سودانيون يتظاهرون بمحيط القصر الرئاسي في الخرطوم ضمن "مليونية 25 ديسمبر" رفضاً للانقلاب

الخرطوم

عبد الحميد عوض

avata
عبد الحميد عوض
25 ديسمبر 2021
السودان
+ الخط -

تمكّن سودانيون محتجون من الوصول إلى محيط القصر الرئاسي بالعاصمة الخرطوم، بعد مواجهات عنيفة انسحبت في نهايتها الشرطة.

وتجمّع الآلاف أمام بوابة القصر الرئيسة في الخرطوم، فيما شكّل مئات من جنود الجيش السوداني، حاجزاً بشرياً للحيلولة دون دخول الثوار إلى القصر.

وتأتي الاحتجاجات استجابة لدعوة لجان المقاومة وأجسام نقابية وتيارات سياسية للخروج في "مليونية 25 ديسمبر"، ومواصلة التصعيد الثوري ضد الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وفي وقت سابق، أفاد مراسل "العربي الجديد" بأنّ مواجهات عنيفة دارت بين المشاركين في موكب 25 ديسمبر والشرطة، بشارع القصر بوسط الخرطوم، أثناء محاولة المتظاهرين الوصول للقصر الرئاسي.

واستخدمت الشرطة بكثافة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق المشاركين في الموكب الذين انسحبوا ثم عادوا للتقدم مرة أخرى صوب القصر، وفيما تتواصل عمليات الكر والفر، تم نقل عدد من المصابين إلى المشافي القريبة لتلقي العلاج.

وحمل المشاركون في التجمعات، لافتات مناوئة للعسكر ومنددة بالانتهاكات التي شهدتها المواكب السابقة خلال الشهرين الماضيين، وآخرها موكب 19 ديسمبر/ كانون الأول. وهتفوا بسقوط انقلاب السودان 2021 العسكري وطالبوا بعودة الحكم المدني.

وأطلقت الشرطة السودانية الغاز المسيل للدموع على موكب محدود في منطقة وسط الخرطوم تحرّك قبل وصول بقية المواكب.

احتجاجات السودان ضد الانقلاب العسكري (فرانس برس)
احتجاجات السودان ضد الانقلاب العسكري (فرانس برس)

واتهم المكتب الموحد لأطباء السودان "السلطة الانقلابية ورئيس وزرائها بمواصلة قواتها التعدي على المرافق الصحية دون مراعاة لحرمتها ولا لكرامة الكوادر والمرضى والمصابين بها".

وأوضح بيان صادر عن المكتب أنّ "قوة مسلحة اعتدت على مستشفى الخرطوم التعليمي وتعدت بالضرب على الكوادر الطبية العاملة والمرضى والمصابين وأطلقت عبوات غاز مسيل للدموع وقنابل صوتية داخل حرم المستشفى"، لافتاً إلى أنّ "انتهاك حرمة المستشفيات محرم دولياً وفقاً لكل وثائق حقوق الإنسان".

كذلك يواصل المحتجون في كل من أم درمان والخرطوم بحري المتاخمتين للعاصمة تجاوز الحواجز الحديدية والإسمنتية التي وضعتها قوات الأمن عند مدخل الكباري والجسور المؤدية إلى وسط الخرطوم.

كذلك خرج آلاف السودانيين في مدن أخرى للتنديد بالانقلاب العسكري، مثل ود مدني وبورتسودان، وعطبرة والأبيض ونيالا.

وفي تصريحات لـ"العربي الجديد" لبعض المشاركين في موكب وسط الخرطوم، أكد محمد صالح عبد الله، أنّ "الشعب السوداني لن يتراجع مطلقاً، ولن يستسلم للعسكر حتى مع البطش والعنف الذي يقابل به الحراك السلمي"، مشيراً إلى أنّ "النصر في النهاية سيكون حليفنا، وسيلقى الانقلاب هزيمته الحتمية طال الزمن أو قصر".

أما محمد الفاتح النعيم، رئيس الجالية السودانية بالمملكة المتحدة، والذي شارك في تظاهرات اليوم، فقال إنه جاء مشاركاً باسم كل السودانيين الداعمين للتحول الديمقراطي، مؤكداً أنّ "الثورة السودانية مستمرة حتى النصر".

وأشاد المتظاهر فائز عباس، من جهته، بمشاركة النساء في السودان في الحراك ضد الانقلاب العسكري، مؤكداً أنه خرج وشارك اليوم ليس من أجل حزب سياسي أو من أجل فرد، "إنما فقط من أجل التحول الديمقراطي والسلام والحرية والعدالة".

