أكدت موسكو، اليوم الخميس، أن محادثات تجري بشأن تبادل سجناء بين موسكو وواشنطن، لكنها لم تفضِ إلى نتيجة "حتى الآن"، بعد إعلان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنه سيتحدث "في الأيام المقبلة" مع نظيره الروسي سيرغي لافروف لمناقشة عرض أميركي في هذا الشأن.
وكان بلينكن قد صرح، في مؤتمر صحافي مساء الأربعاء، بأنه سيتحدث "في الأيام المقبلة" مع نظيره الروسي، لمناقشة عرض أميركي من أجل التوصل إلى الإفراج عن أميركيين لدى موسكو، مؤكداً أن المحادثة الهاتفية "لن تكون للتفاوض بشأن أوكرانيا".
وقال بلينكن: "أعتزم إثارة قضية تشكل أولوية بالنسبة إلينا: تحرير بول ويلان وبريتني غراينر الموقوفين من دون وجه حق، واللذين يجب أن يسمح لهما بالعودة إلى بلدهما".
وأضاف: "قدمنا عرضاً قبل أسابيع لتسهيل الإفراج" عن المعتقلين الأميركيين، مشيراً إلى أن "حكومتنا تواصلت بشكل متكرر ومباشر بشأن هذا الاقتراح، وسأستغل المحادثة للمتابعة شخصياً".
وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في بيان، إن الرئيسين جو بايدن وفلاديمير بوتين أمرا بإجراء محادثات لتبادل السجناء، موضحة أن المفاوضات "تجريها السلطات المختصة. ولم تتحقق نتيجة عملية حتى الآن".
وأشارت إلى أن هذه المسألة تعود باستمرار منذ القمة التي عقدها رئيسا البلدين في يونيو/ حزيران 2021 في جنيف.
وذكرت وسائل إعلام أميركية أن الأمر قد يتعلق بمبادلة السجينين الأميركيين بفيكتور بوت، مهرب الأسلحة الروسي الذي حُكم عليه بالسجن 25 عاماً في الولايات المتحدة.
لكن أقارب لبوت ولغراينر أكدوا أنهما لم يُبلَّغا بأي مفاوضات. ونقلت وكالة الأنباء الروسية ريا نوفوستي عن آلا بوت، زوجة مهرب السلاح الروسي، قولها: "تحدثنا (الثلاثاء) عبر الهاتف ولا يعرف فيكتور أي شيء عن المفاوضات بين روسيا والولايات المتحدة لمبادلته".
وأضافت: "بالطبع، نفترض أن مثل هذه المفاوضات يمكن أن تحصل، لكننا لا نتحدث عنها، لأنه ليس لدي ولا لديه أي معلومات".
وأكد محامو غراينر، التي تجري محاكمتها حالياً بعد توقيفها في فبراير/ شباط بتهمة حيازة القنب عند وصولها إلى موسكو، أنه لم يُبلَّغوا بالمحادثات.
وقالت المحامية ماريا بلاغوفولينا على تطبيق "تلغرام"، إن "المحامين لا يشاركون في المفاوضات. من وجهة نظر قانونية، لا يمكن إجراء التبادل إلا بعد صدور الحكم" في قضية غراينر. وأضافت: "على أي حال سنكون سعداء إذا كان بإمكان بريتني العودة إلى بيتها قريباً".
ويواجه الرئيس جو بايدن ضغوطاً متزايدة للإفراج عن غراينر التي تواجه عقوبة السجن لمدة قد تصل إلى عشر سنوات، واتهمت زوجتها الإدارة الأميركية بعدم بذل الجهود اللازمة للإفراج عنها.
أمّا ويلان، الذي كان مسؤولاً أمنياً في شركة لقطع السيارات وعنصراً سابقاً في مشاة البحرية، فقد اعتقلته موسكو في ديسمبر/ كانون الأول 2018 بتهمة امتلاك مواد حسّاسة. ودين بالتجسس في يونيو/ حزيران 2020 وحكم عليه بالسجن 16 عاماً.
