روحاني يدعو لإعادة النظر بالدستور واتهام لواشنطن بتدبير هجوم المنطقة الخضراء في بغداد
دعا الرئيس الإيراني، حسن روحاني، اليوم الإثنين، إلى إعادة النظر في الدستور الإيراني والاستفتاء، وذلك كحل للخلافات بين السلطات الإيرانية بشأن القضايا الخلافية، في حين اعتبرت الخارجية الإيرانية أن الهجمات الصاروخية التي تعرضت لها السفارة الأميركية في بغداد، مساء الأحد، "أمر مشكوك فيه للغاية"، متهمة الإدارة الأميركية بتدبير هذه الهجمات.
وفي تصريحات له في مؤتمر "الحقوق الأساسية والمواطنة" في العاصمة الإيرانية طهران، أشار روحاني إلى طبيعة نظام الحكم في إيران وركنيها (الجمهورية والإسلامية)، داعيا إلى اختيار نظام انتخابي حزبي حسب القوائم، واعتبر أن عدم وجود هذا النظام الانتخابي قد أدى إلى صعوبات ومشاكل.
وأوضح أن "نظام الحكم والدستور لم يبنيا على أساس حزبي، أي نصوت في الانتخابات للفرد وليس للحزب"، مشيدا بالدستور الإيراني، ومعتبرا أنه "دستور حديث".
غير أن الرئيس الإيراني دعا إلى إعادة النظر في الدستور، وقال إنه "لم يحدث منذ 31 عاما"، مؤكدا أنه "لا يوجد فهم وتفسير مشترك بين السلطات الثلاث للدستور"، ومعتبرا أن دعوة برلمانيين للإشراف على أعمال الوزراء "ناتجة عن تفسير خاطئ للدستور".
وأضاف أن الرقابة على أعمال الوزراء هي من صلاحيات رئيس الجمهورية الذي قال إنه "ثاني أعلى مسؤول في البلاد" بعد المرشد الأعلى، مشيرا إلى أن الدستور قد حدد الجهة المخولة بتسيير مواده، في إشارة إلى مجلس صيانة الدستور.
إلا أنه وجه اتهامات غير مباشرة لهذا المجلس الذي يعين المرشد الإيراني 6 من أعضائه الفقهاء فيما الـ6 الآخرون الحقوقيون يختارهم البرلمان بعد تقديم السلطة القضائية مرشحين، قائلا إن مجلس صيانة الدستور "كانت لديه في بدايات الثورة (1979) تفسيرات أخرى".
وأضاف أن المجلس "يفسر الدستور في كل فترة بطريقة مختلفة"، داعيا في الوقت ذاته إلى اللجوء إلى آلية الاستفتاء لحل "الخلافات الأساسية اذا لم يكن هناك توافق في الآراء"، وقال إنه "بعد 40 عاما يمكن إجراء استفتاء للمرة الأولى".
وفيما لم يحدد القضايا الخلافية التي يمكن إجراء الاستفتاء بشأنها، فإن الدعوة إلى ذلك تمثل تدبيرا له للاستقواء بالشارع في حل هذه القضايا.
ومنذ انتخابه رئيساً لإيران عام 2013، يدعو حسن روحاني، بين حين وآخر، إلى ضرورة تنفيذ المادتين 6 و59 من الدستور الإيراني، باعتبار أنهما تمثلان الطريقة المثلى لحل القضايا الشائكة و"الخلافات" و"المشاكل" و"تجاوز المآزق" في السياستين الداخلية والخارجية لإيران، و"ضمان بقاء الجمهورية الإسلامية"، بحسب تصريحاته خلال السنوات الأخيرة في مناسبات مختلفة. وتنطلق هذه الدعوات من نص دستوري يعتبر رئيس الجمهورية في إيران المسؤول عن تنفيذ الدستور وفقاً لمادته 113.
أما المواضيع التي دعا روحاني تصريحاً أو تلميحاً منذ توليه الرئاسة في إيران إلى إخضاعها للاستفتاء فهي "القضايا التي يجري حولها نقاش منذ 40 عاماً ولم يصل إلى نتيجة"، بحسب تصريح له خلال أكتوبر/تشرين الأول 2019، أمام طلبة جامعة طهران.
