على مدى الأيام الأخيرة، قدمت الصحافة الروسية قراءات متفائلة لأول جولة للرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى الشرق الأوسط، على ضوء عجزه عن جرّ الدول العربية والخليجية إلى صفّ مواجهة روسيا وتحقيق زيادة هامة للإنتاج لتوفير بدائل لصادرات النفط الروسي على خلفية أزمة الأسعار الناجمة عن تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا.
وفي مقال بعنوان "كل شيء غامض: بايدن يترك الشرق الأوسط في حالة التأمل"، نشر بصحيفة نيوز.رو الإلكترونية يوم الإثنين، اعتبر الكاتب الصحافي، كيريل سيميونوف، أن نتائج جولة بايدن جاءت غامضة إلى حد كبير في ظل "التأكيد على التحالف الاستراتيجي مع إسرائيل والتوقيع على بيان القدس معها واستعادة الاتصالات مع القيادة السعودية المتمثلة في ولي العهد، محمد بن سلمان، دون أن يرفع ذلك الخلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية حول عدد من القضايا الجوهرية للسياسة الخارجية".
ولفت سيميونوف أيضاً إلى عجز بايدن عن تحقيق تقدم في المسألتين المبدئيتين بالنسبة إلى واشنطن، وهما زيادة إنتاج النفط السعودي لخفض الأسعار العالمية وتشكيل تحالف واسع مناهض لإيران.
ورجح أن تغيير خطاب الإدارة الأميركية الحالية مقارنة بموقف الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، من القضية الفلسطينية، لا يثير إعجاب إسرائيل في ظل تمسك بايدن بتسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي عن طريق تأسيس الدولتين على حدود عام 1967. لكن في المقابل، يوضح سيميونوف، أن بايدن لم يتمكن من إثارة إعجاب الفلسطينيين أثناء زيارة الضفة الغربية أيضا.
أما القضية الروسية، فلم يتم التطرق إليها في القمة العربية الأميركية إلا في سياق ربطها بالصين، إذ أعلن بايدن أنه لن يسمح لها ولروسيا بشغل الفراغ في الشرق الأوسط، لأن واشنطن لا تنوي الانسحاب من المنطقة، وفق ما ذكّر به كاتب المقال.
بدورها، اعتبرت صحيفة كوميرسانت أن جولة بايدن كان يمكن اعتبارها ناجحة ما لم تضع واشنطن أمام نفسها مهمة غير قابلة للتحقيق لإقناع الدول العربية، وفي مقدمتها السعودية، بزيادة إنتاج النفط لخفض أسعاره بالأسواق العالمية وإلحاق ضرر بروسيا ومساعدة الولايات المتحدة، متوقعة أن تؤدي نتائج الجولة إلى زيادة استياء الأميركيين من رئيسهم، مما سيؤثر سلبا على نسبة تأييده المتراجعة أصلاً.
وفي تقرير بعنوان "ولي العهد يتمسك بالمبدأ"، ذكرت الصحيفة أن بايدن واجه انتقادات لعزمه عقد مفاوضات مع بن سلمان الذي اتهمه الرئيس الأميركي بالضلوع في مقتل الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، في عام 2018، مما اضطر قسم البروتوكولات بالرئاسة الأميركية أن يبذل جهداً كبيراً حتى لا يبدو لقاؤهما وكأنه لقاء الصديقين وأن واشنطن تخلت عن مواقفها بشكل كامل.
أما صحيفة فزغلياد الإلكترونية الموالية للكرملين، فاعتبرت أن زيارة بايدن إلى السعودية أظهرت أن الرئيس الأميركي تحول إلى "طيار ساقط غير قادر على اتباع سياسة خارجية ناجحة"، زاعمة أن الفشل في إقناع السعوديين بزيادة إنتاج النفط يعكس تنامياً لنفوذ موسكو في المنطقة.
ونقلت الصحيفة عن كبير الباحثين بمعهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فيكتور ناديين-رايفسكي، قوله إن "بايدن تمكن من إقناع السعودية بفتح ممر جوي لإسرائيل. وصل الرئيس الأميركي إلى جدة من إسرائيل بشكل مباشر، وهو أمر كان مستحيلاً سابقاً".
ولفت ناديين-رايفسكي إلى وفاء السعودية باتفاقات "أوبك+"، مضيفا: "تنتج البلاد ما هو مناسب من النفط لدعم الأسعار بالسوق. لمجرد حدوث فائض في الإنتاج، فإن السعر سيتراجع. ومن هنا ظهرت "أوبك+" التي تتفق روسيا وغيرها من الدول غير الأعضاء في "أوبك" في إطارها على الحصص القادرة على ردع تراجع الأسعار".
وأعلن ولي العهد السعودي، في أعقاب اللقاء مع بايدن، عن زيادة إنتاج المملكة مليوني برميل يومياً بأقصى حد.
وعلى الصعيد الرسمي، لم يبد الكرملين أي رد فعل على نتائج جولة بايدن، ولكن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، توجه إلى طهران لعقد محادثات مع نظيريه الإيراني، إبراهيم رئيسي، والتركي، رجب طيب أردوغان، وسط توقعات بأن تشكل الزيارة محطة هامة على طريق تزايد التنافس الروسي الأميركي في المنطقة.