اقرأ أيضاً غزة تنتظر انفراجات بعد لقاءات "حماس" المصرية
وشكا فلسطينيون في السنوات الثلاثة الأخيرة من تغير صورة الفلسطيني في الشارع المصري. وبات الفلسطيني في مصر غير آمن على نفسه، بعكس ما كان يلقاه من معاملة حسنة وترحيب منقطع النظير قبل ثورة يناير وبعدها لغاية انقلاب 3 يوليو 2013. ويعني الطلب المصري بالتأكيد أنّ الإعلام المُحرّض على غزة و"حماس" تمكن من زيادة الفجوة بين الفلسطينيين والمصريين.
واتهمت "حماس"، أكثر من مرة، وسائل الإعلام المصرية بشنّ حملات تحريض منظمة ضدها وضد القطاع، وإلقاء التهم جزافاً من دون أدلة، وتغييبها عن الرد على كل الاتهامات في هذا الشأن.
وفي السياق، يشير الباحث في شؤون الحركات الإسلامية بغزة، ثابت العمور، إلى أنّ هناك حالة من الضرر أصابت العلاقات الشعبية بين الجانبين، نتيجة حملة التحريض الكبيرة التي كانت تشنّ على القطاع، وحتى وصلت للصورة النمطية، وتحولت إلى واقع عبر مضايقات للفلسطينيين في مصر. ويوضح العمور في حديث لـ"العربي الجديد" أنّ حملة التحريض في ظاهرها اتهام لـ"حماس"، لكن تبعاتها أفضت إلى شيطنة كل الشعب الفلسطيني. ويلفت إلى "أننا بحاجة إلى تدشين حملة قوية لتغيير هذه الصورة، وإعادة الوضع لما كان عليه مسبقاً، وكذلك إلى قرار بوقف الاتهامات من قبل الإعلام المصري الخاص لحماس وغزة وللشعب الفلسطيني عموماً". ويبينّ العمور أنه يمكن تحسين الصورة عبر الحملة الإعلامية التي يجري الحديث عنها، لكن القضية بحاجة إلى وقت وإذابة الجليد المتراكم، متوقعاً أنّ تُسهّل اللقاءات السياسية بين "حماس" والاستخبارات مثل هذه المهمة.
ويعتبر العمور أنه "لو قدر لهذا الوفد أنّ يتحرك إعلامياً في مصر، وأنّ يُسمح له باجراء مقابلات تلفزيونية، وأنّ تتاح مساحة له، سيكون له تأثير في دحض الاتهامات، وتأكيد عدم التدخل الفلسطيني في الشأن المصري والأحداث التي تجري في البلاد". ويجزم أنّه لم يكن ممكناً استمرار القطيعة بين غزة ومصر، بغض النظر عن من يحكم في مصر أو يسيطر على غزة، سياسياً وعسكرياً وأمنياً ولوجستياً، مشيراً إلى أنّ هناك مصالح اقتصادية وسياسية واجتماعية، لا يمكن أنّ تبقى مقطوعة إلى الأبد.
من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، أنّ النظام المصري الحالي يدفع حركة "حماس"، من خلال طلبه تحسين صورته في الإعلام، إلى تقديم مواقف عملية مقنعة تؤكد مصداقية الحركة في تحسين علاقتها بالنظام المصري الحالي. ويؤكد عوكل لـ"العربي الجديد" أنّ "حماس" بدأت في محاولة تحسين صورتها، من خلال الكثير من المواقف على الأرض، مشيراً إلى أنّ الجانب المصري يريد من "حماس" في المرحلة الحالية تكثيف الإعلان عن المواقف التي اتفقوا عليها على الأقل في اللقاء الأول من نوعه، بعد أكثر من عامين من التحريض والقطيعة، والزج باسم الحركة في الكثير من القضايا الداخلية.
ويوضح عوكل أنّ الحملات الإعلامية ستؤدي دوراً كبيراً وأثراً بارزاً في تحسين صورة حركة "حماس" بشكل خاص لدى الإعلام والشعب المصري، الذي يعد مستجيباً للإعلام، وسيتعامل بإيجابية مع المواقف التي يمكن أنّ تقدمها الحركة. وينوه إلى أهمية استغلال التقارب الحالي بين حركة "حماس" والنظام المصري من أجل العمل على إعادة بناء الثقة، وتحسين سمعة الحركة في إطار التقارب السياسي القائم حالياً من أجل وقف التحريض الإعلامي ضد قطاع غزة، والشعب الفلسطيني في غزة.
كذلك يعتقد عوكل أنه يتوجب على الحركة المسيطرة على القطاع منذ عام 2007 استغلال حالة التقارب مع مصر حالياً، من أجل استثمارها لإتمام المصالحة الفلسطينية وإحداث انفراجة حقيقية في ظل العلاقة المميزة التي تربط النظام المصري بالسلطة الفلسطينية. ويبين أنّ "حماس" توجهت نحو القاهرة بعد فشل كل الخيارات والبوابات الأخرى في إحداث اختراق حقيقي في ملف الحصار الإسرائيلي المفروض منذ عشر سنوات، أو تحريك ملف الجنود الأسرى المفقودين في غزة منذ الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع 2014.
ويلفت عوكل إلى أنّ مصر تُعتبر الوحيدة القادرة على إحداث تغير نوعي في واقع قطاع غزة، من خلال اتصالاتها مع الحكومة الإسرائيلية، فضلاً عن قدرتها على تحريك الملفات العالقة المتمثلة في التخفيف من الحصار، والجنود الأسرى. ويؤكد أنّ الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من التقارب، واستعادة الثقة المفقودة بين حركة "حماس" والنظام المصري الحالي، إلا أنّه توقع في الوقت نفسه أنّ تأخذ ترجمة هذه الثقة وتحولها إلى نتائج عملية على الأرض مزيداً من الوقت.
اقرأ أيضاً: مخرجات زيارة "حماس" للقاهرة... التزامات وتنسيق لاتفاق غير مسبوق