- الاحتفالات تكشف عن نوايا لتهجير الفلسطينيين، مع رفع لافتات عنصرية وضغوط للحصول على تصاريح دخول وخروج، في محاولة لعزل السكان ودفعهم للهجرة، مما يعكس الصراع على الأرض والهوية.
- بعد الاحتفالات، تستمر معاناة الفلسطينيين بقيود شديدة على الحركة واعتداءات متكررة، مما يجعل الحياة في "المناطق المغلقة" صعبة، مع تقارير عن احتجاز وعنف، وشكاوى من نقص الدعم الرسمي.
في أواخر مارس/آذار من كل عام، يحتفل المستوطنون في الخليل بما يسمى "عيد المساخر" وهم سكارى، فيما يعيش فيه الفلسطينيون أوقاتا صعبة تهدد حياتهم، تحديدًا في مناطق تل الرميدة وشارع الشهداء وواد الحصين ومحيط بركة السلطان وحارة جابر وحارة السلايمة، وحارة غيث ومحيط المسجد الإبراهيمي، المعروفة بـ"المناطق المغلقة".
وبملابس ساخرة تشبه ملابس الفلسطينيين، وألوان ومساحيق غريبة على الوجوه، وأقنعة تشبه أشكال الحيوانات، ورقصات على وقع أصوات الأغاني الصاخبة، وزجاجات خمور على جوانب الطرقات والأزقة، وحجارة تتطاير على منازل الفلسطينيين؛ هكذا يبدو حال أحياء البلدة القديمة في الخليل جنوبي الضفة الغربية، بحجّة الاحتفالات بعيد "البوريم" المسمى بالمساخر، وذلك بحماية جنود الاحتلال الإسرائيلي، ومشاركة الوزير المتطرف إيتمار بن غفير.
وتبدأ احتفالات المستوطنين بعد التجمع ظهرًا في منطقة حي تل الرميدة، ثم يجوبون شارع الشهداء المغلق منذ عام 1994 ويعبرون من مقر السوق القديم "الحسبة"، والذي تقام فيه وحدات استيطانية، وصولًا إلى شارع السهلة، وساحة المسجد الإبراهيمي، وخلال هذه الجولة لا يتوقف المستوطنون عن شتم سكّان المنازل الفلسطينيين ومحاولة الاعتداء عليهم والبصق على من يمر منهم في الأحياء أو يجلس أمام منزله، وفق ما يقول أحد سكّان حارة جابر، والناشط في تجمع المدافعين عن حقوق الإنسان، عارف جابر خلال حديث لـ"العربي الجديد".
ويضيف جابر، أن اللافت في احتفالات هذا العام هو رفع المستوطنين خلال احتفالاتهم، لافتات عنصرية تدعو لتهجير الفلسطينيين من منازلهم، تزامنًا مع ضغوط إسرائيلية على سكّان المنازل في البلدة القديمة المعروفة بـ"الأحياء المغلقة" تساومهم بأن يتوجهوا إلى الحاجز الإسرائيلي "160" لإصدار تصاريح شخصية لهم، للدخول والخروج، وذلك في خطوة علنية ترمي لمنع وصول أحد إلى مناطقهم المغلقة إلا عبر تصريحٍ إسرائيلي، وهي خطوة من خطوات دفع الناس للهجرة.
ويعبّر سلوك المستوطنين في الاحتفالات خصوصًا بعد مشاركة بن غفير، عن نوايا مبيّتة لإخلاء المناطق المغلقة التي يسكن فيها نحو 5 آلاف مواطنٍ بلا مقومات دعم وصمود، بينما يستوطنها نحو 700 مستوطن، يعرفون بأنهم الأكثر تطرفًا وروّاد المدارس الدينية التي يشرف عليها الوزير المتطرف بن غفير.
وفي أعقاب الاحتفال بعيد المساخر، احتجز جنود الاحتلال الإسرائيلي، الذين هم بالأصل مستوطنو مستوطنات "بيت هداسا وإبرهيم أفينو وبيت رومانو وتل الرميدة" المقامة على أراضي الخليل، نحو 20 فلسطينيًا من سكّان المناطق المغلقة، غالبيتهم من النساء، واقتادوهم إلى أقرب معسكرٍ للجيش، وتركوهم قرابة 6 ساعات مكبّلي الأيدي، ومعصوبي الأعين، قبل أن يطلقوا سراحهم، حسب ما يقول جابر.
ولم تتوقف اعتداءات المستوطنين على سكان المناطق المغلقة، وتحديدًا حارة غيث على سبيل المثال منذ بدء الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بل زادت بشكل غير مسبوق خلال الأسبوع الجاري، قبل انطلاق احتفالات عيد المساخر، وحتى هذا اليوم، حيث لم يكتف الجيش الإسرائيلي بمنع المواطن عبد الباسط غيث، وهو أحد سكّان حارة غيث، من الوصول إلى منزله، بل تعرض تزامنًا مع موعد الإفطار، إلى هجومٍ من المستوطنين ما أصابه برضوض في مختلف مناطق الجسد، وإصابة شقيقه بجروح جراء طعنه في الرأس.
وعلاوة على ذلك، يقول غيث، في حديث مع "العربي الجديد"، إن قوات الاحتلال لم تسمح للجنة الدولية للصليب الأحمر، بالوصول إلى محيط منزلهم لنقل الإصابات إلى المستشفى، حيث شكا من ضعف الدعم الرسمي لهم في تعزيز صمودهم وثباتهم في مناطقهم المحاصرة.
ويشير غيث، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن احتفالات المستوطنين لا تشكّل خطورة على الصعيد المعنوي والنفسي فقط، بل تطاول منازلهم، والخطر على حياتهم، حيث إن جميع المستوطنين مسلّحون وذلك بحماية وموافقة إسرائيلية.
وما أن ينتهي عيد المساخر اليهودي، حتّى تعود حياة أهالي البلدة القديمة إلى حال لا يختلف كثيرًا عن أجواء الأحياء في ظل الاعتداءات، حيث يحرم سكّان المناطق المغلقة من الخروج والدخول إلا في أوقات محددة، وعبر إجراءات صارمة حيث يسمح لهم بالخروج في ساعات الصباح، ولا يسمح لهم بالعودة إلا في ساعات المساء، ويتعرضون خلالها للاحتجاز، حيث سجّل تجمع المدافعين ما هو متوسط 15 - 20 حالة احتجاز يومية بحق سكّان المنطقة، كما يروي الناشط عارف جابر.