنياً، سياسياً، شعبياً، ومعنوياً في لبنان والمنطقة، كذلك لم تكن ظروفها الداخلية والإقليمية أفضل ممّا هي عليه اليوم".
يأتي كلام نصر الله، مساء الأربعاء، في عيد "المقاومة والتحرير" (25 مايو/ أيار 2000، تاريخ خروج آخر جندي إسرائيلي من لبنان)، كرسالةٍ للقوى السياسية التي فسّرت كلمته الأخيرة "الهادئة" الداعية للشراكة والتعاون كعلامة ضعفٍ وإقرارٍ بخسارة الانتخابات النيابية، معتبراً أن التباساً حصل عندها وذلك نتيجة خلل بالفهم والنوايا.
وقال نصر الله "هذه المقاومة أقوى ممّا تتوقّعون وتتصوّرون ومعنوياتها عالية. بالواقع المقاومة قوية ونحن نشعر أننا أقوى من أي زمن مضى ولا أحد يحسب خطأ".
وأشار أمين عام حزب الله إلى أن الدولار قفز إلى ما فوق 34 ألف ليرة لبنانية، والأزمات تتفاقم على مستوى الخبز والطحين والمحروقات وغير ذلك، وهناك من يتحدث عن جنس الملائكة وشغلهم الشاغل المقاومة وسلاحها، وهذا يعبّر عن فقدان روح المسؤولية، متوجهاً لهؤلاء بالقول "فليكن هناك دولة أولاً وبلد وبعدها طالبوا بتسليم سلاحنا، الدولة بالمسار الذي تفكرون به ذاهبة ومؤسساتها نحو الانهيار، حتى الجيش والقوى الأمنية في معاناة اقتصادية والقيادتان تشكوان وتنعيان، فلتحلّوا مسألة الليرة والرواتب والحد الأدنى من الحياة في البلد لتبقى الدولة والجيش وبعدها نتحدث عن تسليم السلاح".
وجدد نصر الله الدعوة من "موقع القوة والاقتدار"، وفق تعبيره، لجميع القوى السياسية للشراكة والتعاون في هذه المرحلة، راسماً خيارين لا ثالث لهما، إما لبنان القوي والغني، أو لبنان الضعيف والمتسوّل، قاصداً بالخيار الأول الذي يدعو إليه ويريده لبنان القوي بالمعادلة الذهبية الجيش والشعب والمقاومة التي أثبتت قدرة لبنان على التحرير عام 2000 وعام 2006 والحماية منذ عام 2000 وحتى اليوم، وكذلك القوي بتحصيل حقوقه وثرواته من النفط والغاز والمياه.
وتحدث نصر الله عن "دراسة تقول بأن الثروة النفطية والغازية الموجودة في المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة تصل إلى 500 مليار دولار، وقرأنا بوسائل إعلام العدو الإسرائيلي أنهم بدأوا بإبرام عقود لتصدير الغاز بينما نحن اللبنانيين نتفرج ولا نقدر على فعل شيء. هناك ثروات هائلة يمكن من خلالها تسديد الدين العام وإعمار لبنان وخلق فرص عمل وتحسين سعر الليرة، عندما يبدأ لبنان باستخراج ثروته وبيعها".
وتابع "تريدون استراتيجية دفاعية هناك موضوع الغاز والنفط اللبناني في المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة فليكن هناك إجماع وطني لحماية هذه الثروة واستخراجها وبيعها وهذا الخيار موجود ومتاح لتحسين أوضاع كل اللبنانيين لكنه يحتاج إلى جرأة، وتخطي عتبة الخوف والحسابات الضيقة والشخصية والأميركيين والإسرائيليين".
الخيار الثاني: لبنان الضعيف
أما الخيار الثاني فهو، بحسب نصر الله، لبنان الضعيف المتسوّل على أبواب صندوق النقد الدولي وسفارات الدول وبعض دول الخليج، علماً أنهم مهما قدموا المساعدات ولو بلا قيد أو شرط أو منّة تبقى قليلة لحل مشاكل لبنان بينما الحل لا يكون إلا بلبنان القوي.
