كشفت مصادر مصرية خاصة معنية بالملف الليبي، عن قلق مصري إزاء ما وصفته بتحركات بريطانية جرت أخيراً في ليبيا، قائلةً "إن بعض تلك التحركات تمثل تعارضاً مع مصالح لمصر هناك".
وأضافت المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، أن الدائرة السياسية القريبة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تلقت معلومات من أجهزة مصرية فاعلة، تفيد بأن دبلوماسيين بريطانيين ومسؤولين أمنيين أجروا أخيراً مجموعة من الزيارات واللقاءات مع أطراف فاعلة في المشهد الليبي، على رأسها مسؤولون بقيادات في جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا.
واعتبرت المصادر أن هذا الأمر يثير علامات استفهام بشأن التحركات المكثفة للبريطانيين في ليبيا أخيراً بعد فترة طويلة من تجنبهم الدخول بقوة في هذا الملف.
دبلوماسيون بريطانيون أجروا أخيراً زيارات ولقاءات مع أطراف فاعلة في المشهد الليبي
التحركات البريطانية تستهدف أطرافاً مدعومة من مصر
وذكرت المصادر، أن التحركات البريطانية الأخيرة في ليبيا، وفقاً للرؤية المصرية الرسمية، "تستهدف في مجملها أطرافاً مدعومة من جانب مصر، بهدف ملاحقتها أو تقويض حركتها"، مشيرةً إلى أن تلك التحركات "ترمي إلى خدمة أهداف أطراف دولية أخرى".
وأشارت المصادر إلى اتصالات جرت أخيراً على المستوى الدبلوماسي بين مصر وبريطانيا، بشأن لقاءات أجرتها السفيرة البريطانية في ليبيا، كارولين هورندال، مع سياسيين وعسكريين ليبيين، تمت خلالها الإشارة إلى الأدوار المصرية في ليبيا بإشارات سلبية، وفق المصادر.
والتقت السفيرة البريطانية لدى ليبيا برفقة الملحق العسكري بالسفارة البريطانية، العقيد مارك بافنو، أخيراً، آمر غرفة عمليات غرب سرت، اللواء أحمد سالم. وبحسب بيانات رسمية، تطرق اللقاء إلى إعادة إعمار مدينة سرت، ونزع مخلّفات الحرب منها.
وجاء اللقاء عقب اجتماع مماثل للسفيرة مع آمر غرفة عمليات سرت والجفرة التابع لحكومة الوحدة الوطنية، اللواء إبراهيم بيت المال، في مدينة مصراتة. ووصفت غرفة عمليات سرت والجفرة عبر صفحتها على "فيسبوك" الاجتماع بالـ"هام"، مشيرةً إلى أنه خصص "لتدارس ومناقشة المستجدات العسكرية والسياسية ذات العلاقة بشؤون الغرفة".
وأوضحت المصادر أن "القاهرة طلبت تفسيراً من الجانب البريطاني بشأن إشارات سلبية لأدوار مصرية جرت في ليبيا، وكذلك تحركات واتفاقيات رسمية معلنة".
استفسارات حول تأجيل الانتخابات الليبية
من جهة أخرى، قالت مصادر دبلوماسية غربية في القاهرة، لـ"العربي الجديد"، إنها تلقت اتصالات من مسؤولين مصريين، تضمنت استفسارات حول مواقف الدول التي تنتمي لها هذه المصادر، ورؤيتها لمسألة تأجيل موعد إجراء الانتخابات الرئاسية في ليبيا. كما تضمنت الاتصالات عرضاً "للجهود المصرية"، في معالجة الأزمات الليبية المتتالية والمستمرة منذ سنوات، وفق المصادر.
وكانت مصادر مصرية مطلعة على الملف الليبي، قالت في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، إن مصير الانتخابات الرئاسية الليبية المقررة في 24 ديسمبر/كانون الأول الحالي "بات شبه محسوم بالتأجيل".
وأضافت أن الجانبين الفرنسي والإيطالي "باتا متوافقين بدرجة كبيرة على التأجيل في ظل صعوبة إتمام العملية الانتخابية" في الموعد المحدد سلفاً.
وأوضحت المصادر أنه على الرغم من عدم إبداء الجانب الأميركي موقفه النهائي بالموافقة على تأجيل الانتخابات الليبية، إلا أن المؤشرات الآتية من واشنطن تسير في اتجاه عدم رفض التأجيل.
وبحسب المصادر ذاتها، التي اشترطت عدم كشف هويتها، فإنه تولّد خلال الأيام الماضية اقتناع لدى بعض الأطراف الفاعلة في المشهد الليبي بصعوبة إفراز الانتخابات الليبية بظروفها الراهنة، قيادة قادرة على توحيد ليبيا وإنهاء أزمتها.
القاهرة طلبت تفسيراً من الجانب البريطاني بشأن إشارات سلبية لأدوار مصرية جرت في ليبيا
وكان المستشار القانوني البريطاني لدى الأمم المتحدة، تشاناكا ويكريماسنغ، طالب الشهر الماضي خلال إحاطة للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، في مجلس الأمن بشأن ليبيا، حكومة الوحدة الوطنية الليبية المؤقتة بتسهيل زيارة المدعي العام لليبيا، والسماح للمحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق باستقلالية في انتهاكات ارتُكبت في هذه الدولة.
وشدد ويكريماسنغ على التزام بلاده بـ"تقديم الدعم الكامل للتحقيقات المستمرة التي يجريها المدعي العام في ما يتعلق بليبيا، والتي لا تقل اليوم أهمية عن أي وقت مضى، لا سيما في هذه المرحلة الفاصلة من العملية السياسية".
وأعلن ويكريماسنغ مشاركة بريطانيا المدعي العام قلقه بشأن استنتاجات بعثة تقصي الحقائق المستقلة بشأن ليبيا في أكتوبر/تشرين الأول 2021، والتي توصلت في تقرير لها، إلى وجود أسباب معقولة تدعو للاعتقاد بأن جرائم حرب قد ارتُكبت في ليبيا.
وأكد ويكريماسنغ على أهمية هذه البعثة، مرحباً بتجديد التفويض لها في أكتوبر الماضي، وداعياً الحكومة الليبية إلى دعم البعثة بتسهيل وصولها إلى جميع أنحاء ليبيا من دون قيود أو عراقيل.