استمع إلى الملخص
- **مواقف الأطراف اللبنانية والدولية**: ميقاتي وبري يؤكدان على ضرورة التوافق لانتخاب رئيس، مع إصرار حزب الله وحركة أمل على مرشحهم، وسط معارضة من حزب القوات اللبنانية.
- **التحديات والانقسامات السياسية**: السفير المصري يشدد على الحوار بين القوى اللبنانية، لكن الانقسام السياسي يعوق التقدم، رغم جهود اللجنة الخماسية.
أعلن السفير المصري لدى لبنان علاء موسى، أنّ اللجنة الخماسية المعنية بالملف الرئاسي اللبناني، تنوي "اتخاذ خطواتٍ اعتباراً من الأسبوع المقبل، في محاولة لإحداث حلحلةٍ"، وذلك في وقتٍ يكمل الشغور الرئاسي عامه الثاني في 31 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل. وقال موسى بعد لقاء عقده اليوم الأربعاء مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، إنّ "هدف اللقاء مع ميقاتي إطلاعه على مجمل التطورات بالنسبة إلى مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، والدور الذي يقوم به الوسطاء ومصر، لأن لبنان ومصر يتشاركان في ما يحدث في غزة، وتأثيره على الإقليم وعلى لبنان تحديداً، وعلى جبهة الجنوب".
وأضاف: "كما تحدثنا في عددٍ من الملفات التي لها علاقة بالداخل اللبناني، وتحديداً الملف الرئاسي، ووضعت ميقاتي في نشاط اللجنة الخماسية، والخطوات التي تنوي اتخاذها اعتباراً من الأسبوع المقبل، لربما نستطيع أن نحدث حلحلة في هذا الملف"، مشيراً إلى أنه "في الفترة الأخيرة، كان التركيز منصبّاً على الوضع في الجنوب، ولكن بات الأمر ملحاً اليوم للحديث عن الملف الرئاسي، ونأمل في أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من التحركات من قبل اللجنة الخماسية، ومن قبل الأطراف اللبنانية، وصولاً إلى إحداث خرقٍ مهم في الملف الرئاسي".
وفي الإطار، يقول مصدرٌ مقرّبٌ من ميقاتي لـ"العربي الجديد"، إنّ "لا تطور جدياً على مستوى الملف الرئاسي، أو خرقاً حصل ربطاً بالتحرك الذي أعلنه السفير المصري، لكنْ هناك حرص خارجي على استقرار لبنان، ما يحتّم وجود رئيسٍ للجمهورية، وملء الشغور الرئاسي الذي مرّ عليه عامان، خصوصاً في ظلّ الظرف الأمني الراهن ومرحلة ما بعد الحرب". من جانبه، يؤكد مصدرٌ مقرّبٌ من رئيس البرلمان نبيه بري لـ"العربي الجديد"، إنّ الأخير "لن يدعو إلى جلسة لانتخاب رئيس قبل حصول نوعٍ من التوافق، وإلا سيتكرّر سيناريو الجلسات السابقة"، مشدداً على أنه "ليس صحيحاً أن حزب الله لا يريد انتخاب رئيس للجمهورية حالياً بذريعة العدوان الإسرائيلي على الجنوب وتركيزه على الجبهة، فالحزب، ونحن معه، مصرّون على إنجاز الاستحقاق الرئاسي اليوم قبل الغد، وندعو للحوار، لكن هناك أفرقاء سياسيين لا يريدون ذلك وهم يعرقلون كل الجهود التي تبذل".
ويشير المصدر إلى أنّ "بري سبق أن تحدث في كلمته الأخيرة عن ضرورة التقاط اللحظة الراهنة التي تمرّ بها المنطقة، للمسارعة إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي بأقصى سرعة ممكنة، تحت سقف الدستور، وبالتشاور بين الجميع، من دون إملاء أو وضع فيتو على أحد، وكرّر دعوته المفتوحة للحوار أو التشاور لأيام معدودة، بعدما كان ربطها سابقاً بسبعة أيام، تليها دورات متتالية بنصاب دستوري دون إفقاده من أي طرفٍ كانٍ، وبالتالي عدّل مبادرته الأولى، ومع ذلك لا يزال هناك من يرفض دعوته، ولا سيما حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع".
