يقدّم مشهد انهيار أجزاء من أهراءات (صوامع القمح) مرفأ بيروت، في ظل عدم تحرك السلطة اللبنانية لمكافحة الحريق المشتعل فيها منذ أيام، صورة مختصرة لكيفية تعاطي هذه السلطة مع انفجار المرفأ بعد سنتين على وقوعه. فكما تنتظر هذه السلطة أن يأتي الحريق على الأهراءات لتنهار وتغلق هذه القضية، فإنها تراهن أيضاً على أن يؤدي مرور المزيد من الوقت على انفجار 4 أغسطس/آب 2020، إلى طيّ هذا الملف، في ظل تعطيل التحقيق وإدخال القضية في موت سريري.
ويبرز هذا بشكل واضح من خلال الدعاوى القضائية وطلبات الردّ التي بلغ عددها 21، منها ما أدى إلى تجميد عمل المحقق العدلي القاضي طارق البيطار منذ أكثر من 8 أشهر، ودَعّمتها تعطيلها حركة الهيئة العامة لمحكمة التمييز.
يتوازى ذلك مع استمرار "احتجاز" موقوفين بلا محاكمة، في وقتٍ يُترَك فيه الجرحى لمداواة إصاباتهم على نفقتهم، ومنهم من توفي هذه السنة بصمتٍ، بينما توزع المساعدات استنسابياً ويُهمل الجرحى الأجانب والفئات المهمشة. كلّ ذلك إلى جانب تلكؤ دولي فاضح بالتعاون لتدعيم التحقيقات المحلية، بينما يفاوض الخارج السلطة المسؤولة عن التفجير لمساعدتها في وقف الانهيار المالي.
لكن أهالي أكثر من 230 ضحية، لم يملوا من التحرك ولم يتخلوا عن قضيتهم على الرغم من "انقسامات" طاولت صفوفهم، وإدراكهم صعوبة المواجهة مع منظومة تمتهن طمس ملفات الجرائم السياسية والمالية والقضايا التي تمسّها.
تصف الباحثة المتخصصة بالشأن اللبناني في "منظمة العفو الدولية" سحر مندور، مسار التحقيقات المحلية بـ"الكارثي"، إذ يتّسم بالإعاقة المتتالية والمتعمّدة والمستدامة التي تمارسها السلطات اللبنانية بحق التحقيق، وتواصل الوقوف في وجه محاولات القاضي استدعاء المسؤولين السياسيين، وذلك بهدف حمايتهم.
باحثة في "منظمة العفو": مسار التحقيقات المحلية كارثي، ويتّسم بالإعاقة المتتالية والمتعمّدة
وتقول مندور لـ"العربي الجديد": "هناك عائقان أساسيان يعرقلان مجرى العدالة، الأول يتمثل بالشكاوى القضائية المضادة التي تجمّد التحقيق كل فترة، وتمسّ كلّ من اقترب من ملف التحقيق، بدءاً بالقاضي الذي كُلَّف أولاً بالتحقيق فادي صوان، ومن ثم القاضي البيطار المكفوفة يده منذ 23 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وطاولت قضاة في محكمة التمييز الذين حكموا ضد شكاوى سابقة كانت تهدف إلى تجميد التحقيق من خلال ردّها".
أما العائق الثاني الذي حال دون تقدّم التحقيق في أوقات سيره، بحسب مندور، فيتصل برفض السلطات وتأخيرها طلبات قاضي التحقيق لرفع الحصانة عن أعضاء مجلس النواب واستجواب كبار المسؤولين الأمنيين الذين كانوا ولا يزالون في مراكز سلطة محورية بعلاقتها مع التفجير.
تبعاً لذلك، تعود الباحثة في "العفو الدولية" إلى التحليل القانوني الذي أصدرته المنظمة بعد أقل من شهر على وقوع الانفجار، ويقول إن المجلس العدلي غير مخوّل التحقيق بجريمة من هذا النوع والمتهم الأول فيها السلطات اللبنانية، فهو غير منفصل عن السلطة التنفيذية والتشريعية في لبنان، وهو محكمة تفتقر إجراءاتها في طبيعتها إلى الاستقلالية والنزاهة وتتقاعس عن تلبية المعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
وبالتالي فإن المجلس غير قادر على التحرّك ولا يملك سلطة مقاضاة المسؤولين في السلطة، بدليل أن أياً من المدعى عليهم والمطلوبين للتحقيق لم يحضروا الجلسات أمام القاضي البيطار، سياسيين أم أمنيين، لا بل عمدوا إلى تقديم طلبات رد ودعاوى جمّدوا خلالها التحقيق.
