- دعا رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري اللجنة المولجة بمراقبة تنفيذ الاتفاق إلى التحرك العاجل لإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها، مشيراً إلى أن الأعمال العدوانية تمثل خرقاً فاضحاً للاتفاق.
- من المتوقع أن تبدأ اللجنة الخماسية برئاسة الولايات المتحدة عملها لمراقبة تنفيذ قرار وقف إطلاق النار، مع تعزيز الجيش اللبناني انتشاره في الجنوب وتوثيق الخروقات الإسرائيلية.
تستمر إسرائيل في خرق اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان منذ دخوله حيّز التنفيذ يوم الأربعاء الماضي مع احجام حزب الله عن الرد، في وقتٍ يؤكد فيه لبنان التزامه تطبيق القرار 1701 وينتظر بدء اللجنة الخماسية عملها لتضع حداً لهذه الانتهاكات وسط مخاوفٍ جدية من تفلت الوضع والدخول بمرحلة جديدة من العدوان. وسجل اليوم الاثنين خرق خطير باستهداف مسيرة للعدو الإسرائيلي جرافة للجيش أثناء تنفيذها أعمال تحصين داخل مركز العبارة العسكري في منطقة حوش السيد علي - الهرمل، ما أدى إلى إصابة أحد العسكريين بجروح متوسطة، ليُضاف إلى سلسلة الخروقات الإسرائيلية خصوصاً في الجنوب، والتي أسفرت عن سقوط خمسة شهداء وأربعة جرحى بحسب ما أفاد مصدر في جمعية كشافة الرسالة الإسلامية لـ"العربي الجديد".
ودعا رئيس البرلمان نبيه بري، الاثنين، اللجنة المولجة بمراقبة تنفيذ الاتفاق إلى "مباشرة مهامها بشكل عاجل وإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها وانسحابها من الأراضي التي تحتلّها قبل أي شيء آخر"، وقال إن "ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي من أعمال عدوانية لجهة تجريف المنازل في القرى اللبنانية الحدودية مع فلسطين المحتلة يضاف إليها استمرار الطلعات الجوية وتنفيذ غارات استهدفت أكثر من مرة عمق المناطق اللبنانية وسقط خلالها شهداء وجرحى وآخرها ما حصل اليوم في حوش السيد علي في الهرمل وجديدة مرجعيون، كل هذه الاعمال تمثل خرقاً فاضحاً لبنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُعلن عنه في تمام الساعة الرابعة فجراً بتاريخ 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وأعلن لبنان التزامه به"، مضيفاً: "نسأل اللجنة الفنية التي ألفت لمراقبة تنفيذ هذا الاتفاق أين هي من هذه الخروقات والانتهاكات المتواصلة والتي تجاوزت 54 خرقاً فيما لبنان والمقاومة ملتزمون تماماً بما تعهدوا به".
في انتظار بدء لجنة المراقبة عملها
ومن المتوقع أن تبدأ اللجنة الخماسية برئاسة الولايات المتحدة والمولجة مراقبة تنفيذ قرار وقف إطلاق النار اجتماعاتها الأسبوع الجاري عملاً ببنود الاتفاق الذي وافق عليه لبنان وإسرائيل ويمنحها حق المراقبة والتحقق والمساعدة في تنفيذ الالتزامات، علماً أن هناك تكتماً شديداً حول تاريخ بدء عمل اللجنة وتشكيلاتها ومراحل مهامها الميدانية. وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وصل رئيس اللجنة اللواء جاسبر جيفرز، من القيادة المركزية للعمليات الخاصة، إلى بيروت والتقى يوم الجمعة الماضي مع قائد الجيش اللبناني، العماد جوزف عون، وتناول البحث الأوضاع العامة وآلية التنسيق بين الأطراف المعنية في الجنوب.
وبحسب القيادة الأميركية الوسطى فإن جيفرز سيشغل منصب الرئيس المشارك لآلية تنفيذ ومراقبة وقف الأعمال العدائية بين إسرائيل ولبنان إلى جانب كبير مستشاري الرئيس، عاموس هوكشتاين. وستترأس الولايات المتحدة آلية تنفيذ ومراقبة الأعمال العدائية التي ستضم الجيش اللبناني وقوات الاحتلال الإسرائيلي وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) وفرنسا، على أن يشغل هوكشتاين منصب الرئيس المدني المشارك حتى يتم تعيين مسؤول مدني دائم.