ويُعرَف حزب الله بموقفه الرافض للاتفاق مع صندوق النقد الدولي والخضوع لشروطه، وكان وزراء حزب الله إلى جانب المحسوبين على حركة أمل قد اعترضوا على خطة التعافي المالية التي أقرتها حكومة نجيب ميقاتي يوم الجمعة الماضي، قبل دخولها مرحلة تصريف الأعمال، علماً أن وزير المال يوسف الخليل، المحسوب على "حركة أمل" (يتزعمها نبيه بري)، حليف حزب الله، من صنّاعها وأبرز المفاوضين مع صندوق النقد الدولي ومن المدافعين عن المصارف.
من جهة ثانية، أشار نصر الله إلى "أننا لا نقاتل من أجل السلطة التي لا تعني لنا شيئاً بل دفاعاً عن بلدنا وشعبنا وتحرير وطننا، كما لا نطالب بحصص وكيفية توزيعها وتغيير نظام سياسي كما نُتهم، وعندما دخلنا الحكومة عام 2005 فعلنا ذلك لنكون صوت المقاومة ولحماية ظهرها، وبمجرد دخولنا أصبحنا معنيين بملفات الناس". مع العلم أن حزب الله وحلفاءه عطلوا البلد في أكثر من مرحلة واستحقاق لتحاصص المواقع والمقاعد الوزارية وتحديد شكل الحكومات.
وهاجم نصر الله الأحزاب السياسية والشخصيات التي تسأل "من كلفنا بقتال العدو"، فقال "غريب هذا السؤال، ويعبّر عن تخلف سياسي وانحطاط أخلاقي، في وقتٍ كان بلدنا محتلا ورجاله ونساؤه في السجون"، وردّ نصر الله السؤال "نحن دافعنا عن وطننا وأنتم ماذا فعلتم؟"، مشدداً على أن المقاومة تؤمن حماية لبنان ضمن المعادلة الذهبية، والحماية المنجزة اليوم أسس لها انتصار 25 مايو 2000.
بالتزامن مع عيد "المقاومة والتحرير"، غردت النائبة حليمة القعقور، التي تمثل القوى التغييرية في لبنان: "نحتفل اليوم بالتحرير، ثم تصل خلال أيام سفينة إنتاج النفط والغاز إلى حقل كاريش الذي يمتد أكثر من نصفه في مياهنا اللبنانية، ليشرع الاحتلال الإسرائيلي بسرقة ثرواتنا الطبيعية بينما قرار تعديل المرسوم 6433 واعتماد الخط 29 لا يزال مختطفاً من دون أن يعرض على مجلس الوزراء".
نحتفل اليوم بالتّحرير، ثمّ تصل خلال أيّام سفينة إنتاج النّفط والغاز إلى حقل كاريش الذي يمتدّ أكثر من نصفه في مياهنا اللّبنانية، ليشرع الاحتلال الإسرائيليّ بسرقة ثرواتنا الطّبيعيّة، بينما قرار تعديل المرسوم 6433 واعتماد الخط 29 لا يزال مختطفًا دون أن يعرض على مجلس الوزراء.
— Halimé El Kaakour (@halime_el) May 25, 2022
1/2 pic.twitter.com/sL5uBVO4n8
ولم يوقع الرئيس اللبناني ميشال عون بعد على تعديل المرسوم 6433 – تحديد حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان الذي من شأنه أن يصحح حدود لبنان البحرية بحيث ينتهي الخط الجنوبي عند نقطة 29 التي ستتحول إلى نقطة التفاوض مع الاحتلال الإسرائيلي بدلاً من النقطة 23 قبل التعديل، ما يضيف 1430 كلم2 إلى المساحة السابقة 860 كم2 التي كان قد فرضها الخط 23، في حين يتهم عون بالتنازل عن حقوق لبنان للعدو عند اعترافه بأن النقطة 23 هي حدود لبنان وذلك إبان زيارة الوسيط الأميركي آموس هوكستين الأخيرة إلى لبنان.
تجدر الإشارة إلى أن ملف ترسيم الحدود البحرية والمفاوضات غير المباشرة بين لبنان والاحتلال الاسرائيلي كان من أول الملفات التي فتحت بعد الانتخابات النيابية وفي خلال جولة القائد الجديد للقيادة الوسطى الأميركية الجنرال مايكل كويلا مع السفيرة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المسؤولين اللبنانيين، وبينهم عون، الذي تمنى خلال اللقاء معاودة الوسيط هوكستين مساعيه خصوصاً بعد إتمام الاستحقاق النيابي.