وتلفت إلى "أننا سنعيد الطلب من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إرسال بعثة تحقيق دولية من قبيل بعثة لتقصي الحقائق للتحقيق في انفجار مرفأ بيروت، وهو طلب كانت قد بعثت به المنظمة في إطار ائتلاف ضمّ أكثر من 50 منظمة لبنانية ودولية، غير أن عوائق كثيرة حالت دون تلبيته، منها عدم مطالبة الدولة اللبنانية بها"، مشددة على "أننا سنضغط بهذا الإطار في جلسة مجلس حقوق الإنسان في سبتمبر/أيلول المقبل".
وتعرّج مندور على وضع الموقوفين بلا محاكمة منذ سنتين بينما حقوقهم منتهكة، في خرق كبير لآليات العدالة سواء المرتبطة بالقوانين المحلية أو الدولية، بينما المسؤولون الذين يُطلبون للتحقيق لا يحضرون.
من جهتها، تقول مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش" لمى فقيه، لـ"العربي الجديد"، إن "ما يجعل المعاناة مستمرّة عرقلة التحقيق وغياب العدالة"، مشيرة إلى أن "الجريمة حصلت ضدّ كل المقيمين في بيروت، وكل الذين تضرّروا مادياً ونفسياً وجسدياً، ونحن مع عوائل الضحايا والمتضررين نواصل مطالبتنا بتحقيق مستقلّ لمعرفة ماذا حصل في 4 أغسطس ومن المسؤول عنه".
وتلفت فقيه إلى أن "التحقيق المحلي توقف لأسباب سياسية أواخر العام الماضي، وحتى اليوم لا نرى للأسف طريقاً لاستمراره، لذلك فإن منظمة هيومن رايتس ووتش وعوائل الضحايا والعديد من المنظمات يطالبون بتحقيق دولي من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة". وتعتبر أنه "في حال لم يحصل تحقيق دولي فإن هذه الجريمة ستلقى مصير كل الجرائم التي ارتكبت في لبنان ومرّت من دون محاسبة ومن دون معرفة الحقيقة".
وتشير فقيه إلى "أننا طالبنا العام الماضي مجلس حقوق الإنسان بإرسال بعثة تحقيق دولية، وقد لاقى الطلب ترحيب العديد من الدول، علماً أن غالبيتها تركز على الموقف الفرنسي من هذا الموضوع، لكن عوامل عدة أعاقت ذلك، منها أن الدولة اللبنانية لم تقدم طلباً بذلك".
وتضيف "إلى حدّ اليوم لم نرَ حتى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي حضر إلى لبنان غداة الانفجار، ترجم أقواله، إذ لم نرَ فرنسا تتخذ الموقف الصحيح لمساعدة الشعب لمعرفة كيف يمكنه أن ينال العدالة، ونحن نضغط لتكون هذه القضية أولوية ويعملون عليها".
وتشدد مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش" على أن المشكلة الأساسية في البلد هي بعدم وجود قضاء مستقل، من هنا على البرلمان سنّ قوانين تعزز استقلالية القضاء، وتعديل تلك التي أقرها في هذا الإطار وفيها الكثير من الشوائب.
وقائع التعطيل وكف يد البيطار
يسرد المحامي جيلبير أبو عبود، وهو أحد وكلاء أهالي الضحايا، "وقائع التعطيل" وسيناريو إيقاف المحقق العدلي القاضي طارق البيطار عن النظر بالملف خمس مرات، قبل أن تُكف يده "مؤقتاً" منذ 23 ديسمبر/كانون الأول بفعل طلب الرد المقدم من المدعى عليهما النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر.
ويقول أبو عبود: "حرص القاضي البيطار، منذ توليه الملف بعد كف يد سلفه القاضي فادي صوان بفعل دعوى ارتياب مشروع رفعت أيضاً من زعيتر وخليل، على سلك المسار الإجرائي الصحيح، وقام بدرس القضية وتمحيصها، فكرّر الادعاء على (رئيس الحكومة السابق) حسان دياب، وزعيتر، وحسن خليل، ووزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس (ينتمي إلى تيار المردة بزعامة سليمان فرنجية حليف حزب الله)، وأضاف إليهم وزير الداخلية السابق والنائب وقتها نهاد المشنوق، بجرائم القتل والإيذاء والتخريب والإحراق مع القصد الاحتمالي بانفجار راح ضحيته 233 شخصاً (لا عدد رسمياً صادراً عن السلطات)".
