سُجّل عدد كبير من الإصابات وحالات الاختناق بالقنابل المسيّلة للدموع، خلال قمع عناصر الأمن والجيش اللبناني تظاهرة حاشدة في محيط مقرّ السفارة الأميركية في منطقة عوكر شمالي العاصمة بيروت، والتي شهدت ليل أمس الثلاثاء مواجهات مع القوى الأمنية بعد تظاهرة تنديداً بجريمة الإبادة الجماعية التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في المستشفى الأهلي المعمداني في غزة مساء أمس الثلاثاء، والتي أسفرت عن استشهاد قرابة 500 شخص ومئات الجرحى من النازحين والمرضى.
وأظهرت لقطات بثتها القنوات المحلية تعرّض عدد من الشبان للضرب بالعصي من قبل القوات الأمنية التي تتولّى حماية محيط مقرّ السفارة.
وأفادت مراسلة "العربي الجديد" باندلاع حرائق في عدد من المحال على الطريق المؤدي إلى السفارة، والذي يشهد إجراءات أمنية مشددة وإغلاقاً للطرقات، في محاولة لمنع المتظاهرين من الوصول إلى مقرّ السفارة، مع استمرار توافد المتظاهرين إلى المنطقة، خصوصاً من العاصمة بيروت، وطرابلس شمالي لبنان.
ويشارك مسؤول كبير في "حزب الله" شخصياً في التظاهرة، وسط مواكبة أمنية كبيرة، في سابقة من نوعها، إذ عادة ما يشارك مسؤولو الحزب بالتحركات التي يدعو إليها، وعادة ما تكون في مناطق محسوبة عليه سياسياً.
وخرجت عشرات التظاهرات الغاضبة مساء أمس الثلاثاء في عددٍ من المناطق اللبنانية، ولا سيما في بيروت، بقيت إلى ساعات الفجر الأولى، تنديداً بالمجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في المستشفى المعمداني، كان أشدّها أمام السفارتين الفرنسية والأميركية، وأمام مبنى "الإسكوا".
وتطوّرت التظاهرات إلى مواجهات مع القوى الأمنية، بعدما عمد المتظاهرون إلى رشق المقار بالحجارة، محاولين تجاوز الأسلاك الشائكة، وإشعال النيران في محيطها، ما أدى إلى سقوط عددٍ من الجرحى وتسجيل حالات اختناق من جراء قنابل الغاز التي أطلقت بكثافة لإبعاد وتفريق المحتجين الذين فُتحت عليهم أيضاً خراطيم المياه.
ودعت السفارة الأميركية في بيروت في بيان لها اليوم الأربعاء المواطنين الأميركيين إلى تجنّب منطقة عوكر، إلى الشمال من العاصمة، حيث مقر السفارة، نظراً لاحتمال وقوع المزيد من التظاهرات في اعقاب احتجاجات أمس، مؤكدة في المقابل أن السفارة لا تزال تعمل وتعطي الأولوية لتقديم الخدمات القنصلية للمواطنين الأميركيين في لبنان.
تحركات في مناطق مختلفة
وتشهد العديد من المناطق اللبنانية اليوم الأربعاء تحرّكات غاضبة مندّدة بالجريمة الإسرائيلية في قطاع غزة، وأعلن لبنان اليوم يوم حداد وطني على الشهداء والضحايا الذين سقطوا نتيجة المجازر والاعتداءات التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، ونُكِّست حداداً الأعلام المرفوعة على الإدارات والمؤسسات الرسمية والبلديات كافة، فيما أُقفلت كلّ المدارس، والثانويات، والمعاهد، والجامعات الرسمية والخاصة.
وأمام مبنى "الإسكوا" في وسط بيروت، وتحت عنوان "يوم غضب شعبي"، نُفذت ظهر اليوم تظاهرة "بوجه كيان الإبادة والإجرام" وسط إجراءات أمنية مشددة، رُفعت فيها الشعارات الداعمة للشعب الفلسطيني وأهالي غزة، والمندّدة بالعدوان الإسرائيلي ومجزرة المستشفى المعمداني.
وردّد المتظاهرون هتافات عدّة من بينها "الموت لإسرائيل"، و"بالروح بالدم نفديك يا فلسطين"، و"على القدس رايحين شهداء بالملايين"، و"لا منهادن ولا منلين بدنا العودة على فلسطين"، و"يا غزة لا تهتزي كلك كرامة وعزة"، و"يا غزي قاوم قاوم بكرا نصرك قادم قادم".
