في وقت لم يبق فيه إلا أسبوع من ولايته، دافع الرئيس الإيراني حسن روحاني، اليوم الأحد، عن سجل حكومته، وسط هجمات يتعرض لها وحكومته من التيار المحافظ، والحديث عن أنه ورّث سلطة تنفيذية فاشلة، وكماً هائلاً من المشاكل لخلفه المحافظ إبراهيم رئيسي، الذي يتسلم مهامه يوم الخامس من الشهر المقبل، بعد يومين من إمضاء انتخابه رئيساً من قبل المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي.
إلا أن روحاني، من جهته، يحمّل البرلمان الذي يهيمن عليه المحافظون مسؤولية الوضع الراهن، وعدم رفع العقوبات الأميركية عن إيران.
وقال روحاني، اليوم الأحد، إن "بعض المشاكل لا علاقة لها بالحكومة لكنها تحسب عليها، فلو عُمل بموجب الصلاحيات اللازمة التي منحها لنا الدستور لكانت العقوبات مرفوعة عنا مطلع عام 1400 (الإيراني الذي بدأ في 21 مارس/آذار)"، وذلك في إشارة إلى قانون "الإجراء الاستراتيجي لإلغاء العقوبات" في البرلمان الإيراني، والذي يعتبر روحاني أنه نقض صلاحياته.
واتهم روحاني البرلمان الإيراني بأنه "كبّل يد الحكومة من خلال قراره"، أي القانون الذي أقره، مضيفاً: "لو كانوا يسمحون لنا بإكمال المفاوضات ولم يكبلوا أيدينا وأرجلنا، كنا قد توصلنا إلى اتفاق منتصف مارس. الوثيقة موجودة والاتفاق المجمل بيننا وبين المجموعة 1+5 واضح، لكن قرار المجلس (البرلمان) كبلنا".
كما انتقد عدم إقرار مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني انخراط بلاده في مجموعة العمل المالي الدولي "فاتف" ومقرها باريس، والتي أدرجت إيران على القائمة السوداء مطلع العام 2020، ما يقيد معاملاتها التجارية مع الخارج.
وشدد على أن إيران تعرضت لـ"حرب اقتصادية لا نظير لها في تاريخها، وربما قلّ نظيرها في تاريخ العالم"، منتقداً تحميل حكومته مسؤولية الأزمة الاقتصادية.
وقال: "غير صحيح أن يتصور البعض أن الحكومة هي المقصرة بشأن هذا الوضع الاقتصادي".
وتابع قائلاً إن "الحرب الاقتصادية لا علاقة لها بالحكومة. قد شنها رجل (دونالد ترامب) في البيت الأبيض. ثمة قضايا الحكومة غير قادرة على حلها وحدها، وثمة قضايا تحسب على الحكومة، لكنها لا علاقة لها بها".
في المقابل، ردّ رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) في إيران، عباس غلرو، على الاتهامات المتكررة الأخيرة لروحاني ضد البرلمان، معتبراً أن القانون الذي أقرته المؤسسة التشريعية "أجبر" الولايات المتحدة وأوروبا على إطلاق مفاوضات فيينا.
وأضاف، في مقابلة مع وكالة "مهر" الإيرانية، أن هذه المفاوضات "كانت نتيجة ذلك القانون" الذي قال إنه تم إقراره بغية رفع العقوبات وحماية الحقوق الإيرانية، مع تأكيده أنه "لم يضع أي مانع أمام المفاوضات".
وللدفاع عن هذا القانون، استشهد غلرو بتصريحات المرشد الإيراني حول القانون ووصفه بأنه "جيد يجب تنفيذه".
ويوم 1 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أقر البرلمان قانون "الإجراء الاستراتيجي لإلغاء العقوبات"، الذي جاء بعد أيام من اغتيال العالم النووي الإيراني البارز محسن فخري زادة رداً عليه. وينص على تنفيذ خطوات نووية تصعيدية، لإجبار الأطراف الأخرى على رفع العقوبات، منها رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20 في المائة، ثم 60 في المائة، وكذلك تعليق تنفيذ البروتوكول الإضافي الذي يحكم الرقابة الدولية الصارمة على البرنامج النووي، فضلاً عن خطوات أخرى.
لكن روحاني يرى أن إقرار هذا القانون وتنفيذ بنوده لاحقاً أفشل رفع العقوبات عن إيران خلال مارس/آذار الماضي، وذلك قبل أن تنطلق مفاوضات فيينا في إبريل/نيسان الماضي.
وخاضت إيران والولايات المتحدة ستّ جولات من مباحثات فيينا بشكل غير مباشر، بواسطة أطراف الاتفاق (روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا)، والجولة السابعة تواجه حالة غموض ولم يتم تحديد موعدها بعد. غير أن طهران أكدت، أخيراً، أن على أطراف المفاوضات الانتظار حتى تشكيل الحكومة الإيرانية الجديدة برئاسة إبراهيم رئيسي.
وتهدف المفاوضات المتبعثرة إلى إحياء الاتفاق النووي، عبر عودة واشنطن إليه من خلال رفع العقوبات المفروضة على إيران، مقابل عودة الأخيرة إلى التزاماتها النووية.
من جهته، وفي تقرير أرسله وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، إلى البرلمان، في وقت سابق من الشهر الحالي، اتهم إسرائيل بعرقلة عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي، من خلال اغتيال فخري زادة "فقط بعد ثلاثة أسابيع من انتخاب جو بايدن"، واصفاً بأنه "أول تجسيد عملياتي للتوجه الإسرائيلي الشامل لتدمير أو أقله تعقيد إمكانية عودة بايدن للاتفاق النووي".
وأورد ظريف في تقريره أن إسرائيل "نجحت نسبياً في منع بايدن من عودة سريعة للاتفاق النووي"، لكنه انتقد بشكل غير مباشر ردود فعل إيران على الاغتيال وحوادث أخرى، حيث أكد في التقرير أن "ردود الفعل الداخلية على استشهاد الدكتور فخري زادة وتفجير نطنز منها وقف تنفيذ البروتوكول الإضافي (الذي يحكم الرقابة الدولية على البرنامج النووي) وبدء تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 بالمائة، عقّدت عودة أميركا للاتفاق النووي".
وأضاف أن "المحاولات الثنائية لإيران وأميركا لصناعة أدوات ضغط تمثل أحد عوامل تعقيد عودة بايدن للتعهدات بالاتفاق النووي وإطالة أمدها".