ويضيف: "بعدها أصدر البيطار مذكرتي توقيف غيابيتين بحق خليل وفنيانوس، وطلب إحضار دياب، بيد أن التمرّد استمرّ، والمدعى عليهما حسن خليل وزعيتر يواصلان عملهما وتنقلاتهما بشكل طبيعي، وترشحا للنيابة وعادا إلى البرلمان".
ويشير إلى أن "قائمة الملاحقات شملت أيضاً قادة عسكريين وأمنيين سابقين أبرزهم قائد الجيش السابق جان قهوجي الذي حضر جلسات الاستجواب قبل تركه". ويضيف أن "البيطار طلب من دياب الإذن بملاحقة المدير العام لجهاز أمن الدولة طوني صليبا (محسوب على الرئيس ميشال عون)، والإذن من وزير الداخلية وقتها محمد فهمي لملاحقة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم (محسوب على حركة أمل وحزب الله)، في مسارين اصطدما بشكل علني فاضح بالرفض".
عدد طلبات الرد والدعاوى بلغ 21، منها 12 بهدف كف يد القاضي البيطار
ويلفت أبو عبود إلى أن "عدد طلبات الرد والدعاوى بلغ 21، منها 12 بهدف كف يد البيطار، و9 لإزاحة القضاة الذين ينظرون بطلبات رد المحقق العدلي، وعملياً هناك 11 دعوى مقدَّمة من زعيتر وحسن خليل، و6 من فنيانوس، 3 من المشنوق، ودعوى من دياب".
ويشير إلى أن "كف يد البيطار أتى أخيراً بسبب طلب الرد المقدم من نائبي حركة أمل (زعيتر وحسن خليل)، وزاد المشكلة الخلاف على التشكيلات الجزئية لرؤساء غرف محكمة التمييز في ظل رفض وزير المال المحسوب على بري، يوسف خليل، التوقيع عليها، عدا عن حجز رئيس الجمهورية ميشال عون التشكيلات القضائية الأساسية التي لو تمت لما كان حصل النقص برؤساء المحاكم، من هنا أهمية المطالبة بإقرار قانون استقلالية القضاء".
سياسياً، يلفت أبو عبود إلى أن حكومة دياب "رحلت" وأتت حكومة نجيب ميقاتي التي تعاطت مع الملف بالطريقة نفسها، فهي مكوَّنة من حصص تابعة للمنظومة الحاكمة، وقد رضخت للضغوط وأوقفت جلساتها بفعل تهديدات وزراء حزب الله وحركة أمل، بالاستقالة أو الإطاحة بالبيطار.
ويشير إلى أن الحملات زادت على البيطار، ووصلت إلى حدّ افتعال فتنة طائفية بـ"أحداث الطيونة" (وقعت في 14 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وأسفرت عن مقتل 7 من مناصري حزب الله وحركة أمل خلال مواجهات بعد تظاهرة لإقالة القاضي طارق البيطار)، ومنها حملات مباشرة من الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ومسؤول جهازه الأمني وفيق صفا الذي هدد من قصر العدل بقبع المحقق العدلي.
ويتوقف أبو عبود عند قرار حكومة ميقاتي هدم أهراءات (صوامع القمح) مرفأ بيروت، وإصرار السلطة على هذه الخطوة على الرغم من اعتراض أهالي الضحايا واللبنانيين، ووصل الأمر إلى افتعال حرائق لأسابيع وتركها من دون إطفاء لتسريع عملية الانهيار التي بدأت في الجزء الشمالي، مع العلم أنه بشهادة نقابة المهندسين وكبار المختصين بالإمكان الحفاظ على الأهراءات وترميم الجزء الأكبر منها.
وعدا عن إعادة انتخاب حسن خليل وزعيتر نائبين، وانضمام مدعى عليهما إلى لجان نيابية أساسية بملف التحقيق، على رأسها لجنة الإدارة والعدل، أقر البرلمان أخيراً، انتخاب أعضاء المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، من المنظومة السياسية ومنهم ينتمون إلى أحزاب مدعى أعضاء فيها عليهم في القضية، علماً أن الطبقة السياسية تحاول تحويل ملف التحقيق إلى هذا المجلس.