من أمام مبنى الاسكوا في #بيروت، تضامناً مع #غزة، واستنكاراً لمجازر الاحتلال الإسرائيلي.#أخبار_الساحة #لبنان #طوفان_الأقصى #فلسطين pic.twitter.com/lfQSPs6BrU
— أخبار الساحة (@Akhbaralsaha) October 18, 2023
وقال عددٌ من المتظاهرين لـ"العربي الجديد" إن "تاريخ الاحتلال الإسرائيلي دموي وحافل بالمجازر، همّ العدو فقط التخلّص من الشعب الفلسطيني وأهالي غزة، غزة هي جمرة بحلقهم وستبقى".
وأكدوا أن "غزة فيها مقاومون سيتصدّون للاحتلال ولن يستسلموا" مشددين على أنهم يقفون إلى جانب أهالي غزة، ويدعمون قضيتهم، ويستنكرون ما يرتكب من مجازر بحق الأطفال والأمهات والآباء والشيوخ، وجميع المدنيين، معبّرين عن غضبهم من المجزرة التي ارتكبت أمس في المستشفى.
كذلك، شدد المتظاهرون على أنهم يوصلون اليوم صوتهم إلى أهالي فلسطين وغزة، وهم غير قادرين على فعل أكثر من ذلك، داعين الدول العربية بشكل خاص للتحرّك سريعاً ووقف الإبادة التي تحصل.
وشارك رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي اليوم في الوقفة التضامنية أمام وزارة الصحة في بيروت استنكاراً وإدانة للمجزرة الإسرائيلية في المستشفى المعمداني.
وقال: "الوقفة اليوم لها معنيان، الأول هو التضامن مع أهل غزة، والثاني أنّ القيم الإنسانية تنتهك في غزة"، مشدداً على أنّنا "نقف جميعاً مع هذا الجسم الطبي، مؤكدين أن هذا الأمر لا يمكن أن يستمر".
وسأل ميقاتي: "أين هي الأمم المتحدة مما يجري؟ أين مجلس الأمن؟ أين شرعة الأمم المتحدة؟ ما يحصل هو سيطرة لشريعة الغاب، والقويّ يقتل الضعيف من دون خوف، والمجتمع الدولي ينظر إلى ما يحصل من دون ردة فعل، لا بل أكثر من ذلك فهو يقف مع الجلّاد. هذا الأمر يجب وضع حدّ له".
ونفذت إدارة وأطباء وموظفي مستشفى صيدا الحكومي جنوبي البلاد وقفة تضامنية مع أهالي غزة، وسط "إدانات لجرائم القتل والابادة الجماعية التي يرتكبها العدو الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني".
وقال المحتجون إن "الجرائم الصهيونية البشعة بحق الشعب الفلسطيني تحظى بدعم وتمويل ومساندة أميركا ودول الغرب الحاقد، وهي جميعها تشترك مع الكيان الصهيوني في تحمّل المسؤولية الإنسانية والأخلاقية والقانونية عن هذه المجازر الوحشية"، مطالبين بـ"فتح معبر رفح بصورة عاجلة لإيصال المساعدات الغذائية والمستلزمات الطبية الضرورية لمعالجة الجرحى والمصابين للحدّ من الخسائر البشرية".
بدوره، أقام مركز "اليوسف الاستشفائي" في حلبا، شمالي لبنان، وقفة تضامنية مع غزة، "استنكاراً للعدوان الوحشي والاجرامي الذي طاول المستشفى المعمداني الأهلي".
هذا ونُفذت وقفة تضامنية أمام وزارة العمل تضامناً مع الشعب الفلسطيني، بدعوة من وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم (المحسوب على حزب الله)، الذي قال في كلمة له: "إن المجاهدين والمقاومين ينتظرون ذلك الأصبع الذين سيشير لهم إلى بداية الطوفان الحقيقي الذي يجرف كل الظالمين ويسقط عروش كل المتخاذلين".
وتنفذ وقفات تضامنية في مدينة النبطية جنوباً، وحارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، والهرمل بقاعاً، وغيرها من المناطق التي تُعدّ من معاقل "حزب الله" الذي دعا في بيان أمس الثلاثاء إلى أن يكون "الأربعاء يوم غضب لا سابق له ضد العدو وجرائمه، وضد زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الكيان الصهيوني لتغطية وحماية هذا الكيان المجرم".
وقال "حزب الله" في بيان أمس: "لتكن الرسالة واضحة أنّ هذا يوم له ما بعده على طريق المقاومة والانتصار والاقتصاص للمظلوم من الظالم".
بالفيديو | وقفة تضامنية في مدينة #النبطية جنوب لبنان غضبا على جرائم العدو الصهيوني في #غزة #مجزرة_مستشفى_المعمداني #المستشفى_المعمداني pic.twitter.com/Navk8L5ia2
— قناة المنار (@TVManar1) October 18, 2023