وبالعودة إلى تصريحات الرئيس الإيراني، خلال السنوات الماضية، يظهر أن تلك القضايا متعددة وليست واحدة، منها ما يرتبط بالسياسة الداخلية، مثل موضوع "الرقابة" لمجلس صيانة الدستور، وهو موضوع مثير للجدل بين التيارات السياسية في إيران منذ أمد طويل. وسبق أن دعا روحاني تلميحاً إلى إجراء استفتاء حول هذه الرقابة التي تعطي الحق لمجلس صيانة الدستور برفض أهلية أي مرشح لخوض الانتخابات التشريعية والرئاسية وانتخابات مجلس خبراء القيادة، إذا ما رأى ذلك صواباً.
إلا أن القضية الأهم التي دعا روحاني قبل عام إلى الاستفتاء حولها، فهي جوهرية في السياسة الخارجية الإيرانية، وترتبط بالعلاقات مع الغرب بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص، إذ أشار الرئيس الإيراني إلى جدال مستمر بين أركان الحكم والتيارات السياسية في إيران حول "التعامل البنّاء أو المواجهة مع العالم منذ 40 عاماً". وأضاف أنه "منذ 40 سنة لم نصل إلى إجابة صريحة وحازمة في هذا الشأن، فالبعض يريد التعامل البنّاء مع العالم، وآخرون يدعون إلى مواجهة مستمرة. كما أن هناك من يقول إنه يجب أن نكسر العدو وهناك من يرى أنه من الممكن أن نحل الكثير من المشاكل (معه)... القضية الأساسية هي هل نتّبع استراتيجية التعامل أم المواجهة؟".
هجمات بغداد
وعلى صعيد آخر، علق المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، على الهجمات الصاروخية التي تعرضت لها السفارة الأميركية مساء الأحد، معتبرا أنها "أمر مشكوك فيه للغاية". واتهم خطيب زادة الإدارة الأميركية بتدبير هذه الهجمات، من خلال القول إن "البيان الذي أصدره وزير الخارجية الأميركي (مايك بومبيو) بشأن هذه الهجمات قد أعد قبل تنفيذها ونشر بعدها".
وأكد المتحدث الإيراني أن "الهجمات على المقرات الدبلوماسية والسكنية أمر مرفوض، لكن طبيعة الهجوم على السفارة الأميركية في بغداد وتوقيته أمر مشكوك فيه للغاية".
وقد أشار خطيب زادة إلى أن "الاجتماع غير الرسمي" لأطراف الاتفاق النووي سيعقد اليوم الإثنين، قائلا إن الاجتماع سيناقش تطورات الاتفاق خلال الشهور الأخيرة. وشدد على رفض بلاده إعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووي، داعيا بقية الأطراف إلى تنفيذ تعهداتها. ودعا خطيب زادة أوروبا إلى "الخروج من وراء ستار النفاق والنظر إلى أنها نفذت تعهداتها" تجاه الاتفاق النووي.
كما كشف أن إيران ستنشر قريبا تقريرها بشأن سقوط طائرة الركاب الأوكرانية مطلع العام الحالي جنوب العاصمة طهران عبر صواريخ الدفاع الجوي الإيراني "عن طريق الخطأ"، منددا بتصريحات وزير الخارجية الكندي فرانسوا فيليب شانبين، قبل أيام، والتي شكك فيها بأن السقوط الطائرة كان ناتجا "من خطأ".
ويوم الثامن من يناير/كانون الثاني الماضي، بعد ساعات من هجمات صاروخية إيرانية على قواعد أميركية في العراق، ردا على اغتيال سليماني في ضربة جوية أميركية بالقرب من مطار بغداد، أسقط الدفاع الجوي التابع للحرس الثوري الإيراني، طائرة مدنية أوكرانية من طراز "بوينغ 737"، بعد دقائق من إقلاعها من مطار "الإمام الخميني" الدولي جنوب العاصمة طهران بـ"الخطأ"، ما أدى إلى مقتل 176 راكبا، من جنسيات أوكرانية وكندية وأفغانية وسويدية وبريطانية، إلا أن معظمهم كانوا إيرانيين، بينهم 57 كندياً من أصول إيرانية.