دعا رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق، اليوم الاثنين، البرلمان إلى إجراء تعديلات في الدستور الدائم الذي أقر رسميا في البلاد عام 2005، بعد نحو عامين على الاحتلال الأميركي للبلاد الذي حل الجيش السابق وفكك المؤسسات الدستورية، وألغى العمل بالدستور والقوانين التي كان معمولا بها.
واعتبر رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، أن الدستور صيغ في ظروف تختلف عن الظروف الحالية، متحدثا، في معرض تعليقه على الجدل الدستوري الذي شهدته البلاد في الأونة الأخيرة، عن أن بعض المشاركين في كتابته يطالبون اليوم بتعديله.
وهذه أول دعوة تصدر عن رئيس أعلى السلطات القضائية في البلاد بشأن الحاجة لتعديل الدستور، والذي يعتبر أحد أبرز مطالب المتظاهرين والناشطين المدنيين في البلاد، على اعتبار أنه يتضمن مواد فضفاضة قابلة للتأويل ويرسخ الانقسام المذهبي والطائفي.
وبين زيدان خرق الدستور أكثر من مرة، مشيرا إلى أن أهم المواد التي تتطلب التعديل هي تلك التي تتطلب وجود أغلبية الثلثين لتشكيل السلطات، لافتًا إلى وجود إشكالية أخرى بشأن تفسير الكتلة البرلمانية الكبرى في الدستور.
ويرى البعض أن الكتل البرلمانية الكبرى هي تلك التي تكونت قبل الانتخابات من خلال قائمة انتخابية واحدة، ودخلت الانتخابات باسم ورقم معينين وحازت على العدد الأكثر من المقاعد، بينما يرى آخرون أنها الكتلة التي تجمعت من قائمتين أو أكثر من القوائم الانتخابية التي دخلت الانتخابات بأسماء وأرقام مختلفة، ثم تكتلت في كتلة واحدة ذات كيان واحد في مجلس النواب.
ونظرًا لذلك، يؤكد زيدان أن "أمام مجلس النواب مسؤولية تاريخية وواجباً وطنياً يتمثل بضرورة العمل على تعديل المواد الدستورية المتقدم ذكرها، لا سيما أنها مواد ليست خلافية وإنما قابلة لإعادة الصياغة بشكل يضمن عدم دخول البلد في حالة خرق أو فراغ دستوري مستقبلا".
واشترطت المحكمة الاتحادية في وقت سابق، توفر أغلبية الثلثين لأعضاء البرلمان البالغ عددهم 329 لانعقاد جلسة التصويت، على مجلس النواب، وذلك خلال تفسيرها المواد الدستورية المتعلقة بهذا الشأن، الأمر الذي أدى إلى فشل انعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي كانت مقررة في السابع من الشهر الحالي بسبب عدم اكتمال النصاب.
من جانبه، أكد عضو البرلمان عن "ائتلاف دولة القانون" جواد البولاني، اليوم الاثنين، أن لجوء الفرقاء السياسيين إلى المحكمة الاتحادية في هذه الدورة هو بسبب الدستور ومواده التي تتحمل أوجهًا عديدة من التفسيرات تتيح لكل شخص تفسيرها بحسب ما يخدمه، مضيفًا في تصريح صحافي أن تعديل الدستور بات "واجبًا وطنيًا".
وشدد على ضرورة إجراء مراجعة واسعة وشاملة للدستور العراقي، في ظل وجود الكثير من المواد التي تحتاج لمراجعة وتعديل، مبينا أن "البرلمان لديه التزام وطني كبير وهو إعادة مراجعة بنود الدستور وتعديل المواد والفقرات التي تسبب المشكلات السياسية".
وأكملت لجنة التعديلات الدستورية، التي سبق أن شكلها البرلمان العراقي، نحو عامين ونصف من دون تقديم أي مقترحات لتعديل فقرات دستورية جدلية طالب الحراك الاحتجاجي بتعديلها عند انطلاقه عام 2019.
وعلى الرغم من منح رئاسة البرلمان اللجنة 4 أشهر، اعتباراً من يوم تشكيلها في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، لإنجاز المهمة المكلّفة بها، ورفع مقترحاتها إلى مجلس النواب من أجل الموافقة عليها قبل عرضها على التصويت باستفتاء شعبي، إلا أن اللجنة تجاوزت هذه المدة من دون الوصول إلى اتفاق كامل بشأن التعديلات.