استكمل الرئيس اللبناني ميشال عون، اليوم الأربعاء، في قصر بعبدا الجمهوري لقاءاته الثنائية مع قيادات ورؤساء الكتل النيابية ليتخذ على ضوئها القرار بشأن الدعوة إلى الحوار الوطني، وذلك في ظل المقاطعة الواسعة له والتحفظات حيال جدول أعماله.
وسقط "الرداء الوطني" الذي صمَّم عون على إلباسه للحوار عند طرحه في 27 ديسمبر/ كانون الأول الماضي بعدما بات مصبوغاً بلونٍ واحدٍ بفعل اتساع دائرة المعتذرين عن تلبية الدعوة وضمّها بشكل أساسي "تيار المستقبل" برئاسة سعد الحريري، و"حزب القوات اللبنانية" برئاسة سمير جعجع، و"الحزب التقدمي الاشتراكي" برئاسة وليد جنبلاط، و"تيار المردة" برئاسة سليمان فرنجية الأمر، الذي قد يجعله يتريث في خطوته أو يؤخر الإقدام عليها.
واعتبر رئيس "تكتل لبنان القوي" النائب جبران باسيل (صهر عون) أن "من يرفضون الحوار يرفضون الحلول للمواضيع الثلاثة المطروحة على جدول أعماله على الرغم من أهميتها وذلك لأسباب سياسية وانتخابية صغيرة"، مشدداً على أن "رفض الحوار يؤدي إلى نتائج كارثية يتحملها من لا يشارك فيه".
ويضم جدول أعمال الحوار ثلاث مسائل أساسية هي اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، والاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان، وخطة التعافي المالي والاقتصادي بما فيها الإصلاحات اللازمة والتوزيع العادل للخسائر.
ورمى باسيل مسؤولية التعطيل مع نتائجه في ملعب "حزب الله" و"حركة أمل"، التي يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي لم يدع مجلس الوزراء للانعقاد ويتلكأ بواجباته، موجهاً رسالة واضحة بأنه "من الأفضل أن لا تكون لدينا حكومة من أن تكون لدينا حكومة لا تعمل وتكون هناك حكومة ثانية تعمل".
وشدد على أننا "لا نمون على حزب الله بالعودة إلى مجلس الوزراء ولو كنا نمون عليه لكان عاد".
وأخرج باسيل نفسه من أي تحالف سواء 8 أو 14 آذار مؤكداً "لسنا مندمجين مع أحد، وليس هناك أكثرية سياسية ولا طرفان، بل أكثريات وأقليات"، في تصريح يحاول التأكيد من خلاله بأن الأزمة لا يجوز تحميلها للعهد (الرئاسة) وأن القرارات ليست بيده وحده.
وأعطى باسيل مثالاً على ذلك بأنه "إذا أردنا إقالة حاكم مصرف لبنان نحتاج إلى ثلثي مجلس الوزراء وأن يقبل وزير المال بطرح الموضوع وأن يضع رئيس الحكومة الأمر على جدول الأعمال ويسألوننا لماذا لم نغير الحاكم بينما لسنا ممثلين بأي موقع من هذه المواقع الثلاث؟". وكان عون قد اقترح عام 2017 من خارج جدول الأعمال تعيين رياض سلامة حاكماً لمصرف لبنان فوافق مجلس الوزراء بالإجماع.
وصوب باسيل على حاكم مصرف لبنان مشدداً على أنه "لا يمكن أن لا يأخذ سلامة عقابه دولياً وأوروبياً ولبنانياً".
عون يلتقي وفد "اللقاء التشاوري"
واستهل الرئيس عون لقاءاته اليوم بوفد "اللقاء التشاوري" الذي ضم النواب عبد الرحيم مراد، وفيصل كرامي، والوليد سكرية وعدنان طرابلسي. وأكد كرامي بعد الاجتماع أنه "حين يدعو عون إلى الحوار نتخذ الموقف المناسب بشأن المشاركة به من عدمها، ونحن كلقاء تشاوري لا يمكن إلا أن نكون مع الحوار خاصة في الظروف التي تمر بها البلد".
كذلك التقى عون رئيس "الكتلة القومية الاجتماعية" النائب اسعد حردان الذي أكد "أننا من دعاة الحوار". في حين شدد رئيس "كتلة نواب الأرمن" النائب أغوب بقرادونيان على تلبية الدعوة للحوار "في حال تلقيناها لأنه السبيل لإنقاذ ما تبقى في البلد".
تعليقا على ذلك، قال الخبير والمستشار في التنمية والسياسات الاجتماعية ومكافحة الفقر أديب نعمة لـ"العربي الجديد" إن "موضوع الحوار يرتكز على إجراء صفقة بين أركان السلطة وهو ليس حواراً وطنياً ولا مجتمعياً بل سعي من قبل عون لفتح عمليات التفاوض على صفقة عجز عن إيجاد طريق لعقدها في الحكومة".
وعزا ذلك العجر إلى "عقدة ثنائي حركة أمل وحزب الله وربطاً ملف المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، وكذلك في البرلمان نظراً للصراع القائم بين عون وبري والتناقضات الكثيرة الموجودة في مجلس النواب ما عذّر قيام الصفقة في الحكومة أو البرلمان". وختم بالقول "فكانت محاولة إبرامها على طاولة الحوار في بعبدا والتي نتائجها ستكون وخيمة على اللبنانيين".