جال وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، اليوم الخميس، على المسؤولين اللبنانيين في بيروت، لبحث المستجدات الإقليمية، والتطوّرات العسكرية على الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة، في ظلّ ارتفاع منسوب الخشية الدولية من تدهور الأوضاع واندلاع حرب شاملة في المنطقة.
وعقد كاميرون لقاءً صباح اليوم مع رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، نجيب ميقاتي، في السرايا الحكومية، حيث عُرضَت العلاقات بين البلدين والوضع في غزة والجنوب اللبناني.
وقال مصدرٌ مقرّبٌ من ميقاتي لـ"العربي الجديد"، إنّ رئيس الحكومة اللبناني كرّر مواقفه خلال لقاءاته السابقة التي جمعته مع كاميرون، وتركزت على أن لبنان لا يريد الدخول في حربٍ، ولا يسعى لها، وأنّ الاستفزازات الإسرائيلية هي التي ستؤدي إلى تدهور الأوضاع، سواء في لبنان أو المنطقة".
وأضاف أنه شدد على ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على غزة، ووقف إطلاق النار بسرعة، ومن ثم بحث القضايا السياسية، والحل العادل للفلسطينيين، بما يمنحهم كامل حقوقهم.
وأشار المصدر، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، إلى أن "ميقاتي تحدث مع الوزير البريطاني عن أن لبنان يراقب النقاشات الدائرة ربطاً باجتماع باريس، ويأمل أن تكون النتائج إيجابية وتفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار، بعكس الهدنة السابقة، خصوصاً أنها ستنعكس بدورها هدوءاً على جبهة الجنوب اللبناني، كما حصل في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي".
ولفت إلى أنّ "ميقاتي شدد على ضرورة أن تضغط الدول الفاعلة في المنطقة من أجل أن توقف إسرائيل اعتداءاتها على الجنوب اللبناني وخروقاتها المستمرة لسيادة لبنان، وأكد أن بلاده ملتزمة بالقرارات الدولية، ضمنها القرار الأممي 1701، في حين أنّ على إسرائيل أن تلتزم بها".
وقال المصدر أيضاً إن كاميرون تطرّق إلى ضرورة دعم المؤسسة العسكرية في لبنان، ومواصلة بريطانيا تقديم الدعم لها، وأبدى خشية من التصعيد، ونوّه بالجهود التي يبذلها لبنان الرسمي للحؤول دون ذلك، آملاً أن تساهم التطورات في وقف إطلاق نار دائم، فهذا الأمر أولوية، لأن الخارج لا يريد حرباً في المنطقة، وينبّه من تداعيات كبيرة لها في حال وقوعها.
وقال بيان صادر عن المكتب الإعلامي لميقاتي إن "اللقاء مع وزير الخارجية البريطاني بحث سبيل إرساء التهدئة في جنوب لبنان والحل السياسي والدبلوماسي المطلوب".
وتطرّق البحث أيضاً إلى دور الجيش وسبل دعمه وتقوية قدراته وسبل تعزيز التعاون بينه وبين قوات اليونيفيل، والسبل الكفيلة بتطبيق القرار الدولي الرقم 1701.
وأكد ميقاتي خلال الاجتماع أن "لبنان يؤيد الحل السلمي في المنطقة، وأن الدور البريطاني في دعم الجيش أساسي في الدفع بهذا الاتجاه"، وشدد على أن "لبنان مع تطبيق القرارات الدولية بحرفيّتها، خصوصاً القرار 1701 واستمرار التعاون بين الجيش واليونيفيل".
من جهته، شدد وزير خارجية بريطانيا بحسب البيان على "أولوية وقف إطلاق النار في غزة، تمهيداً للانتقال إلى المراحل التالية للحلّ".
بري يؤكد خلال لقائه كاميرون: لبنان لا يسعى للحرب
على صعيدٍ متصلٍ، اجتمع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مع وزير خارجية بريطانيا، حيث بُحثَت الأوضاع في غزة والجنوب اللبناني، كما القرار الدولي 1701، والملف الرئاسي، بحسب معلومات "العربي الجديد".
