قدم ناصر القدوة، مؤسس الملتقى الوطني الديمقراطي الفلسطيني، اليوم الثلاثاء، مبادرة سياسية للتغيير البنيوي من أجل الإنقاذ الوطني، تطرح مقترحات للوضع الداخلي، والوصول لإطلاق حوار فلسطيني يأخذ بعين الاعتبار الخريطة السياسية والديموغرافية الجديدة التي نتجت عن المواجهة الأخيرة بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، والتوصل إلى توافق على رزمة متكاملة تتضمن إنشاء جسم قيادي انتقالي محدد العضوية والصلاحيات.
ورفض القدوة، خلال مؤتمر صحافي عقده اليوم بمدينة رام الله، العودة إلى نفس السيناريوهات الماضية في الحوار الفلسطيني التي وصفها بأنها مستهلكة، محذراً من وجود خطر على القضية الفلسطينية، بسبب ما اعتبره تعنتاً من بعض أطراف الانقسام الفلسطيني، وإصراراً على عدم إحداث التغيير المطلوب لإعادة الاعتبار للنظام السياسي الفلسطيني.
وتضمنت مكونات المبادرة خمس نقاط، وهي: استعادة الوحدة وإنهاء الانقسام عبر طرح آليات لحل مشاكل متعلقة بالملفات الأساسية من ملف الموظفين والمصالحات الاجتماعية بما في ذلك السلاح، والنقطة الثانية هي الانتقال لإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، بداية من تشكيل مجلس وطني جديد وعقد الانتخابات العامة؛ بحيث يكون معظم أعضائه وفق الانتخاب، ومنهم أعضاء المجلس التشريعي المنتخبون، وممثلو الاتحادات الشعبية بعد إعادة تشكيلها بالانتخاب وتمثيل القطاعات الفلسطينية كافة.
وطرحت الورقة التي قدمها القدوة "إنشاء حكومة جديدة، ليس بمعزل عن الرزمة الواحدة، تشارك فيها الفصائل السياسية بدون خجل ويكون لها برنامج يستطيع التعامل مع العالم"، لكنه استدرك بأنه "من غير المقبول الحديث عن شروط الرباعية" التي اعتبرها مهينة للشعب الفلسطيني، قائلًا إن إعادة طرحها مهينة، في حين أن كل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ترفض كل تلك الشروط وترفض حل الدولتين".
ومن الجدير ذكره أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس طرح خلال لقائه وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكين، الشهر الماضي، استعداده لتشكيل حكومة وحدة وطنية، بشرط الموافقة على الشرعية الدولية.
ورأى القدوة ضرورة أن يكون برنامج الحكومة لائقاً بالشعب الفلسطيني، ومنفتحاً على تطورات مستقبلية، ومستعداً لتسوية محترمة والتفاوض على أسس صحيحة ويجب التعامل مع العالم المحيط بدون الحديث عن شروط أو برنامج منظمة التحرير الذي هو غير معروف.
كما طرحت الورقة ضرورة مراجعة بعض القوانين وتعديلها عبر لجنة قانونية وطنية تعيد النظر بالقوانين الملحة وتطبيقها على أرضية التوافق الوطني العام.
أما النقطة الخامسة فتتعلق بآلية التنفيذ عبر تشكيل جسم قيادي مؤقت لحين الإنجاز، ويكون لفترة مؤقتة تتراوح بين ستة إلى سبعة أشهر يتولى تنفيذ البنود المذكورة.
وفي إجابة عن سؤال لـ"العربي الجديد" حول معضلة الخلاف السياسي بين السلطة الفلسطينية التي طرحت التزام الحكومة المقبلة بالشروط الدولية، وبين حديث رئيس حركة "حماس" في غزة يحيى السنوار مؤخرا، عن دولة فلسطين على حدود عام 1967، لكن وفق هدنة طويلة الأمد، قال القدوة: "إن المشكلة الأساسية ليست في هذا الشق السياسي، فقد كانت حركة حماس قد عدلت ميثاقها قبل سنوات بما يشمل ذلك، لكن المشكلة هي الإنهاء والتفاهم حول كل الملفات العالقة كالموظفين والأمن المدني والسلاح والأراضي والقوانين، ولا يمكن أن تحل إلا بشكل مشترك".