أسباب تعثر التحقيق الداخلية والخارجية
من جهته، يقول نقيب المحامين السابق، النائب عن القوى التغييرية ملحم خلف، لـ"العربي الجديد"، إن أسباب تعثر التحقيق منها داخلية وأخرى خارجية، الداخلية ترتبط أولاً بزجّ الملف بتجاذب سياسي جعل من هذه القضية عبارة عن وجهات نظر بدل ترك الأمر للقضاء والعدالة.
ويضيف خلف: "رأينا أيضاً أن مقام النيابة العامة كان غائباً كلياً عن التحقيق، إذ لم تقم بدورها كممسكة بالملف باعتبار أن النيابة العامة لها دور أساسي بتوجيه التحقيق ومتابعة الأدلة، أما السبب الثالث فيتصل بالتعسف باستعمال الحق، ووصول عدد الدعاوى وطلبات الرد إلى 21، ما يمكن أن نفهم منه أن إحدى وسائل العرقلة تكمن في استغلال الحقوق، وبالتالي التعسف باستعمالها".
ملحم خلف: تم زجّ الملف بتجاذب سياسي جعل من القضية عبارة عن وجهات نظر بدل ترك الأمر للقضاء
ويلفت خلف إلى أن "السلطة ترفض أيضاً إتمام التبليغات بشكلها قانوني وهو ما يعيق مسار التحقيقات، كما علينا الإشارة إلى ما يرتبط بالضابطة العدلية التي تقوم بالتحقيقات بينما نعلم جيداً أن رؤساء بعض الأجهزة مطلوبون للتحقيق، ما يدل على أن هناك أمراً بعدم تسهيل إتمام التحقيق".
بالانتقال إلى الأسباب الخارجية، يقول خلف إنه "تم الطلب من عددٍ من الدول الاستحصال على صور الأقمار الاصطناعية ليوم 4 أغسطس/آب 2020، ولم يأتِ أي جواب منها، وهناك 16 استنابة قضائية تقدّم بها المحقق العدلي وفقط 6 دول أجابت عليها".
كذلك، وبحسب خلف، تقدّمت نقابة المحامين بثلاث رسائل إلى الأمين العام للأمم المتحدة ولم يأتِ أي جواب، حتى عندما حضر إلى لبنان قدّم جواباً غير مفيدٍ، عدا عن تقارير الخبراء الدوليين الذين حضروا إلى لبنان بينهم خبراء من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (إف بي آي) الذين وضعوا تقريراً يذهب نحو لائحة من النتائج تم استخلاصها لكنهم وصلوا إليها من خلال معلومات أفادهم بها رجال الأجهزة الأمنية اللبنانية، أي أنهم لم يقوموا بأي عمل ذاتي أو جهد خاص ينطلق من خبراتهم.
ويردف خلف "حضر خبراء بريطانيون إلى مسرح الجريمة وبقوا داخل المكان أسابيع عدة ولم يضعوا أي تقرير حتى هذا التاريخ، كما حضر 31 خبيراً فرنسياً، منهم 7 اشتركوا في التحقيق بتفجير تولوز عام 2001، ووضعوا 3 تقارير مبدئية، لم تكلل بتقرير نهائي حتى اليوم".
وبينما لم تصل للكثير من المتضررين المساعدات المالية، يلفت النائب خلف إلى أن نواب بيروت تقدموا باقتراح قانون معجل مكرر لاستثناء بلدية بيروت من المادة 32 من قانون الموازنة العامة لعام 2020 التي تمنع البلديات والمؤسسات العامة من تقديم مساعدات وذلك للإتاحة للبلدية تقديم مساعدات للمتضررين من الانفجار.
جرحى انفجار بيروت متروكون
يقول عضو مكتب محامي الادعاء عن الأجانب من الفئات المهمشة المحامي مازن حطيط، لـ"العربي الجديد"، إن المسار الحاصل يعرقل العدالة على صعيد عام في الملف، كما يؤخر البت بقضايا عدة مهمة جداً، منها داخلية، مثل وضع الموقوفين (عددهم 17) والذين تأخذهم السلطة السياسية رهائن في الملف.
الجرحى لم يتم تعويضهم وهم يعالجون على حسابهم
ويضيف حطيط "خارجياً أيضاً، ترتد العرقلة بضياع الأدلة، مثلاً على صعيد ملف شركة "سافارو ليمتد" المسؤولة عن شحنة نيترات الأمونيوم التي انفجرت في 4 أغسطس، والتي تمكّنا من تمديد تجميد تصفيتها، في حين أن العرقلة التي تنتهجها السلطة السياسية كادت أن تؤدي إلى تهرّب الشركة من مسؤولياتها".
