في حصيلة تُظهر مستوى رعاية ساسة تل أبيب رسمياً التحريض والإرهاب، قدم الفلسطينيون منذ بداية العام الحالي عشرات الشهداء والجرحى، مع استمرار التنكيل بأسراهم وتدمير بيوتهم، ونهب أرضهم وحرق ممتلكاتهم.
وتذكر العربدة والانفلات الاستيطاني المحمي بجنود الاحتلال، بأن العنف الذي تتقاسمه جماعات الإرهاب الاستيطاني يتسق مع الرسمي منه، بل هو ترجمة حرفية لتحريضه على إبادة ومحو الوجود الفلسطيني، وبأنه ليس بمعزل عن الأصول التاريخية المؤسسة للصهيونية.
فليس فقط في تحريض بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير وبنيامين نتنياهو استعادة لمشاهد مذابح النكبة الفلسطينية في عام 1948، بل تظهير لحقيقة "إسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة في المنطقة"، والتي يهرع البعض إليها مطبعاً، على الرغم من هذا المكنون من كراهية كل ما هو عربي وكل من يجرؤ على الاقتراب من نقد الاحتلال دولياً.
القصة أبسط بكثير من نفاق إقليمي وعالمي في قراءة الأسباب التي تؤدي إلى مشهد بلدة حوارة، جنوبي نابلس، وفي تطبيق لـ"الأبرتهايد" (الفصل العنصري) على الأرض والبحث عن "الحل النهائي" بحق شعب فلسطين، إذ تصير اللغة الدبلوماسية المائعة، عن "مسؤولية الطرفين"، ما يشبه رخصة قتل رسمية، وبـ"تشريعات" إعدام ميداني، لتثبيت الممارس منذ عقود، حرقاً ودهساً وبالرصاص.
فالدعوة الصريحة إلى محو حوارة، كما ذهب سموتريتش، هو بالضبط ما طُبق منذ النكبة، نفي وتهجير مئات الآلاف ومحو أكثر من 400 قرية وبلدة ومدينة فلسطينية، يحمل أصحابها مفاتيح بيوتها في مخيمات البؤس والعار الدولي والعربي، المنشغلان هذه الأيام بتحويل الحالة العربية المشرقية كلها إلى قضية كسرة خبز وجوع و"إنسانية"، تطيح بكل أسباب ونتائج الظلم الواقع على الجميع، فلسطينيين وسوريين ولبنانيين وعراقيين، وبقية أبناء المنطقة.
ولأن القصة الفلسطينية هي قصة حقوق وطنية وعدالة، وليست قضية تحسين شروط البؤس والاحتلال، يُمنع الاقتراب من مناهج تعليم أطفال دولة الاحتلال الإسرائيلي، عن "العربي الجيد"، الخانع أو المقتول، وتعليمهم التصويب نحو الفلسطيني، كبديل عن العرب، المُطالبين، ويا للسخرية، بمراجعة مناهجهم التعليمية كرمى لعيون المؤمنين بتعاليم زئيف جابوتينسكي ومائير كهانا، وسفاح "صبرا وشاتيلا" أرييل شارون.
وأمام نسف أبسط الحلول المتعلقة بـ"حل الدولتين"، واستعادة ساسة الاحتلال ومستوطنيه تسميات تلمودية للأرض المحتلة، والإصرار على إنهاء الوجود الفلسطيني، واستبداله بتزييف وأكاذيب إحلالية باسم الأساطير، والسكوت على دعوات إرهابيين بربطات عنق إلى المذابح، وغيره الكثير في يوميات الفاشية الصهيونية، هل يبقى أمام الفلسطيني غير المقاومة؟