أعلن الجيش الروسي، الثلاثاء، أنه يشنّ "ضربات مكثّفة" على كلّ الجبهات ردًا على هجوم مضادّ خاطف للقوات الأوكرانية التي اتّهمها الكرملين بارتكاب فظائع في المناطق التي استعادت السيطرة عليها، بينما تنسب كييف إلى الجنود الروس "ما يصل إلى مائتي جريمة حرب في اليوم".
وفي واشنطن، قال المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي: "أترك للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن يحدّد ويقرّر ما إذا كان يشعر بأنّهم بلغوا نقطة تحوّل على الصعيد العسكري، ولكن من الواضح، أقلّه في دونباس (شرق أوكرانيا)، أنّ هناك زخماً".
وأضاف: "إنّها الحرب، وفي الحرب لا يمكنك التكهّن". وتابع: "سترون في الأيام القليلة المقبلة حزمة أخرى" من المساعدات العسكرية الأميركية لكييف.
وحتى مساء الثلاثاء، أدّت عمليات القصف الروسية إلى مقتل ثمانية أشخاص وجرح 19 خلال 24 ساعة في صفوف سكان منطقتَي خاركيف (شمال شرق) ودونيتسك (شرق)، وفق ما أعلنته الرئاسة الأوكرانية.
من جانبها، أكدّت رئاسة أركان الجيش الأوكراني أنّ "أوكرانيا تسجّل ما يصل إلى مائتي جريمة حرب تُرتكب كلّ يوم من جانب الروس" على أراضيها، مضيفةً أنّ "المحتلّين زرعوا ألغامًا في أكثر من 70 ألف كيلومتر مربع في عشر مناطق أوكرانية".
وأشارت هيئة الأركان إلى استمرار "عمليات النهب" الروسية، موضحة أنّ حوالى 300 سيارة سرقت في منطقة خاركيف.
في المقابل، اتّهمت روسيا الجنود الأوكرانيين بالانتقام من المدنيين في المناطق التي استعادوا السيطرة عليها في الأيام الأخيرة.
وقال المتحدّث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: "حسب معلوماتنا، حصلت إجراءات عقابية كثيرة ضد السكان في منطقة خاركيف، الناس يتعرّضون للتعذيب وسوء المعاملة"، مضيفاً: "هذا مروّع".
"ضربات مكثفة"
وخلال اجتماع لرئاسة الأركان، الثلاثاء، أكّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنّ "أكثر من أربعة آلاف كيلومتر مربع وأكثر من 300 بلدة حرّرت. وتتّخذ تدابير لفرض الاستقرار فيما الهجوم متواصل".
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، من جهتها، الثلاثاء، أنّ "القوات الجوية والبالستية والمدفعية الروسية تنفذ ضربات مكثّفة على وحدات القوات المسلحة الأوكرانية في كل مناطق العمليات".
وأشارت إلى عمليات قصف بالقرب من سلوفيانسك وكونستانتينيفكا وباخموت في شرق أوكرانيا، وفي منطقتي ميكولايف وزابوريجيا في الجنوب وكذلك في خاركيف بالشمال الشرقي حيث قادت أوكرانيا هجومًا مضادًا عنيفًا أجبر القوات الروسية على الانسحاب من معظم أنحاء المنطقة.
وسبق أن أكد الكرملين الإثنين أنّ الغزو الروسي الذي بدأ في 24 فبراير/ شباط سيستمرّ "حتى تتحقق أهدافه"، مشيرًا إلى أنه "لا آفاق للمفاوضات حاليًا" بين موسكو وكييف.
وتحدثت أوكرانيا الإثنين عن نجاحات عسكرية جديدة، مؤكدةً أنها وصلت إلى الحدود الروسية واستعادت ما يعادل سبعة أضعاف مساحة كييف في شهر واحد.
وأكّد الجيش الأوكراني الثلاثاء، أنّ "تحرير البلدات المحتلة من جانب الغزاة الروس يتواصل في منطقتي خاركيف ودونيتسك".