وقال مصدرٌ مقرّبٌ من بري لـ"العربي الجديد"، إنّ "اللقاء تناول المستجدات على الساحة الإقليمية والمفاوضات الحاصلة حول الهدنة في غزة، وانسحابها تهدئة على الجبهة اللبنانية، وتناول ضرورة تطبيق القرارات الدولية، ولا سيما القرار 1701، وتكثيف التعاون بين الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل في الجنوب".
وتابع المصدر، قائلاً إنّ بري أكد أمام وزير الخارجية البريطاني أن لبنان لا يسعى للحرب، لكنه لن يقف متفرجاً على الاستفزازات والاعتداءات الإسرائيلية، وخصوصاً التي تستهدف المدنيين والمنازل السكنية، وسيادة لبنان، والتي خرجت عن قواعد الاشتباك، مشدداً على أن العدو الإسرائيلي يجب أن ينسحب من كامل الأراضي اللبنانية ويتوقف عن خروقاته البرية والبحرية والجوية.
إلى جانب ذلك، أضاف المصدر أن "اللقاء تناول كذلك ملف الرئاسة اللبنانية، بحيث شدد وزير خارجية بريطانيا على أهمية أن ينتخب لبنان سريعاً رئيساً للجمهورية ويشكل حكومة جديدة تقوم بالإصلاحات الدولية المطلوبة، لأن الاستقرار السياسي ينسحب أمنياً، وهو أساسي ومطلوب في هذه المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها البلد".
وفي إطار جولته اللبنانية، التقى كاميرون قائد الجيش جوزاف عون، وتناول البحث الوضع العام في لبنان والمنطقة والتطورات على الحدود الجنوبية.
وقال بيان صادر عن قيادة الجيش إن "أعضاء الوفد الزائر أعربوا عن دعم بلادهم للجيش في ظلّ الظروف الاستثنائية التي يمرّ بها لبنان".
وكان لافتاً أن جولة كاميرون لم تشمل نظيره اللبناني، عبد الله بو حبيب، الذي اكتفت مصادره بالتعليق لـ"العربي الجديد"، على الموضوع، بأنه قد يصدر بياناً حول ذلك.
وزير خارجية لبنان: مستعدون لتفاوض غير مباشر مع إسرائيل
في المقابل، التقى وزير الخارجية اللبناني اليوم نظيره الهنغاري، بيتر سيارتو، وقال في دردشة مع الصحافيين إن "المشروع الإسرائيلي يقضي بانسحاب حزب الله شمالاً لتتمكّن من إعادة المستوطنين إلى منازلهم، وهذا ما رفضناه، لأننا نريد حلاً كاملاً، وهو تبيان الحدود بيننا وبينهم، التي تمّ ترسيمها عام 1923، وتم التأكيد عليها في اتفاقية الهدنة".
وأضاف بو حبيب: "نحن نريد استعادة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وهي لبنانية، وأن تتوقف إسرائيل عن خروقها الجوية والبحرية والبرية".
وأكد أننا "مستعدون لبدء تفاوض غير مباشر، ولكن لا يمكن التوقيع على أي اتفاقية قبل انتخاب رئيس للجمهورية، وفي الانتظار بإمكاننا التفاوض للوصول إلى اتفاقية من خلال تفاوض غير مباشر شبيهة باتفاقية الترسيم البحري التي حصلت"، مشيراً إلى أننا حتى الآن لم نسمع أي جواب إيجابي من إسرائيل.
وشدد بو حبيب على أن "لبنان يريد السلام الكامل، وليس أنصاف الحلول".
كذلك، أشار بو حبيب إلى أن المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين إذا عاد إلى لبنان، فهذا يعني أن شيئاً ما لديه، مؤكداً أيضاً في معرض ردّه على سؤال "نحن وحزب الله في حوار دائم، وهو قال أكثر من مرة إن الدولة هي التي تفاوض، وليس هو، ونحن على تواصل دائم معهم".