وفي الإطار، يقول مصدر في الجيش اللبناني لـ"العربي الجديد" إن "اللجنة قيد التشكيل وسيلتزم الجانب اللبناني التعاون معها"، لافتاً إلى أن "الجيش اللبناني يعزز انتشاره في قطاع جنوب الليطاني، ويوثق ويسجل الخروقات التي يقوم بها العدو الإسرائيلي وهو أبلغ اليونيفيل بها، وسيكون هناك ملف بذلك للجنة حتى تطلع على الانتهاكات التي حصلت منذ دخول الهدنة حيز التنفيذ".
من جهتها، تقول مصادر حكومية لـ"العربي الجديد" إن "رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يقوم بكل الاتصالات الدولية خصوصاً مع الجانبين الأميركي والفرنسي للضغط على إسرائيل لوقف خروقاتها التي تهدد اتفاق وقف إطلاق النار"، مشيرة إلى أن "الخشية تبقى مستمرة من تجدد العدوان، ولكن هناك بعض التطمينات الخارجية بأن الأجواء لا تشي بذلك وهناك تفاؤل بجدية عمل اللجنة وقدرتها على التنفيذ والمراقبة". وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فإن عضو اللجنة الفرنسي سيصل إلى لبنان هذا الأسبوع، وهو من السلك العسكري، كما سيصل وزير الدفاع الفرنسي إلى بيروت في الأيام القليلة المقبلة، لبحث آخر التطورات عقب دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
بدوره، علق عضو كتلة حزب الله البرلمانية "الوفاء للمقاومة" النائب رائد برو على الخروقات الإسرائيلية بالقول لـ"العربي الجديد": "نحن الآن بمرحلة نراقب ونتابع الوضع ونجمع الملاحظات ليكتمل المشهد ونبني على الشيء مقتضاه، وقبل أن تتضح طبيعة الخروقات ونخرج بخلاصة حول أسبابها، لا يمكن إعطاء رأي والقيام بأي فعل"، مشدداً على أن عدم إعطاء الرأي ليس "انكفاءً عن دورنا". وأشار إلى أن "الدولة تقوم بمجموعة اتصالات للوقوف على طبيعة هذه الخروقات ونحن بانتظار هذه النتائج وبناء عليها نبني على الشيء مقتضاه"، مضيفاً: "نحن نتابع ونراقب ولا نريد أن نأخذ خطوات سريعة من دون أن توضح لنا طبيعة الخروقات وما إذا كان لها علاقة بالتراتبية الزمنية التي نص عليها الاتفاق أم لا"، مشدداً: "نحن ملتزمون تنفيذ الاتفاق، والتعاون مع الجيش اللبناني وكلنا ثقة به". ووضع برو هذه الاعتداءات الإسرائيلي في إطار "مخاطبة جيش الاحتلال الإسرائيلي لجمهوره".
وبدا لافتاً عدم قيام حزب الله بأي عملية عسكرية للرد على الاعتداءات حتى اللحظة أو رفع سقف التهديد والتوعد، بينما لم يأتِ أيضاً الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم في كلمته الأخيرة على ذكرها، فيما ركز على التأكيد بأننا "أمام انتصار كبير يفوق الانتصار الذي حصل في يوليو/تموز 2006"، والتشديد على أن "اتفاق وقف إطلاق النار ووقف العدوان ليس معاهدة وليس اتفاقاً جديداً يتطلب توقيعاً من دول، هذا الاتفاق عبارة عن برنامج إجراءات تنفيذية لها علاقة بتطبيق القرار 1701". وأكد قاسم أن "محور الاتفاق المركزي جنوب نهر الليطاني، هذا الاتفاق يؤكد خروج الجيش الإسرائيلي من كل الأماكن التي احتلّها وينتشر الجيش اللبناني في كل الجنوب، جنوب نهر الليطاني، من أجل أن يتحمّل مسؤوليّته عن الأمن وعن إخراج العدو الإسرائيلي من هذه المنطقة".
وغلب الطابع السياسي على المرحلة القادمة التي حددها قاسم وأظهر فيها حزب الله بموقع المتعاون والمنسق سواء مع الجيش اللبناني لتنفيذ التزامات الاتفاق أو القوى السياسية بهدف اكتمال عقد المؤسسات الدستورية، ما يشي بعدم وجود نوايا لدى حزب الله بالذهاب بأي مواجهة عسكرية مع جيش الاحتلال أو إعطائه فرصة لجره نحو حرب جديدة.
