قال رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، إن "العمل جار على صياغة دستور جديد للبلاد، سيعرض على الشعب للاستفتاء عليه، وصولاً إلى انتخابات شاملة في أقرب وقت ممكن"، مطالباً بضرورة إزالة الأسباب التي حالت دون إجراء الانتخابات في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
جاء ذلك في كلمة ألقاها صالح، ظهيرة اليوم الثلاثاء، خلال الاجتماع الذي عقد في مدينة سرت، من أجل مناقشة ميزانية العام الحالي التي قدمتها حكومة فتحي باشاغا المكلفة من المجلس.
وكان صالح قد دعا لاجتماع في سرت يضم رؤساء المؤسسات السيادية، ومنهم محافظ مصرف ليبيا المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط، إلا أنهم غابوا عن الاجتماع الذي حضره ممثلين عنهم، بجانب عدد من النواب، من بينهم لجنة التخطيط والمالية بمجلس النواب.
شارك في الاجتماع أيضاً رئيس الحكومة، فتحي باشاغا، ووزير ماليته، أسامة حماد.
وأوضح صالح أن اللجنة الدستورية المشتركة بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة مستمرة في أعمالها، وأنهم "يعملون على دستور جديد للبلاد وسيعرض على الشعب للاستفتاء عليه".
وأضاف "يجب إنهاء الانقسام في البلاد ولا يمكن لحكومة الدبيبة الإشراف على الانتخابات والمجموعات المسلحة تعرقل إجرائها"، مشددا على إجراء الانتخابات في أقرب وقت وإزالة الأسباب التي حالت دون أجرائها في ديسمبر الماضي.
وأكد صالح أن حكومة باشاغا ستمارس عملها من مدينة سرت، باعتبارها الحكومة الشرعية، مهدداً بمحاسبة من لا يتعاون معها.
وفي تعليق على رفض حكومة الوحدة الوطنية تسليم السلطة لحكومة باشاغا، قال صالح "عدم التداول السلمي للسلطة يعد انتهاكاً للقانون"، و"الاقتتال بات مرفوضاً في ظل وجود حلول سياسية".
وشدد على وجوب محاسبة من يتجاهل قرارات السلطة التنفيذية، مشيراً إلى أن "الفاسدين هم المستفيد الأول من مخالفة قرارات السلطات".
وطالب صالح النائب العام، الصديق الصور، بتحريك دعوى ضد من تسول له نفسه التعدي على مقدرات الشعب الليبي.
وتعليقاً على عدم حضور رؤساء المؤسسات السيادية الاجتماع، قال صالح: "الأجهزة الرقابية تابعة لمجلس النواب، وإن رؤساء هذه الأجهزة غير الملتزمين بقوانين المجلس يعتبرون فاقدين لصفتهم، وأي مسؤول أو رئيس أي جهة تابعة لمجلس النواب، يمتنع عن تنفيذ ما يصدر عنه من قوانين وقرارات، يعتبر فاقداً للصفة والأهلية، ولا يمثل إلا نفسه، وعلى النيابة العامة تحمل مسؤوليتها في هذا الشأن".
وبشأن تغيب محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، ودعمه لحكومة الوحدة الوطنية، قال صالح "إن المصرف المركزي يجب أن يدار من قبل مجلس الإدارة وليس من المحافظ وحده، ولا يجوز للمركزي صرف الأموال دون قانون ميزانية"، معتبراً "ما يقوم به محافظ المصرف المركزي مخالفا للقانون، وقد يصل إلى جريمة إساءة استغلال السلطة واغتصابها"، وفق وصفه.
واقترح صالح العمل مؤقتاً بنظام الحكم المحلي، كما أشار إلى أهمية معالجة سعر صرف الدينار والتضخم ونقص السيولة النقدية.
من جهته، قال رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، فتحي باشاغا، إن "ليبيا عانت طيلة السنوات الماضية من آفة الانقسام السياسي والمؤسساتي، وبقاء الدولة لعدة سنوات دون ميزانية معتمدة من السلطة التشريعية، الأمر الذي فتح الباب واسعاً للفساد المالي والإداري وعدم التقيد برقابة السلطة التشريعية في بنود وأصول صرف الأموال العامة".
وتابع "نشاهد تردي الخدمات وانهيار البنية التحتية وتدني المستوى المعيش للمواطن الليبي رغم مئات المليارات التي أُهدرت دون رقابة فاعلة من كافة السلطات الرقابية المختصة. لذلك فإن الحكومة سعت بكل ما أوتيت من قوة للعمل على تقديم مقترح للميزانية العامة للدولة مراعيةً فيها الترشيد في الإنفاق وتقليص ميزانية البند الثاني المتعلق بالمصاريف التسييرية لما لوحظ من تجاوزات كبيرة طيلة السنوات الماضية من خلال هذا الباب".
وأشار باشاغا إلى إلغائه بند الطوارئ في الميزانية، مفسّراً ذلك بأنه "كان يستخدم كحيلة على القانون للتصرف في مليارات الدنانير دون الخضوع للسلطات الرقابية في صرف الأموال".
ولفت إلى أن "مشروع الميزانية المقترح سيضمن توزيعاً عادلاً ومباشراً للمجالس البلدية للمساهمة والمشاركة مع الإدارة المركزية في الرفع من نهضة الدولة والرفع من مستوى الخدمات لدى المواطن الليبي في كل مكان دون أي مفاضلة أو تمييز بين الليبيين".
وأكد باشاغا التزام حكومته بممارسة اختصاصاتها ومباشرة أعمالها دون الالتجاء للعنف ضد أي خصم سياسي، مجددا تأكيده ممارسة حكومته أعمالها من مدينة سرت، ومبرراً ذلك برمزيتها الوطنية وتوسطها للبلاد. غم تضررها جراء الحروب".
وشدد على ضرورة أن تضطلع المؤسسات المالية والرقابية التابعة لمجلس النواب بمهامها واختصاصاتها وفق القانون، واكتمال تشكيلها القانوني.
وبيّن أن ما تقوم به حكومته يرتكز إلى غاية وطنية أساسية تتمثل في "حفظ كيان الدولة ووحدة مؤسساتها، وإنهاء مظاهر الفوضى والفساد، وتهيئة المناخ اللازم والمناسب لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية على أسس دستورية" مؤكداً عزم الحكومة على تنفيذ هذا الالتزام، بما في ذلك تقديم كل المتطلبات والاحتياجات التي تلزم المفوضية العليا للانتخابات.