شهداء الضفة الخمسة: الأسرى يثبتون استعصاءهم من جديد على "الردع الإسرائيلي"

رام الله

نائلة خليل

نائلة خليل (فيسبوك)
نائلة خليل
صحافية فلسطينية، مراسلة ومديرة مكتب موقع وصحيفة "العربي الجديد" في الضفة الغربية.

سامر خويرة

سامر خويرة

جهاد بركات

جهاد بركات

محمود السعدي

محمود السعدي
26 سبتمبر 2021
شهاء فلسطين
+ الخط -

جاء استشهاد الفلسطينيين الخمسة، فجر اليوم الأحد، وجميعهم أسرى محررون، وبعضهم لم يمض على خروجه من سجون الاحتلال سوى بضعة أسابيع، ليؤكد استعصاء الأسرى الفلسطينيين على سياسة الردع الإسرائيلية التي تقوم على افتراض أن حبس الفلسطيني وتعريضه للتعذيب والعزل من شأنه أن يمنعه من الانخراط في المقاومة مرة أخرى.

وفيما اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي بإصابتين خطيرتين بين صفوف وحداته المختارة في الاشتباك المسلح الذي جرى في بلدة "برقين" غرب جنين، فجر اليوم، استشهد أسامة ياسر صبح، المنتمي إلى "سرايا القدس"، الذراع العسكري لـ"حركة الجهاد الإسلامي"، كما اعتقل اثنان؛ أحدهما أعلن عن استشهاده لاحقًا؛ وهو يوسف صبح. أما في بلدة "بدو"، فقد استشهد ثلاثة شبان ينتمون إلى حركة "حماس"، وأحدهم، وهو الشهيد أحمد زهران، مطارد من قبل الاحتلال منذ أسابيع، إذ يتهمه بتشكيل خلايا لحركة "حماس" في الضفة.

هدد أحد ضباط الاحتلال والدة الشهيد زهران خلال اقتحامه منزلها قبل أيام قائلاً لها: "سنقتله وسنجعل جسده قطعاً صغيرة في كيس

مسيرات ومواجهات منددة بجرائم الاحتلال

وخرج العشرات في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية في مسيرة مسائية هي الثانية اليوم الأحد، إثر عملية اغتيال قوات الاحتلال الإسرائيلي للشبان الفلسطينيين. وخرجت المسيرة إجلالاً لدماء الشهداء، واحتجاجاً على عمليات القتل.

وهتف المشاركون في مسيرة رام الله مساء اليوم للمقاومة الفلسطينية، وضد اتفاق أوسلو والتنسيق الأمني، وهتافات لمدينة جنين وقرية بدو، وهتفوا بأسماء شهداء اليوم.

وقال الناشط الشبابي طارق خضيري في حديث مع "العربي الجديد" "إن المسيرات والحراك الذي يخرج في الضفة الغربية يؤكدان وقوف الجمهور الفلسطيني خلف المقاومة الفلسطينية، وأن المقاومة هي الخيار الصحيح لمواجهة الاحتلال".

من جانبه، قال القيادي بحركة الجهاد الإسلامي أحمد نصر لـ"العربي الجديد" "إن الضفة الغربية دخلت مرحلة اشتباك جديدة مع الاحتلال"، مؤكداً أن معركة (نفق الحرية) الأخيرة التي تمكن خلالها ستة أسرى من تحرير أنفسهم من سجن جلبوع، وأعاد الاحتلال اعتقالهم، كانت الشرارة لما يمكن أن يكون انتفاضة جديدة.

وأضاف نصر "أن دماء شهداء اليوم ستشعل الأوضاع على الأرض وسيدخل الفلسطينيون في مرحلة جديدة من الالتحام مع الاحتلال، والتي يمكن أن تدوم".

وكانت مسيرة أخرى قد انتظمت في وقت سابق من اليوم في مدينة رام الله تنديداً بجريمتي قوات الاحتلال الإسرائيلي في القدس وجنين، حيث جابت المسيرة، التي دعت لها القوى الوطنية والفعاليات الشعبية الفلسطينية، شوارع المدينة، وطالب المشاركون بتوفير الحماية الدولية في وجه جرائم الاحتلال المستمرة.