ويشير إلى أن "هذا التجميد قد ينتهي مفعوله نتيجة توقف التحقيق، إلى جانب ملف توقيف شخص برتغالي مطلوب من الإنتربول لصلته بالانفجار، والذي لم نعلم ماذا حلَّ به باعتبار أن التحقيق متوقف والنيابة العامة التمييزية لا تمثل الحق والصالح العام بل هي خصم في الملف وسد منيع لحماية المرتكبين ورجال النظام".
من ناحية ثانية، يقول حطيط إن الجرحى لم يتم تعويضهم وأدخلوا في الضمان الاجتماعي من دون آليات تنفيذية وهم يعالجون على حسابهم، كما لم توضع المراسم التنفيذية الخاصة بمساواة الضحايا والجرحى بشهداء الجيش.
وتطرقت "المفكرة القانونية" في تقرير لها إلى معاناة ورثة الضحايا الأجانب (عددهم 72) في الحصول على المساعدات والتعويضات، وتداعيات عدم وجود تعداد رسمي للضحايا اللبنانيين والأجانب الذين قضوا في الفاجعة.
فالتعداد غير الدقيق من شأنه أن يحرم عدداً من أهالي الضحايا غير المدرجين على اللوائح الرسمية من الحصول على المساعدات والتعويضات التي أقرتها الدولة لضحايا التفجير. كما توقفت عند بعض القوانين التي ميزت بين ضحية لبنانية وأجنبية، والصعوبات التي واجهها الضحايا الأجانب لتحصيل المساعدات المالية.
أهالي ضحايا انفجار بيروت يواصلون تحركاتهم
وينظم أهالي ضحايا الانفجار مسيرات اليوم الخميس، لمناسبة الذكرى الثانية للانفجار، رافعين مطالب الحقيقة والعدالة والمحاسبة، على الرغم من اختلافات بينهم، بيد أنهم يلتقون على ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة.
أهالي الضحايا: السلطة السياسية تستخدم كل أسلحتها لعرقلة التحقيقات وطمس الحقيقة وحماية المسؤولين والمطلوبين
تقول رئيسة جمعية أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت ماريانا فاضوليان (شقيقة الضحية غايا)، لـ"العربي الجديد" إن السلطة السياسية تستخدم كل أسلحتها لعرقلة التحقيقات وطمس الحقيقة وحماية المسؤولين والمطلوبين، سواء بالدعاوى وطلبات الرد والتعسف باستعمال الحق، أو اللعب على وتر الطائفية والتلويح بالحرب الأهلية.
وتشير إلى استعمال السلطة قسماً من الأهالي، حوالي 20 عائلة، لتنفيذ أجندات السلطة والعمل ضد التحقيق والقاضي البيطار، موضحة أن "موقفنا من الأخير يُحدَد عند صدور القرار الظني الذي يثبت ما إذا كان القاضي يتعاطى باستنسابية أم لا".
من ناحية ثانية، تقول فاضوليان إن "الأهراءات هي مدافننا، وهي الشاهد الصامت بوجه كل مسؤول عن التفجير"، مستغربة "توقيت اندلاع الحريق فيها بالتزامن مع إعلان حملتنا التي ترتكز على ضرورة الإبقاء على الأهراءات لتكون شاهداً على الجريمة، وتعرّف الأجيال المقبلة على مجزرة ارتكبتها السلطة السياسية بحق شعبها".
أما إبراهيم حطيط، شقيق الضحية ثروت حطيط، والذي خرج في أكتوبر/تشرين الأول الماضي في مقطع فيديو يشنّ فيه هجوماً على البيطار، قبل أن يستكمل مساره مع مجموعة من الأهالي التي ادّعت بدورها على القاضي البيطار في تصرف وُضع بداية في خانة تعرضه للتهديد نتيجة مواقفه الحادة من حزب الله وحركة أمل، فيصر على أنه لم يتم بيع القضية.
ويقول حطيط، الذي كان يمثل أهالي الضحايا قبل التحول الذي طرأ على مواقفه وتحوله إلى متسبب في الانقسامات بين الأهالي، إن "ما يحصل اليوم نتيجة استخفاف سياسي وقضائي، والملف لم يتقدم خطوة منذ سنتين ونحن نواصل تحركاتنا لمحاسبة المسؤولين". ويلفت إلى أن "الانقسام بين الأهالي أثّر على قضيتنا التي لم نبعها، لكن القاضي ارتكب أخطاء جسيمة قدّمنا وثائق بها، ونطالب بكف يده عن الملف".