واعتبر القدوة أن "الموقف السياسي الذي صدر مؤخرا من حماس بدعم دولة فلسطين على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية يسهل العمل لوجود برنامج سياسي مشترك، أساسه الاستقلال الوطني"، داعيا إلى "عدم استخدام مصطلح إقامة الدولة الفلسطينية، بل الاستقلال الوطني، لأن الدولة الفلسطينية موجودة بحكم الحق الطبيعي الفلسطيني وحق أصحاب أهل البلاد الأصليين، وليس مرتبطا بإعطاء هذا الحق من الاحتلال".
وانتقد القدوة مواقف حركة "فتح" والسلطة الفلسطينية من ناحية، وحركة "حماس" من جهة أخرى، لكن بتفاوت، حيث يطرح معسكر فتح والسلطة إقامة حكومة جديدة، وفق القدوة، لكنه تساءل عن غياب ملفات منظمة التحرير والانقسام في تلك الرؤية.
وقال القدوة: "في المقابل تريد حماس انتخابات وإعادة بناء منظمة التحرير لكن بتجاهل الانقسام"، مطالبا بكلام جدي وحزمة مواقف وإجراءات وأفكار يتم الذهاب بها لتتناول مناحي النظام والبنية الفلسطينية ككل.
وحذّر القدوة من قفل باب التغيير السلمي الديمقراطي، متسائلا عما يترك للناس في تلك الحالة، قائلا: "هذا خطر، من دون ذلك أنت تدعو إلى ما هو خطر، لا نريد انقلابات أو عنفاً أو خطوات غير منطقية، ولا نريد الذهاب إلى أماكن أخرى".
وأكد القدوة ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الخريطة السياسية التي ظهرت في مشروع الانتخابات الذي لم يتم، والخريطة الديموغرافية الجديدة، ذلك أن 40 في المئة من الفلسطينيين من الشباب.
واعتبر القدوة أن المواجهة الأخيرة بين الشعب الفلسطيني والاحتلال في غزة والقدس والأهالي في الأراضي المحتلة عام 1948 والضفة الغربية والشتات أثبتت فشل السياسات الإسرائيلية التي تبنتها الحكومات الإسرائيلية، وأعطت نافذة فرصة، لكن لا يمكن أن تفعل شيئا في الحالة الفلسطينية المتردية الحالية.
ولا يعوّل القدوة على الاجتماع المرتقب للفصائل في القاهرة في الخروج بحل، لأنه، وفقا لتوصيفه، استمرار للوصفات القديمة، بداية من الحضور، وتساءل عما يمثله جزء من المدعوين.
وحول تلقي الفصائل للمبادرة والأفكار، قال القدوة إنه التقى في غزة حركات حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب، "وكانت حوارات مثمرة وتلقى ردات فعل إيجابية، لكن من دون إعطاء ردود أو موافقة".
وفي رد على سؤال آخر لـ"العربي الجديد" حول رد حركة فتح، قال القدوة إنه يعترف بوجود تقصير في هذا الأمر، معتبرا أن فتح والسلطة هي جزء أساسي من هذا المسعى، ولا بد أن تكون في ذلك، مؤكدا أنه سيتم تعديل الخلل بإرسال المبادرة اليوم.
وفي موضوع منفصل، قال القدوة: "إن استقالته من موقعه في مؤسسة ياسر عرفات كانت التزاما بقانون الانتخابات، رغم أنه غير مقتنع به، وبعد إلغاء الانتخابات وعودة الجميع إلى مواقعهم، في إشارة إلى قرار حكومي بإعادة كل المستقيلين بسبب الانتخابات إلى مواقعهم، بعث برسالة إلى مجلس الإدارة بالعدول عن الاستقالة، ولم يقرروا عكس ذلك، لكنه لا يستطيع ممارسة أي صلاحيات كرئيس لمجلس إدارة المؤسسة، بسبب الوضع المفروض بالقوة".
وكان الرئيس محمود عباس قد قرر إقالة القدوة من المؤسسة، وقبل ذلك فصله من اللجنة المركزية لحركة فتح، بسبب إعلانه نيته الترشح للانتخابات التشريعية وتشكيل قائمة خارج حركة فتح.