استمع إلى الملخص
- **السياسات الاقتصادية والاجتماعية**: أطلقت هاريس حملة دعائية بقيمة 90 مليون دولار واتفقت مع بايدن على خفض أسعار 10 أدوية رئيسية، مما يوفر مليارات الدولارات لكبار السن وخطة "ميديكير".
- **تحولات سياسية وتحديات الهوية**: اضطرت هاريس لتعديل مواقفها السابقة لتتوافق مع متطلبات الولايات المتأرجحة، مما أثار انتقادات الجمهوريين. مؤيدوها يرون أن دعم الطبقة الوسطى ومواجهة الشركات الكبرى هو الأهم.
مع اقتراب أميركا من موعد انتخاباتها الرئاسية في 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، والتي يمكن أن توصل مرشحة الديمقراطيين كامالا هاريس إلى البيت الأبيض، أو عودة مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب رئيساً، فإن الزخم الذي حظيت به نائبة الرئيس جو بايدن، بعد انسحاب الأخير من السباق لصالحها، لا يسعفه حقيقة أنها لم توضح سياساتها وبرنامجها الانتخابي، بعيداً على العناوين العريضة. يأتي ذلك بالإضافة إلى أن ترشيحها الرسمي الذي سيتم خلال المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في شيكاغو، ما بين الاثنين والخميس المقبلين، لم تسبقه انتخابات تمهيدية كالعادة، إذ سحب بايدن ترشيحه بعد انتهاء تلك الانتخابات التي تترافق مع الترويج للبرنامج الانتخابي وتفاصيله. ورغم استمرار تقدم كامالا هاريس على ترامب في استطلاعات الرأي، إلا أن التحدي يبقى الفوز في الولايات المتأرجحة أو في معظمها، مع ميل الأميركيين إلى الاعتقاد، وفق أحدث استطلاع للرأي أجرته وكالة أسوشييتد برس ومعهد نورك لأبحاث الشؤون العامة، الأسبوع الحالي، بأن ترامب أفضل للتعامل مع الاقتصاد والهجرة، رغم الميزة التي تتفوق بها هاريس على منافسها في ملفات العرق والمساواة والإجهاض والرعاية الصحية.
كامالا هاريس تريد الانفصال عن سياسات بايدن
وبينما من غير المتوقع أن تغيّر هاريس من سياسات بايدن، وهي التي عملت أربع سنوات كنائبة له، إلا أنها ستضع لمساتها الخاصة على بعض الملفات. وفي السياق، ذكر موقع أكسيوس الأميركي، أمس الأول الأربعاء، أن هاريس تريد "الانفصال عن بايدن في شأن القضايا التي لا يحظى بشعبية بشأنها"، فيما ارتفاع الأسعار يأتي على رأس قائمة تلك القضايا.
أعلن بايدن وهاريس عن اتفاق يخفض أسعار 10 أدوية للمسنين
وغداة إعلان حملة هاريس، أمس الأول، اعتزامها إطلاق حملة دعائية بقيمة 90 مليون دولار خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، تركز على السيرة الذاتية لنائبة الرئيس ومسيرتها المهنية كمدعية عامة في كاليفورنيا، وتعهّدها بالتصدي لمصالح أصحاب النفوذ، والتناقض مع ما وصفته بـ"أجندة ترامب الخطيرة والمتطرفة"، أعلن بايدن وهاريس، أمس الخميس، عن اتفاق "تاريخي" يخفّض أسعار 10 أدوية رئيسية لكبار السن، لدعم رسالة هاريس الاقتصادية. ويوفّر الاتفاق مع مصنّعي الأدوية، على كبار السن في الولايات المتحدة مبلغاً قدره 1.5 مليار دولار، وعلى خطة "ميديكير" الفيدرالية للتأمين الصحي ستة مليارات دولار في العام الأول، وفق ما أفاد بايدن وهاريس في بيانين نشرهما البيت الأبيض.
يأتي ذلك استباقاً للتجمع الانتخابي في ولاية كارولينا الشمالية، اليوم الجمعة، حيث من المقرر أن تحدد كامالا هاريس خطتها الاقتصادية، والتي من المتوقع أن تعكس، إلى حد كبير، جهود بايدن لخفض التكاليف لعائلات الطبقة المتوسطة، بما في ذلك تقليص الرسوم والتكاليف، وفق صحيفة واشنطن بوست الأميركية. من جهته، ألقى ترامب خطاباً، أمس الأول، في الولاية نفسها، كان من المفترض أن يركز فيه على الاقتصاد، لكن انتهى به الأمر إلى توجيه إهانات شخصية، واصفاً هاريس بـ"المجنونة"، وبايدن بـ"الغبي"، ومرشح هاريس لمنصب نائب الرئيس تيم وولز، بـ"المهرج".
