صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة مساء الخميس، على تعيين النمساوي فولكر تورك مفوضاً سامياً لحقوق الإنسان خلفاً لميشيل باشليه بعدما رشّحه رسمياً لتولّي هذا المنصب الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريس.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، قد قال، في رسالة إلى الجمعية العامة، الخميس، إنّ "الأمين العام يقترح تعيين فولكر تورك (النمسا) مفوّضاً سامياً للأمم المتحدة لحقوق الإنسان" خلفاً لباشليه التي انتهت ولايتها في 31 أغسطس/آب. وأضافت الرسالة أنّ "الأمين العام واثق بأنّ الجمعية العامة ستوافق على تعيينه".
ويشغل تورك، منذ يناير/كانون الثاني 2022، منصب مساعد الأمين العام للأمم المتّحدة لشؤون التنسيق الاستراتيجي في المكتب التنفيذي لغوتيريس.
وانتهت ولاية باشليه، الرئيسة السابقة لتشيلي، ومدّتها أربع سنوات في 31 أغسطس/آب.
يُذكر أنّ تورك (57 عاماً) يعمل في الأمم المتحدة منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وقد تعاون خصوصاً مع غوتيريس عندما كان الأخير يشغل منصب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وفي تغريدة نشرها في حسابه على تويتر، في يوليو/تموز، بمناسبة حملة الأمم المتحدة لمناهضة الكراهية، قال تورك إنّه "خلال سنوات عملي الثلاثين مع اللاجئين في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، رأيت مراراً وتكراراً عواقب خطابات الكراهية وآثارها اللاإنسانية على السكّان".
وتعارض الرئيسة التشيلية السابقة، وهي سياسية قويّة، اختيار غوتيريس لتورك، الدبلوماسي المجهول بالنسبة للجمهور العريض، مع خياره السابق قبل أربع سنوات حين رشّح لهذا المنصب الحسّاس.
ومرّ أسبوع على شغور منصب باشليه من دون تعيين خلف لها.
وتنتظر تورك مهام عدة. فقد اختارت باشليه إصدار تقرير طال انتظاره قبل دقائق من انتهاء ولايتها بشأن جرائم محتملة ضد الإنسانية في مقاطعة شينجيانغ الصينية، ستقع متابعتها الدقيقة على عاتق من سيخلفها.
تعيين تورك "خطوة غير عادية"
ورأى بعض المحللين أن تعيين تورك خطوة غير اعتيادية خاصة أن جزءا كبيرا من سيرته المهنية قضاه ضمن منظمات الأمم المتحدة المختلفة وأن المفوضين السابقين عملوا كدبلوماسيين أو سياسيين في مناصب مختلفة لبلادهم قبل أن يتم اختيارهم لهذا المنصب.
وردا على سؤال صحافي حول ذلك، قال المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك: "لا أتفق مع هذه القراءة، فعلى سبيل المثال زيد رعد الحسين عمل ضمن مؤسسات الأمم المتحدة قبل تعيينه كمفوض سامٍ".
وشرح دوجاريك: "كان هناك مزيجٌ من الأشخاص الذين تقدموا لهذا المنصب وأجريت معهم المقابلات وقسم منهم كان من خارج نظام الأمم المتحدة كذلك. ومن ضمن مهامه في منصبه الحالي مسؤوليته عن تنفيذ دعوة الأمين العام الأمم المتحدة للعمل في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك "جدول الأعمال المشترك".
وتابع: "إذا نظرنا إلى سيرته المهنية فقد أمضاها في الدفاع عن حقوق الرجال والنساء والأطفال الذين كانوا يسعون للحصول على الحماية بموجب القانون الدولي، بما في ذلك الترافع في القضايا في المحاكم ضد الدول الأعضاء دفاعًا عن حقوق اللاجئين".
وكان غوتيريس قد عين تورك في منصب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة المعني بالسياسات في مكتبه التنفيذي في يناير/كانون الثاني الماضي. ومن ضمن مهامه، بحسب الأمم المتحدة، "فضلا عن تنسيق عمل السياسات العالمية، أوكل إليه غوتيريس التركيز بشكل خاص على متابعة تقرير"جدول أعمالنا المشترك" ومواصلة عمل التنسيق الاستراتيجي داخل المكتب التنفيذي، بما يكفل الاتساق في التحليلات المقدمة إلى الأمين العام، فضلا عن التنسيق على نطاق المنظومة بما في ذلك ما يتصل ’"بدعوة الأمين العام للعمل لحقوق الإنسان".
وتقلد تورك عددا من المناصب رفيعة المستوى داخل منظمات الأمم المتحدة منها منصب مساعد الأمين العام للتنسيق الاستراتيجي في المكتب التنفيذي للأمين العام منذ عام 2019. وقبل ذلك التعيين، عمل مساعدًا للمفوض السامي للحماية في مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في جنيف (من 2015 إلى 2019)، مع تحمل مسؤوليات خاصة لتطوير الميثاق العالمي بشأن اللاجئين. وحصل تورك على درجة الدكتوراه في القانون الدَّوْليّ من جامعة فيينا، ودرجة الماجستير في القانون من جامعة لينز بالنمسا. ويجيد اللغتين الإنكليزية والفرنسية ولديه معرفة عملية بالإسبانية".
رهانات كبيرة
انتقدت الصين التي مارست ضغوطاً شديدة، بحدة وثيقة تقع في 48 صفحة وقادت حملة لمنع نشرها، في حين أشادت دول غربية عدة بالوثيقة التي اعتبرتها أساساً قوياً للتنديد بالانتهاكات التي ترتكبها السلطات الصينية.
في هذه الوثيقة، تشير الأمم المتحدة إلى "جرائم محتملة ضد الإنسانية" وتتحدث عن "أدلة موثوقة" على تعذيب وعنف جنسي ضد أقلية الإيغور، وتدعو المجتمع الدولي إلى التحرك.
ولم تتضمن الوثيقة أسراراً بالمقارنة مع ما كان معروفاً بالفعل عن الوضع في شينجيانغ، لكنها تحمل مصادقة الأمم المتحدة على اتهامات موجهة منذ فترة طويلة ضد السلطات الصينية.
ولم ترد في هذه الوثيقة عبارة "إبادة جماعية" التي استخدمتها الولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني 2021 ثم تبناها نواب من دول غربية أخرى.
ودعت منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان المفوض السامي الجديد إلى إظهار الشجاعة والتحدث ضد الانتهاكات حتى في أقوى الدول.
وقالت مديرة برنامج "الخدمة الدولية لحقوق الإنسان"، سارة بروكس، في بيان: "لم تكن المخاطر أكبر مما هي عليه اليوم".
وأشارت مصادر دبلوماسية في جنيف، مقر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أيضاً إلى غياب الشفافية. وقال دبلوماسي غربي: "لقد كانت عملية غامضة بشكل ملحوظ".