فيما يعكس توجهًا للدفع بوجوه نسوية إلى المناصب الرئيسية بحكومته، وقع اختيار الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على كاثرين كولونا لشغل منصب وزيرة الخارجية، ما يشكل عودة جديدة لها للساحة السياسية، حيث سبق لها أن شغلت منصب وزيرة منتدبة مكلفة بالشؤون الأوروبية (2005-2007) في حكومة دومينيك دوفيلبان.
وقبلها كانت كولونا (66 عاماً) ناطقة باسم قصر الإليزيه منذ 1995 وحتى 2004، في عهد الرئيس الراحل جاك شيراك، لتصبح بعد ذلك الممثلة دائما لفرنسا لدى منظمة اليونيسكو (2008-2010) ولدى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (2017-2019)، ثم سفيرة بلادها لدى روما (2014- 2017). أما المنصب الأخير الذي ظلت تشغله حتى المناداة عليها لتولي حقيبة الدبلوماسية فهو سفيرة فرنسا لدى لندن منذ سبتمبر/ أيلول 2019. وبفعل منصبها ذاك كانت كولونا في واجهة الجهود التي قادتها فرنسا، وبتنسيق مع أوروبا، في مفاوضات الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي (بريكست).
كولونا التي تحمل تكوينا أكاديميا في القانون العام، والعلوم السياسية، استهلت مشوارها الدبلوماسي بالعمل في السفارة الفرنسية بواشنطن في العام 1983، وعرفت بدفاعها المستميت عن الرفض الفرنسي لانخراط بلادها في الغزو الأميركي للعراق عام 2003.
ويعكس تعيين ماكرون لكولونا على رأس الخارجية الفرنسية حدثاً استثنائيا في حد ذاته، على اعتبار أنها ثاني امرأة تتقلد المنصب، بعد ميشيل اليو-ماري التي عينها الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، عام 2010 وزيرة للخارجية.
ويضم الفريق الحكومي الجديد 13 امرأة و14 رجلاً، فيما تولت إليزابيت بورن (61 عاماً) رئاسة الحكومة، لتكون كذلك ثاني امرأة تتقلد المنصب بعد إيديت كريسون (1991 - 1992) زمن حكم الرئيس فرانسوا ميتران.
وتتسلم كولونا المشعل من جان إيف لودريان الذي تولى العمل الدبلوماسي منذ العام 2017 وأحد أركان ولاية ماكرون، في وقت تتعاظم فيه الأزمات الدولية، وعلى رأسها الأزمة الأوكرانية، التي خصص لها الرئيس الفرنسي جزءاً كبيراً من مجهوداته في عز الحملة الانتخابية للرئاسيات الفرنسية، بتواصله أكثر من مرة مع زعماء العالم ومحاولاته التوسط بين الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونظيره الأميركي، جو بايدن، قبل بدء الاجتياح الروسي لأوكرانيا. ويأتي التغيير في وزارة الخارجية مع اقتراب نهاية الرئاسة الفرنسية لمجلس الاتحاد الأوروبي الذي بدأت وحدته بالتراجع مع إخفاقه حتى الآن في اعتماد حزمة عقوبات سادسة على روسيا.
كما ستكون الأزمة في مالي على رأس الملفات الحارقة التي تنتظر الوزيرة الجديدة، وتحول التحالف بين باريس وباماكو إلى علاقة عدائية نشأت بعد انقلاب أغسطس/آب 2020 في مالي.