وذكرت واشنطن بوست، أمس الأول، أن كامالا هاريس اضطرت منذ ترشحها للانتخابات الرئاسية، الشهر الماضي، إلى التأكيد أنها ترفض مجموعة واسعة من المواقف التي تبنتها قبل خمس سنوات، في عام 2019، والمتمثلة في سلسلة من المواقف الليبرالية. وتبنت هاريس، وسط معركة شرسة للحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة حينها، قضية حظر الحفر البحري، ودعمت الرعاية الطبية للجميع، ودعت إلى إلغاء التأمين الصحي الخاص، مبدية انفتاحها على إصلاح شامل لوكالة الهجرة والجمارك الأميركية. وفي السباق الحالي، تقول حملة نائبة الرئيس إنها لن تتابع تأييد حظر الحفر البحري، والذي لا يحظى بشعبية كبيرة في ولايات مثل بنسلفانيا حيث يقود الغاز الطبيعي الاقتصاد، ولا تدعم نظام الرعاية الصحية القائم على تمويل طرف واحد، بل تركز بدلاً من ذلك على ما تسميه هي وبايدن تلاعب شركات الأدوية بالأسعار، كما تتخذ موقفاً أكثر تشدداً بشأن الهجرة غير النظامية، بحجة أن الجمهوريين هم المسؤولون عن عرقلة إجراء صارم لمراقبة الحدود العام الحالي.
تحولات دراماتيكية
ويؤكد مساعدو هاريس أنها ستطرح عددا لا يحصى من السياسات الفريدة، قريباً، فيما يقول منتقدوها من الجمهوريين، إن تحولاتها الدراماتيكية في العديد من القضايا تشير إلى قضية أعمق، وهي أنها تملك فلسفة ومعتقدات سياسية غامضة. ويعتبر الجمهوريون أن هذا الافتقار إلى هوية سياسية واضحة يمنحهم فرصة لتأطير صورتها أمام الناخبين. ونقلت واشنطن بوست عن مستشار الحملات الانتخابية الجمهوري، كوري بليس، قوله إنه "من الواضح أن هاريس التي دعمت حظر الحفر والرعاية الطبية للجميع، لا يمكن أن تفوز بولاية بنسلفانيا أو ولاية متأرجحة واحدة"، مضيفاً أن "الناخب العادي ليست لديه رؤية محددة عن هاريس، لذلك لدينا فرصة كبيرة لتعريفها بناء على سجلها".
جون أنزالون: هاريس تتحدث عن أنها ستكون رئيسة للجميع وللطبقة الوسطى
في المقابل، قال جون أنزالون، خبير استطلاعات الرأي الديمقراطي الذي عمل مع بايدن، إن الرسالة العامة أهمّ بكثير من التفاصيل الحازمة للسياسات. وأوضح أن ما يدفع هذا التناقض "هو أن هاريس تتحدث عن أنها ستكون رئيسة للجميع وللطبقة الوسطى، بينما سيكون ترامب رئيساً لنفسه وللشركات"، معتبرا أن "هذه هي الرسالة الكبيرة، وكل السياسات تأتي تحتها". ونقلت الصحيفة عن أحد مستشاري هاريس، اشترط عدم ذكر اسمه، أن العديد من السياسات التي اتبعتها الإدارة الأميركية الحالية أخيرا، مثل الائتمان الضريبي للأطفال، وإلغاء ديون جزء من طلبة الجامعات، وحل مشكلة أنابيب الرصاص في مياه الشرب واستبدالها كلها، "كانت تلك التي دفعت هاريس البيت الأبيض لتنفيذها".
وكانت كامالا هاريس قد قالت في تجمّع حاشد في أتلانتا، الشهر الماضي، إنها في اليوم الأول لتولّيها الرئاسة ستتولى قضية "التلاعب بالأسعار وخفض التكاليف"، مضيفة: "سنحظر المزيد من تلك الرسوم الخفية والرسوم المتأخرة التي تستخدمها البنوك والشركات الأخرى لجني أرباحها، سنتعامل مع أصحاب العقارات من الشركات، والزيادات غير العادلة في الإيجارات، وسنواجه شركات الأدوية الكبرى للحد من تكاليف الأدوية الموصوفة لجميع الأميركيين".
إلى ذلك لفتت "واشنطن بوست"، إلى أن برنامج السياسة الخارجية لهاريس لا يزال غير ناضج، ومن المتوقع أن تواصل جهود الرئيس جو بايدن في حرب أوكرانيا ومواجهة الصين. أما الأمر الأقل وضوحاً، والذي يحظى باهتمام لدى العديد من الديمقراطيين، هو ما إذا كانت ستضع سياستها الخاصة بشأن إسرائيل، إذ يعتقد العديد من الديمقراطيين أن هاريس أكثر انسجاماً مع وجهة نظر الناخبين الشباب والأشخاص الملونين في القضية.
(العربي الجديد، فرانس برس، أسوشييتد برس)