لبنان: سلسلة اتهامات وتهديدات من بري للمحقق بانفجار بيروت ودعوة لتشكيل حكومة هذا الأسبوع
لم تخلُ كلمة رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، اليوم الثلاثاء، في الذكرى الثالثة والأربعين لتغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه، من توجيه سلسلة اتهامات وتحذيرات للمحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار.
وعرّج بري على الملفات السياسية الداخلية والحكومية ليشن فيها هجوماً مبطناً هو الأعنف على رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل.
وتوجَّه بري إلى القاضي البيطار بالقول، "اسمع صوت الحقيقة من دون استنسابية، وإن لم تقم بذلك فويلٌ لقاضٍ في الأرض من قاضٍ في السماء"، رافضاً توصيف مجلس النواب بـ"مجلس النيترات"، مشدداً على أنه "لا يجوز التجني والمطلوب من المحقق العدلي تطبيق القانون لا أن يقفز فوقه، ويجب عليه أن يسمع صوت العدالة لا صوت من يهمس له".
ويصرّ أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت والمعارضون للطبقة السياسية على رفع شعار "مجلس النيترات أو نواب النيترات" عقب توقيع عددٍ من النواب ضمنهم في "حركة أمل" (يرأسها بري) ما سمي بـ"لائحة العار" واتهامه بمناورات احتيالية عدّة يلجأ إليها لنسف التحقيقات وتطيير المحقق العدلي عدا عن رفضه رفع الحصانات.
ويتعرّض المحقق العدلي منذ أن بدأت مرحلة الاستدعاءات التي طاولت نواب ووزراء سابقين وقادة أمنيين وعسكريين محسوبين على أحزاب سياسية وآخرها إصداره مذكرة جلب بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب لهجوم حادٍّ مرفق باتهامات وتحذيرات علنية وسط مخاوف شعبية من كف يده كما حصل مع سلفه القاضي فادي صوان ولا سيما أن المرحلة المقبلة قد تحمل معها خطوات أكثر جرأة وتطرق باب شخصيات سياسية وأمنية جديدة.
وفي سياق التحقيقات، أصدر المحقق العدلي الثلاثاء مذكرة توقيف وجاهية بحق عضو المجلس الأعلى للجمارك هاني الحاج شحادة عند انتهاء جلسة استجوابه وذلك لعلمه بوجود نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت.
وبعث بري في إطار الملف نفسه رسائل سياسية وُضعت في دائرة "عون – باسيل" من دون أن يسميهما وقال، "للأسف ثمة في لبنان من تعوّد على الاستثمار بالقضايا المحقة لأهدافٍ انتخابية رخيصة وامتطاء الشعبوية ربما لتنفيذ أجندات مشبوهة لحرف مسار التحقيق".
في الشأن السياسي، قال بري، "نحن أمام محاولة موصوفة لاختطاف لبنان وإسقاطه من الداخل، وهناك للأسف عشرات المؤشرات والظواهر التي تدفعنا إلى الظن حتى حدود لا أريد أن أقول اليقين حيال هذا المخطط الشيطاني".
وشنّ رئيس البرلمان هجوماً على رئيس الجمهورية وصهره باسيل، كما دعا إلى "تنحية الخلافات كلها والإسراع في تشكيل حكومة خلال هذا الأسبوع كحدٍّ أقصى لتحرير اللبنانيين من طوابير الذل والتحضير لإجراء انتخابات نيابية".
وقال بري، "أية سياسة هذه التي أنهت نفسها بنفسها وأنهت السلطة التنفيذية والقضائية ولم تجرِ الانتخابات الفرعية لمجلس النواب، لكنها الحق الحق لم تنسَ إيقاف تعيين مأموري الأحراج (يمكن لأن جهنم ليست بحاجة لمأموري أحراج)".
وقال بري، "قدمنا المبادرات علناً وفي الخفاء وبانتظار صحوة الضمير نؤكد أننا لن نكون شهود زور لحفلة الإعدام الجماعية التي يتعرّض لها اللبنانيون يومياً".
وأضاف "أمر متوقع أن تلجأ اسرائيل ومن يدعمها إلى إبقاء لبنان ضمن دائرة التصويب والاستهداف، لكن ما ليس مفهوماً وليس مقبولاً على الإطلاق، أن وطناً لديه كل المقومات، وينبري البعض إلى تقديم لبنان واللبنانيين بصورة العاجز والعاجزين عن إنجاز أبسط الاستحقاقات وهو إنجاز حكومة إلا بالثلث المعطل! أهذه سياسة أم فيها مساسة"، وذلك في رسالة إلى فريق عون الذي يتهمه بالتمسك بالثلث المعطل وتعطيل تشكيل الحكومة.
كما سأل رئيس البرلمان في سياق تفنيده المؤشرات المذكورة "لمصلحة من التهديد والتلويح بالاستقالات من مجلس النواب؟ ولمصلحة من تعطيل آخر مؤسسة منتجة وعاملة في لبنان على المستوى التشريعي؟".
وتابع "لمصلحة من تقديم سلطة ما يسمى منظمات المجتمع المدني على أنها البديلة لمنطق الدولة والمؤسسات؟ وأنتم تعلمون حق العلم من وراءها، ومن يدربها، ومن يمولها، بالفعل من وراء هذه القصة، بالأول افتكرنا الباشا باشا طلع الباشا زلمي، كل الناس تعرف من يموّل هؤلاء، لا ليس هكذا تورد الاستحقاقات".
وعادة ما تلجأ الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان إلى توجيه الاتهامات للنأي بنفسها من المطالب التي ترفع في الشارع اللبناني لإسقاطها ورحيلها. وما تزال ولادة الحكومة الجديدة متعثرة، وسط اتهامات متبادلة من قبل الفرقاء السياسيين بالتعطيل.
وقد عاد الحديث عن مبادرات حكومية لحلّ الأزمة في ظلّ الخلاف الذي يخرج إلى العلن بين عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، كتلك المبادرة التي أطلقت يوم بدأت تظهر معالم الخلافات والقطيعة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف سعد الحريري قبل اعتذاره.