احتجاجات السودان ضد الانقلاب العسكري (فرانس برس)
المحتجون يطالبون بإنهاء الانقلاب العسكري (فرانس برس)

وتابع قائلاً إنه "لن يكون هناك تحول في ظل قيادة البرهان وحميدتي (قائد قوات الدعم السريع في السودان، محمد حمدان دقلو)"، مستنكراً "تعدد الجيوش"، ومطالباً في الآن نفسه بـ"تكوين جيش وطني موحد وبقيادة موحدة".

مواطن سوداني آخر يدعى حازم حسن انتقد "الاستخدام المفرط للقوة ضد الشعب الأعزل، بينما تمتلك القوات العسكرية كل أدوات القمع"، مطالباً قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح البرهان، بـ"التنحي طواعية استجابة لأصوات الشارع الرافضة للانقلاب وتسليم السلطة للمدنيين".

وكانت السلطات الانقلابية قد استبقت الدعوة للمليونية، منذ أمس الجمعة، بإغلاق ستة من الكباري والجسور الرابطة بين وسط الخرطوم ومدن أخرى، وقطعت خدمة الإنترنت، وتلا ذلك قطع الاتصالات الهاتفية.

وأغلقت أيضاً عدداً من المداخل لوسط الخرطوم، ونشرت قوات مشتركة من الجيش والشرطة والدعم السريع بكثافة في عدد من النقاط، وتمركزت حول محيط القصر الرئاسي. كذلك اعتقلت عدداً من نشطاء لجان المقاومة، دينامو الحراك الثوري، ضد انقلاب البرهان الأخير.

هل يستقيل حمدوك؟

وقال عضو اللجنة الإعلامية في "قوى إعلان الحرية والتغيير"، عباس محمد إبراهيم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "الإجراءات الاستباقية لمواكب 25 ديسمبر، اليوم السبت، تستبطن الهلع داخل المعسكر الانقلابي حيال نشاط لجنة المقاومة والتنظيم الدقيق للمواكب في الفترة السابقة".

وتابع: "لذا لجأت السلطة إلى تنفيذ حملة اعتقالات بحق قيادات لجان المقاومة والناشطين في الحراك الثوري وغيرها من إجراءات شملت إغلاق وسط الخرطوم، وزيادة معدلات الانتشار الأمني".

واعتبر الإجراءات الاستباقية "مؤشراً قوياً على الرغبة في مواجهة مليونية اليوم بعنف كبير يمكن أن يشابه ما حدث في مليونية 17 نوفمبر/تشرين الثاني"، مضيفاً أنّ "السلطات تخطط لاستغلال انشغال العالم باحتفالات عيد الميلاد المجيد لتنفيذ مجازرها، لأنها تخشى الرأي العالمي أكثر من حرصها على حقن دماء السودان".

وأوضح إبراهيم أنّ "من التفسيرات أيضاً لتلك الإجراءات، وجود تيار داخل المعسكر الانقلابي يريد دفع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك نحو الاستقالة عبر تضييق الخناق على الحراك الثوري لإحراجه، وكل ذلك بغرض مضي الانقلاب إلى نهاياته".

كذلك أشار إلى الاتفاق بين البرهان وحمدوك الذي عاد الأخير بموجبه الأخير إلى منصبه رئيساً للحكومة في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، معتبراً أنّه "مثلما وجد رفضاً من الشارع ومن القوى السياسية، فإنّ هناك أطرافاً وسط الانقلابيين، ترى أنّ الاتفاق قطع الطريق أمامها لتحقيق مصالحها وتسعى لإبعاد حمدوك من المشهد حتى يخلو لها المسرح تماماً لتنفيذ أجندتها".

خيار شمشون

من جهته، يرى الناشط السياسي والمحامي حاتم إلياس، أنّ "الترتيبات التي جرت، اليوم السبت، تعني أنّ السلطة العسكرية ممثلة بالجيش والدعم السريع ومليشيات العدل والمساواة وحركة تحرير السودان، وصلت إلى طريق مسدود فلجأت إلى خيار يمكن أن يطلق عليه خيار شمشون"، في إشارة إلى الانتقام باستخدام أسلحة تقليدية.