من جانب آخر، أصيب عدة فلسطينيين بحالات اختناق بالغاز المسيل للدموع، مساء اليوم، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي التي اقتحمت قريتي بدو وبيت إجزا شمال غرب القدس المحتلة، كما اعتقلت قوات الاحتلال الشقيقين أحمد وصالح ديوان من بلدة بيت اجزا.

 

طارده الاحتلال والسلطة

وحسب المعلومات عن تفاصيل استشهاد الشبان الفلسطينيين، فإن قوة كبيرة من جيش الاحتلال ووحداته المختارة هاجمت كوخاً صغيراً في أرض زراعية على أطراف بلدة "بدو" شمال غربي القدس، وقامت بقصف الكوخ بصواريخ مضادة للأفراد "الأنيرغا"، إذ كان في الكوخ كل من الشهداء أحمد زهران، وزكريا بدوان ومحمود حميدان، وقام جنود الاحتلال باختطاف جثامين الشهداء واحتجازها كإجراء عقابي متبع تقوم به سلطات الاحتلال ضد الشهداء وذويهم.

وتكرر اسم الشهيد أحمد زهران في وسائل الإعلام الفلسطينية بقوة في الأيام القليلة الماضية، إذ قامت قوات الاحتلال باقتحام منزل العائلة قبل نحو أسبوعين ولم تجده في المنزل، فعادت بعد أيام وقامت باعتقال أشقائه وزوجته للضغط عليه لتسليم نفسه، لكن من دون جدوى. وهدد أحد ضباط الاحتلال والدة الشهيد زهران خلال اقتحامه منزلها قبل أيام قائلاً لها: "سنقتله.. وسنجعل جسده قطعاً صغيرة في كيس".

والشهيد زهران (31 عاماً) اعتقل ست مرات، بما مجموعه ست سنوات من الاعتقال، وهو شقيق الشهيد القسامي زهران زهران، أحد منفذي عملية خطف الجندي "نحشون فايسمن" عام 1994 التي نفذتها مجموعة من كتائب "القسام".

كذلك، كانت أجهزة أمن السلطة الفلسطينية قد اقتحمت منزل عائلته خلال معركة "سيف القدس" لاعتقاله، غير أن عراكاً نشب بين العائلة وعناصر الأمن ليجرى طردهم من المكان، كما قالت الأم.

وأمام المئات من أهالي البلدة والصحافيين وقفت أم الشهيد زهران تتحدث برباطة جأش حول ابنها الذي اختار الشهادة ورفض تسليم نفسه للاحتلال حتى آخر لحظة، قائلة: "إما النصر أو الشهادة... والله أكرمه بالشهادة".

قرار بالاغتيال

أما عائلة الشهيد زكريا بدوان فتؤكد، لـ"العربي الجديد"، أن "هناك قراراً باغتيال الشهداء الثلاثة من قبل قوات الاحتلال التي كان بإمكانها اعتقالهم".

وبدوان (36 عاماً) هو أسير محرر أمضى أربع سنوات في معتقلات الاحتلال، ومتزوج ولديه طفلان، وتم إطلاق سراحه قبل عدة أسابيع فقط.

ويقول خليل بدوان، شقيق الشهيد زكريا بدوان، لـ"العربي الجديد": "أخي لم يكن مطلوباً أو مطارداً لقوات الاحتلال الإسرائيلي، حيث إنه يوجد بشكل دائم في بيته، وملتزم بعمله يومياً".

ويؤكد بدوان أن قوات الاحتلال "تعمّدت ارتكاب جريمة بقتل الشبان الثلاثة بقصف الكوخ الذي كانوا يوجدون فيه، واتهامهم بالتخطيط لعملية فدائية، من أجل خلق انتصار وهمي على حساب الأبرياء"، موضحاً أن شقيقه زكريا "يعد صديقاً للشهيد أحمد زهران، ولا يعرف كيف وصل زكريا إلى المنطقة التي استشهدوا فيها".

أما جاد حميدان، عم الشهيد محمود حميدان، فأكد لـ"العربي الجديد" أن محمود لم يكن مطلوباً للاحتلال، حيث كان يمارس حياته بشكل طبيعي، وتربطه بزهران علاقة قوية، نظراً لكونهما جيراناً، موضحاً أن خبر استشهاده كان مفاجئاً لعائلته، لكنها تدرك مدى وحشية الاحتلال الإسرائيلي.