ويضيف المصدر: "هناك إصرار من الرئيس بري على ضرورة انتخاب رئيس في هذه الفترة الحرجة التي يمرّ بها لبنان، ويأمل في أن ينجز الملف بأسرع وقتٍ، وأن يتجاوب الجميع مع دعوته، وفي الوقت نفسه، هناك طبعاً حراك دولي عربي مشكور، وجهود تبذلها اللجنة الخماسية، وهي اليوم تعاود حراكها في محاولة لإحداث خرقٍ، لكن كما بات مكرراً فإنّ التوافق الداخلي يبقى الأساس لانتخاب رئيسٍ، ومن دونه لن يحصل ذلك". وفي معرض تعليقه على مبادرة بري، قال جعجع في وقتٍ سابقٍ "على رئيس البرلمان أن يدعو، وكما نصّ الدستور، إلى جلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية حتى التوصّل إلى انتخاب رئيس للجمهورية، وليفُز من يفوز، ويتلقّ التهنئة والمباركة من الجميع، بدلاً من أن نظلّ في دوامة التعطيل والدعوات العقيمة إلى حوار، جرى ويجري كل يوم ومن دون أن يؤدي إلى أي نتيجة". وشدد جعجع على أنّ "الطريق إلى قصر بعبدا (مقرّ رئاسة الجمهورية) لا تمُرّ في حارة حريك، (معقل حزب الله) والدخول إلى قصرِ بعبدا لا يكون من بوابة عين التينة (مقرّ بري)، ووفق شروطها وحوارها المفتعل. الطريق إلى قصرِ بعبدا تمرّ فقط في ساحة النّجمة (مقرّ البرلمان) ومن خلال صندوق الاقتراع".
ويأتي تصريح السفير المصري في إطار جولة يقوم بها على المسؤولين السياسيين في لبنان وقادة الأحزاب، ضمنهم جعجع اليوم. وقال موسى بعد اللقاء إنّ "التشاور والحوار هما أساس العملية السياسية، وهذا شيء مهم للجميع، لكن كيفية التشاور وآلياته، فهي أمور أخرى أتصور أنه يمكن البحث فيها، الأهم هو الاتفاق سوياً على أمرين، الأمر الأول هو ضرورة انتخاب رئيس، والأمر الثاني هو أننا لن نصل إلى رئيس سوى من خلال التفاعل بين القوى الرئيسية في لبنان"، مشدداً على أنّه "يجب أن نكون أكثر إيجابية ولا نبحث عن النقاط المعرقلة، نحن نبحث عن النقاط المشتركة التي من خلالها يمكننا الانطلاق إلى الأمام".
ولم ينجح الحراك الأخير للجنة الخماسية التي تضمّ سفراء المملكة العربية السعودية، قطر، مصر، الولايات المتحدة، وفرنسا، قبل أشهر، في إحداث أي خرقٍ بالملف الرئاسي رغم توسيع مروحة لقاءاتهم والتنبيه من خطورة المرحلة، ولا سيما في ظلّ الحرب الدائرة في الجنوب اللبناني، وذلك في ظلّ استمرار الانقسام السياسي في لبنان حول كيفية مقاربة الاستحقاق وشكل الحوار، ورفض الفريق المعارض لحزب الله وحركة أمل (يرأسها بري) مرشحهما للرئاسة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، الذي لا يزال يصرّ الثنائي على تأييده ودعمه.
ويتمسّك حزب الله بدعم فرنجية للرئاسة، وبمواصفات المرشح التي يتصدّرها "عدم الطعن بظهر المقاومة أو التآمر عليها"، وهو شرطٌ يتعزّز أكثر اليوم في ظلّ العدوان الإسرائيلي والمعارضة الداخلية التي يواجهها، لفتحه جبهة الجنوب اللبناني.