وقال مساعد مدير الإدارة الرئاسية كيريل تيموشنكو: "أعيد التيار الكهربائي إلى مدينة خاركيف وكل المنطقة".
"قتلوا شقيقي وزوجته"
وفي بلدة بوغوروديتشنه التي كانت سابقاً على خط الجبهة بالقرب من دونيتسك وانسحب منها الروس قبل أيام، يحمل كل بيت تقريبا آثار المعارك الكثيفة.
ورغم ذلك، بقي في البلدة ميكولا غونشار (58 عاما) ووالدته نينا غونشار (92 عاما).
وروى لوكالة "فرانس برس"، أمام المنزل الذي لم يتعرض لأضرار كثيرة جراء القصف المدفعي الذي ألحق دمارا كبيرا بالبلدة البالغ عدد سكانها 750 نسمة: "أتى الروس وقتلوا شقيقي وزوجته"، مؤكّداً أنّه دفن الجثتين بنفسه.
وأكّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مساء الإثنين أنّه "منذ مطلع شهر سبتمبر/ أيلول حرّر جنودنا ستة آلاف كلم مربع من الأراضي في شرق أوكرانيا وجنوبها"، مشددا على أن قواته "مستمرة في التقدّم".
وأوضح "معهد دراسة الحرب" ومقرّه في الولايات المتحدة الثلاثاء أنّ الروس "يعجزون عن تعزيز خط الجبهة الجديد بعد المكاسب الأوكرانية في شرق منطقة خاركيف ويفرّون بأعداد كبيرة من المنطقة أو ينتشرون مجدّدًا على محاور أخرى".
ورأى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في مؤتمر صحافي الإثنين في مكسيكو، أنه "من الواضح أننا شهدنا تقدمًا كبيرًا من جانب الأوكرانيين لا سيما في الشمال الشرقي" لكن "من السابق لأوانه معرفة إلى أين يتجه هذا بالضبط".
دعوة إلى حصول "انسحاب" روسي
وعلى الصعيد الدبلوماسي، دعا المستشار الألماني أولاف شولتز الثلاثاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى "سحب كامل قواته" من أوكرانيا.
وجاء في بيان للمستشارية، أنّه خلال مكالمة هاتفية استمرّت 90 دقيقة، شدّد شولتز في حديثه "مع الرئيس الروسي على إيجاد حلّ دبلوماسي في أسرع وقت ممكن بالاستناد إلى وقف إطلاق النار، وسحب كامل للقوات الروسية واحترام وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها". وطلب شولتز أيضًا من بوتين تطبيقًا "كاملًا" لاتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية.
وتزداد الضغوط على شولتز في كييف وفي صفوف ائتلافه الحكومي، لإرسال دبابات قادرة على تعزيز نجاحات الهجوم الأوكراني المضادّ.
ودعت رئيسة الوزراء الإستونية كايا كالاس والرئيس الليتواني غيتاناس نوسيدا الثلاثاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى زيادة المساعدة العسكرية لأوكرانيا، وذلك خلال اتصال هاتفي بمبادرة من باريس.
وأمام البرلمان الأوروبي، أعلن وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الثلاثاء أنه سيقترح على الدول الأعضاء إقرار تمويل جديد لإرسال أسلحة إلى أوكرانيا.
وفي كييف، قال وزير الدفاع الدنماركي مورتن بودسكوف لوكالة "ريتزو" الدنماركية إن بلاده ستدرب جنودا أوكرانيين على أراضيها.
ودعت رئيسة الوزراء الفنلندية سانا مارين، الثلاثاء، إلى وحدة الاتحاد الأوروبي وفرض عقوبات جديدة ضد روسيا في مواجهة "الابتزاز" الذي تمارسه في مجال الطاقة.
ويعقد وزراء الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي اجتماعًا في 30 سبتمبر/ أيلول، لتقييم تدابير الطوارئ التي اقترحتها المفوضية بهدف كبح ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء الناجم عن الحرب في أوكرانيا.
(فرانس برس)