ويؤكد جاد حميدان أن العائلة ستمضي فوراً بالمطالبات لتسليم جثمانه لدفنه بالطريقة التي تليق بمكانة الشهداء.

والشهيد حميدان (27 عاماً) أعزب، وقد تحرر من معتقلات الاحتلال قبل حوالى شهرين، ووالده كان ضابطاً في جهاز الأمن الوطني الفلسطيني، واستشهد قبل عشر سنوات.

اشتباك لأربع ساعات

أما في بلدة "برقين" غرب جنين، فقد وقع اشتباك مسلح استمر من الساعة الثانية فجراً وحتى السادسة صباحاً، حسب شهود عيان، قبل أن يعلن عن استشهاد الشاب أسامة صبح (22 عاماً) وإصابة شابين على الأقل واعتقالهما، ولا يزال مصيرهما مجهولاً حتى الآن.

ونعت "سرايا القدس" الذراع العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي" الشهيد صبح، وهو أسير محرر اعتقل عدة مرات، كان أولها وهو طفل لم يتجاوز الخامسة عشرة من العمر.

وحسب عائلة صبح، فقد احتفلوا مساء أمس بعيد ميلاده، وحدد مع خطيبته موعد زفافه الشهر المقبل، لكن موعده مع الشهادة كان أقرب.

في هذه الأثناء، أكدت "كتيبة جنين" أن "مجموعات مسلحة تابعة لـ"سرايا القدس" نفذت، فجر اليوم، هجمات ضد دوريات وقوات جيش الاحتلال خلال اقتحامها بلدتي برقين وكفر ذان غرب جنين، وأمطرتها بوابل كثيف من الرصاص، واستهدفت قوات خاصة إسرائيلية قامت بمحاصرة منزل في برقين بعبوات محلية الصنع، فضلاً عن استهداف مباشر لقوة أخرى لجيش الاحتلال من مسافة صفر خلال محاصرة أحد المنازل في برقين، تمكنت خلاله من إصابة قوات جيش الاحتلال بشكل مباشر".

من المعتقل إلى المقاومة

ومن الملاحظ أن كثيراً من المقاومين في الضفة هم أسرى محررون، وهي ظاهرة "مثيرة للاهتمام"، كما يقول الأسير المحرر والخبير في الشؤون الإسرائيلية عصمت منصور، لـ"العربي الجديد"، مستطرداً: "لم تمض أيام على عملية أسرى نفق جلبوع، وبعضهم لم يتبق له من حكمه سوى أشهر قليلة، ومع ذلك لم يكفوا عن محاولة نيل الحرية".

وتابع: "المعتقل لم يقتل توقهم للحرية، والأسرى المحررون لم يردعهم السجن عن المقاومة، ولم يحولهم إلى أدوات مفرغة من محتواها". وقال: "أعتقد أن المعتقل ما زال رغم كل الظروف السيئة والتراجع أحد أهم بوتقات الصهر التي توحد الفلسطينيين، وتعزز روح النضال لديهم، وليس مكاناً للردع والقمع".

وأكد منصور: "ما حدث اليوم ويحدث كل يوم يثبت أن المعتقل لا يردع الفلسطيني، بل على العكس، يعيد تهيئته للعب دور أوسع نضالياً وكفاحياً".

ذات صلة

الصورة
جنود الاحتلال قرب مقر أونروا في غزة بعد إخلائه، 8 فبراير 2024 (فرانس برس)

سياسة

أقر الكنيست الإسرائيلي، مساء اليوم الاثنين، تشريعاً يحظر عمر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) داخل الأراضي المحتلة.
الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.
الصورة
مسيرة وفاء للسنوار في رام الله (العربي الجديد)

سياسة

نظمت حراكات شعبية وقوى فلسطينية وقفة ومسيرة في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة ظهر اليوم السبت، وفاءً لبطولة وتضحية الشهيد يحيى السنوار.
الصورة
خلال تشييع الشهيدة حنان أبو سلامة (زين جعفر/ فرانس برس)

مجتمع

غدر الاحتلال الإسرائيلي بمن سمح لهم بقطف الزيتون من أهالي قرية فقوعة في جنين، لتسقط حنان أبو سلامة أول شهيدة للزيتون