عبر المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، اليوم الأربعاء، عن أسفه الشديد لأنه يقدم إحاطته الشهرية لمجلس الأمن الدولي مجددا عن تفاقم الأوضاع عسكريا وإنسانيا في اليمن، بدلا مما يفيد عن تحقيق تقدم على صعيد المباحثات السياسية، موجهاً انتقادات لجماعة "أنصار الله" (الحوثيين) ورفضهم مقابلته في إحدى جولاته الأخيرة.
وقال غريفيث إن "هجمات بلا هوادة مستمرة من قبل أنصار الله على مأرب، والقيود على الواردات عبر الحديدة مستمرة مما يؤدي إلى نقص حاد في الوقود"، متحدثا عن استمرار القيود المفروضة على حرية اليمنيين في التنقل في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك استمرار إغلاق مطار صنعاء.
وشدد على أن غياب التقدم في العملية السياسية يحرم اليمنيين من الأمل في اقتراب نهاية الصراع. وحول الهجمات في مأرب قال: "هناك الكثير على المحك في مأرب. لقد تسبب هجوم أنصار الله، المستمر منذ أكثر من عام، في خسائر كبيرة في الأرواح، بما في ذلك الأطفال الذين تم زجهم بلا رحمة في المعركة".
وبخصوص وضع النازحين داخليا في مأرب قال إن الكثير منهم لجأوا من مناطق أخرى إلى مأرب ونزحوا أكثر من مرة خوفاً على حياتهم، مضيفا أن الهجوم "أدى إلى تعطيل جهود السلام"، داعياً الحوثيين إلى وقف هجومهم على مأرب على الفور.
في غضون ذلك، أوضح المبعوث الأممي خلال إحاطته أن "استمرار الهجوم وإطالته على مأرب يزيد من المخاطر على الاستقرار والتماسك الاجتماعي في اليمن. كما يزيد من حدة الصراع في مناطق أخرى في اليمن وقد يزيد من انتشار بقعته لمناطق ظلت بعيدة عن ساحات الصراع الرئيسية".
وأضاف غريفيث أن "استمرار الاعتداء على مأرب غير مبرر"، معلنا أن "هناك خيارات مطروحة من شأنها أن تسمح بحل سلمي ودائم للقضايا الرئيسية، وتشمل رفع القيود الصارمة على تدفق البضائع التجارية، وخاصة الوقود، عبر ميناء الحديدة، وإعادة فتح مطار صنعاء أمام الحركة التجارية".
وعبر عن مخاوفه من أن يوحي هجوم مأرب بالاعتقاد بأن الحرب يمكن كسبها عسكريًا بشكل مباشر، مشيراً في هذا السياق إلى أن "الغزو العسكري لن ينهي الحرب بشكل حاسم. لن يؤدي إلا إلى مزيد من العنف والاضطراب. لا يمكن حكم اليمن بشكل فعال دون شراكات شاملة. وكما أكد أعضاء هذا المجلس مرارًا وتكرارًا، فإن السبيل إلى إنهاء الصراع هو من خلال تسوية سياسية تفاوضية شاملة".
وتحدث عن جولات المفاوضات التي يديرها منذ مارس/ آذار من العام الماضي وأهدافها الأساسية، قائلا إن "شروط الصفقة خضعت لعدة تعديلات من قبل الأطراف".
وأوضح المبعوث الأممي أنه "لو تم التوصل لاتفاق فإنه سيحقق عددا من الأهداف الأساسية، ومن بينها التوصل لوقف إطلاق النار على الصعيد الوطني والذي من شأنه أن يوفر إغاثة إنسانية هائلة".
وأضاف أن ذلك "سيسمح بفتح طرق في أجزاء كثيرة من البلاد، بما في ذلك في تعز والحديدة ومأرب. وسيسمح للأطفال بالذهاب إلى المدرسة بأمان، وأن يعيش المدنيون في هدوء نسبي في جميع أنحاء اليمن لأول مرة منذ سنوات عديدة".
كما سيؤدي بحسبه إلى "إعادة فتح مطار صنعاء الدولي أمام الحركة التجارية، وضمان التدفق المستمر للوقود والسلع الأخرى إلى اليمن عبر موانئ الحديدة".
وفيما شدد على ضرورة هذه التدابير حيث يعاني المدنيون أكثر من غيرهم من تسليح الاقتصاد، تابع غريفيث قائلا: "نرى ذلك بوضوح شديد اليوم في مناطق سيطرة أنصار الله، حيث يؤثر النقص الحاد في الوقود على المستشفيات والخدمات الأساسية والإمدادات الغذائية وغيرها. يجب إعطاء الأولوية للاحتياجات المدنية قبل كل شيء".
كذلك دعا إلى الالتزام باستئناف العملية السياسية لإيجاد تسوية سياسية تنهي الصراع، متحدثا عن أن إمكانية التوصل لصفقة حول الأهداف آنفة الذكر ما زال ممكنا جدا، حيث هناك دعم دولي قوي وزخم إقليمي لجهود الأمم المتحدة. وأردف بالقول "علاوة على ذلك، فإن الخلافات بين الأطراف حول القضايا قيد التفاوض ليست غير قابلة للتجاوز. يمكن التوصل إلى اتفاق إذا لبى القادة السياسيون الرئيسيون نداءات اليمنيين والمجتمع الدولي، بما في ذلك هذا المجلس، واتخذوا القرار الصحيح"، رابطا ذلك بوجود الإرادة السياسية لدى الأطراف لتقديم التسويات اللازمة لإنهاء القتال.
وعلى الرغم من تأكيده أن الفرصة ما زالت موجودة لتوصل الأطراف إلى اتفاق حول الأهداف الأساسية، حذر من أن بعض ما هو معروض على الطاولة قد لا يتوفر لاحقا، مؤكدا أن توقف المفاوضات لن يكون بمصلحة أي من الأطراف وخاصة الشعب اليمني.
ثم أنهى إحاطته بتأكيده على أنه سيستمر بالعمل مع الأطراف، خلال الأسابيع القادمة، لإنهاء المفاوضات حول صفقة من شأنها وقف القتال، ومعالجة القضايا الإنسانية الحرجة واستئناف العملية السياسية، مطالبا المجتمع الدولي بمضاعفة جهوده لدعم هذا المسعى.