احتجاجات في السودان بمليونية 25 ديسمبر (فرانس برس)
من تظاهرات اليوم (فرانس برس)

وتابع موضحاً، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ ذلك الخيار يقوم على "العمل بمنهج "عليّ وعلى أعدائي" وإكمال الانقلاب الذي أنقصه في الفترة الماضية، عودة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك إلى منصبه"، مبيّناً أنّ "الانقلاب خطط أساساً لوجود رمزي لحمدوك وللقوى المدنية والوصول معها إلى تفاهمات بشأن جرائم فضّ الاعتصام وشركات الجيش وسواها من ملفات، على أن يكون وجود المدنيين في السلطة رمزياً، ليظل الجيش والدعم السريع متصدراً المشهد السياسي وصاحب القرار في القضايا المصيرية".

ولفت إلياس إلى أنّ "الإجراءات الأمنية تمسّ حقوق الإنسان، وفيها تضييق على الحريات ومحاولة لفرض الأمر الوقع على السودانيين وعلى المجتمع الدولي عبر منهج العسكرة، إلى حين الاعتراف بالنظام وإلى حين دمجه في منظومة العلاقات الدولية". ورجح أن يكون اليوم السبت حداً فاصلاً لبقاء حمدوك في منصبه، غير مستبعد تقديم استقالته خلال الساعات المقبلة.

وكان المكتب الموحد لأطباء السودان، قد أصدر بياناً، حاول لفت أنظار العالم إلى ما يجري في السودان حيال "حراك الشعب الثوري من أجل الحرية والديمقراطية وإسقاط كل أشكال الحكم العسكري والديكتاتوري"، مشيراً إلى أنّ "محاولات التعتيم على انتهاكات النظام الانقلابي تجاه شعبنا الثائر، ستعود على الانقلابيين بالسقوط الحتمي، وستعجّل برحيلهم الأبدي عن المشهد السوداني". وتعهد المكتب بالرصد الدقيق لكل التجاوزات مهما وضعت السلطة من عراقيل.

مواصلة التصعيد حتى سقوط الانقلاب

من جهته، قال الناطق الرسمي باسم تجمّع المهنيين السودانيين في الخارج، مهند مصطفى، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "إجراءات السبت لا تعني شيئاً سوى الخوف من الثوار من جانب الجهات التي تعوّدت كل أشكال القمع والتنكيل طوال الثلاث سنوات الماضية"، مضيفاً أنّ "السلطة الانقلابية حوّلت أجزاءً من الخرطوم إلى ثكنة عسكرية وبدأت منذ أمس بضرب المواطنين وتخويفهم، ما يعني أنها ستواصل العنف اليوم في عيد ميلاد المسيح عليه السلام، دون اكتراث للمناسبة العظيمة".

وشدد مصطفى على أنّ "كل تلك الخطوات الانقلابية لن تثني الثوار عن مواصلة التصعيد لحين سقوط الانقلاب وهزيمته وتقديم المتورطين فيه للمحاكمة"، لافتاً إلى أنّ "الأجسام الثورية على الأرض لديها كثير من البدائل المجربة للتواصل في حال قطع خدمة الإنترنت، كما حدث بعد ساعات من الانقلاب العسكري وما تلاه من مواكب خرجت رغم قطع الخدمة".

وحذر مصطفى بشدة من "مغبة تنفيذ السلطات الانقلابية لمجزرة جديدة"، معرباً عن خالص أمله بـ"السلامة للجميع، وألا تفقد أسرة سودانية أحداً من أبنائها في مليونية اليوم".

ذات صلة

الصورة
سودانيات نزحن إلى القضارف بسبب ويلات الحرب، 6 يوليو/ تموز 2024 (فرانس برس)

مجتمع

حذّرت "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية في تقرير أصدرته اليوم الإثنين، من أنّ طرفي الحرب في السودان، وخصوصاً قوات الدعم السريع، ارتكبا "أعمال عنف جنسي واسعة النطاق".
الصورة
متطوعون في مبادرة لإعداد وجبات طعام بود مدني (فرانس برس)

مجتمع

زادت الحرب في السودان عدد المحتاجين الذين وقعوا ضحايا للظروف السيئة وواقع خسارتهم ممتلكاتهم وأعمالهم واضطرارهم إلى النزوح.
الصورة
تحقيق تهريب السوريين

تحقيقات

للمرة الثانية يضطر السوريون إلى ترك كل ما يملكون وراء ظهورهم للنجاة بحياتهم، فراراً من حرب السودان، إذ يسلكون دروباً صحراوية شديدة الخطورة للانتقال إلى مصر
الصورة

سياسة

قالت المنظمة الدولية للهجرة إن نحو 300 ألف شخص فروا من القتال على جبهة جديدة في حرب السودان مع دخول مقاتلين من قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش مدينة ود مدني.