سبب عدم رد حزب الله
وفي قراءة للخروقات الإسرائيلية، يقول منسق الحكومة اللبنانية لدى اليونيفيل سابقاً العميد منير شحادة لـ"العربي الجديد" إنه "عند بدء سريان مفعول وقف إطلاق النار، فجر الأربعاء، تفاجأ الإسرائيلي بهذا الحشد الكبير للنازحين من جنوب لبنان، ما انعكس برأي عام إسرائيلي ضاغط على الحكومة ورئيسها، باعتبار أن الاتفاق بمثابة هزيمة كونه أعاد اللبنانيين إلى قراهم بعكس حال مستوطني الشمال، وبالتالي، فإن جيش الاحتلال يريد بعث رسالة إلى المجتمع الإسرائيلي بأن إسرائيل لا تزال تحتل قسماً من الجنوب، ويدها طليقة لضرب أي هدف يشكل خطراً عليها".
من ناحية ثانية، يضيف شحادة: "قد تكون الخروقات أيضاً بهدف فرض أمر واقع على لجنة مراقبة تنفيذ القرار وعلى لبنان بأن إسرائيل تريد حرية الحركة في الجنوب وتعمل على هذا الأساس"، مشدداً على أن "الترقب الآن لبدء اللجنة عملها في الساعات أو الأيام المقبلة ونرى كيف سيكون دورها وكيف ستتصرف وتضغط على إسرائيل لوقف خروقاتها".
في المقابل، يتوقف شحادة عند خرق خطير جداً تمثل اليوم باستهداف العدو جرافة للجيش اللبناني في الهرمل، التي تقع في أقاصي البقاع البعيد من شمال الليطاني، معتبراً أن "ما حصل يجب دراسته بطريقة مختلفة عن التحليل السابق، فهذا محرج للجيش اللبناني، وكأن إسرائيل تبعث كذلك رسالة بأنها لن تجعله يقوم بدوره، وتُواصلُ، كما قبل وقف إطلاق النار، كذلك بعده، بالاعتداء المباشر عليه، علماً أن بنود ورقة الاتفاق تنص على فرض سيطرة الجيش وانتشاره في الجنوب، وقد بدأ ذلك في جنوب الليطاني حيث لا وجود لجيش الاحتلال، على أن يوسع الانتشار فور الانسحاب الإسرائيلي الكامل، وقد أبدى استعداده تولي مهمة تطبيق القرار 1701 بحيث جهز بحدود ستة آلاف عسكري لهذه المهمة.
أما على صعيد حزب الله، فيرى شحادة أنّ "المقاومة لم ترد حتى الساعة على هذه الخروقات، لسببين، الأول، يتصل بالنازحين، حيث أن هناك نحو 80% من الأهالي عادوا إلى قراهم في الأراضي الجنوبية، وبالتالي فإن أي عمل عسكري من شأنه أن يشكل خطراً عليهم". والسبب الثاني، على حد قول شحادة، هو أن "المقاومة لن ترد طوال الستين يوماً، أي فترة الهدنة، لتثبت للرأي العام الداخلي في لبنان أن القرارات الدولية لا تحمي لبنان، وأن الاتكال على الأصدقاء من أميركا وفرنسا والدول الغربية لكبح جماح إسرائيل ومنعها من الاعتداء على الأراضي اللبنانية لا يعوَّل عليه، وأن العدو لا يفهم إلا بالقوة، كما أن حزب الله لا يريد إعطاء فرصة لإسرائيل أن تأخذ رد المقاومة حجةً للعودة إلى الحرب".
ويرى شحادة أن "الإسرائيلي يتحجج بأن المقاومة تخرق الاتفاق، وهذه كلها اضاليل وأكاذيب اعتدنا عليها من جانب العدو لتبرير قصف وجرائمه، واليوم خروقاته، ولكن لا عذر لهذه الأعمال، والدليل على ذلك تحرك الدبابات الإسرائيلية في بلدة الخيام والتقدّم في محاور ومناطق لم تستطع الدخول إليها أثناء الحرب وقد فخخ العدو وفجر العديد من الأبنية، بأعذار ضرب تحركات المقاومة أو قصف بنى تحتية، وهي جميعها أكاذيب".