وأعربت عائلته في بيان عن تقديرها لجهود إدارة بايدن وعن أملها في أن تقبل روسيا هذا التنازل أو بعض التنازلات الأخرى من أجل إطلاق سراحه.
ولم يصدر أي تعليق رسمي فوري من السلطات الروسية.
وأجرت الولايات المتحدة وروسيا عملية تبادل سجناء في إبريل/ نيسان خلال الحرب الأوكرانية، أطلقت خلالها روسيا سراح جندي المارينز السابق تريفور ريد مقابل الطيار الروسي كونستانتين ياروشينكو، المدان بتهريب المخدرات في الولايات المتحدة.
لا مفاوضات بشأن أوكرانيا
ورداً على سؤال عن تبادل محتمل مع فيكتور بوت، لم ينف المتحدث باسم البيت الأبيض ذلك، لكنه أكد أن هذه مفاوضات حساسة. وقال جون كيربي، المتحدث المكلف قضايا الأمن القومي، إن الرئيس بايدن "على استعداد لاتخاذ إجراءات استثنائية".
وأضاف: "نأمل أن تناقش روسيا ذلك بشكل إيجابي".
وستكون هذه المكالمة الهاتفية بين بلينكن ولافروف الأولى بينهما منذ 15 فبراير/ شباط، عندما حذر وزير الخارجية الأميركي روسيا من غزو أوكرانيا. لكن الرئيس فلاديمير بوتين شنّ هجومه بعد تسعة أيام، ما دفع واشنطن وحلفاءها إلى فرض عقوبات قاسية على روسيا، والعمل لعزل موسكو على الساحة الدولية.
وقال بلينكن للصحافيين إن المحادثة الهاتفية "لن تشهد مفاوضات بشأن أوكرانيا"، مؤكداً أن "أي مفاوضات بشأن أوكرانيا تُجرى بقرار من شعبها". وأضاف الوزير الأميركي أن بلاده، التي تضخ المليارات من المساعدات العسكرية لأوكرانيا، "ليس لديها أوهام" بشأن استعداد روسيا للمشاركة "بشكل هادف وبنّاء" لإنهاء الحرب.
وقال بلينكن: "في الوقت نفسه، سنواصل بذل كل ما في وسعنا لتعزيز موقف أوكرانيا في ساحة المعركة". ولفت إلى أنه سيبحث مع لافروف أيضاً في الاتفاق الروسي-الأوكراني لتصدير 25 مليون طن من الحبوب الذي جرى التوصل إليه الأسبوع الماضي في إسطنبول بوساطة تركية ورعاية أممية.
وقال إن "مئات الملايين من الناس ينتظرون إبحار هذه السفن من موانئ أوكرانيا"، معرباً عن أمله في أن "يتيح هذا الاتفاق استئناف شحن الحبوب الأوكرانية سريعاً عبر البحر الأسود، وأن تفي روسيا بتعهّدها السماح بعبور هذه السفن". وأضاف أنه سيحذر من عواقب أخرى إذا ضمت روسيا المزيد من الأراضي الأوكرانية.
وكانت موسكو قد استولت عام 2014 على شبه جزيرة القرم، واعتبرتها جزءاً من روسيا، لكن معظم دول العالم لم تعترف بهذا القرار.
وقال البيت الأبيض أخيراً إن روسيا تمهد الطريق لـ"استفتاءات زائفة" في المناطق التي استولت عليها ربما في وقت مبكر من سبتمبر/ أيلول.
ورفض بلينكن بشكل واضح لقاء لافروف خلال قمة مجموعة العشرين في وقت سابق هذا الشهر في بالي، حيث حشدت الولايات المتحدة حلفاءها لانتقاد روسيا في الجلسات المغلقة.
(فرانس برس)