يشدد الرئيس اللبناني ميشال عون على أن الحاجة باتت ملحة لانعقاد جلسة لمجلس الوزراء، لا سيما أن ثمة استحقاقات كثيرة تراكمت تحتاج إلى قرارات من الحكومة، في حين يتمسّك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بمبدأ "التريث" حتى نضوج الظروف المناسبة للدعوة تفادياً لأي إشكال سياسي.
وأكد عون خلال استقباله نقيبة المحامين في طرابلس، شمالي لبنان، ماري تيريز القوال، الاثنين، أن "استمرار عدم انعقاد مجلس الوزراء عطّل العمل الحكومي في وجوهه المختلفة، إضافة إلى تعطيل عمل القضاء".
الرئيس عون خلال استقباله نقيبة المحامين في طرابلس على رأس وفد من النقابة: الحاجة باتت ملحة لانعقاد جلسة لمجلس الوزراء لا سيما وأن ثمة استحقاقات كثيرة تراكمت تحتاج الى قرارات من الحكومة
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) December 13, 2021
وعقد مجلس الوزراء اللبناني آخر جلسة له في 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قبل أن ترتفع أصوات وزراء "حزب الله" و"حركة أمل" (برئاسة نبيه بري) المهددة بالمقاطعة وتطيير الحكومة في حال عدم إقالة المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار.
ويتريث ميقاتي بدعوة مجلس الوزراء للانعقاد قبل حلّ الأزمة، وذلك لتفادي أي إشكال سياسي من شأنه أن يطيح حكومته ويعطّل البلاد، خصوصاً أن "حزب الله" و"حركة أمل" مصرّان على موقفهما بإبعاد البيطار عن القضية، في حين بدأت أوساط ميقاتي تردّد سيناريوهات التعدي على صلاحيات رئاسة الحكومة، خصوصاً من جانب رئيس الجمهورية، وفي المقلب الآخر من جانب "حزب الله"، كلٌّ لمصالحه المختلفة.
و أكد ميقاتي أن "الاتصالات مستمرة لاستئناف عقد جلسات مجلس الوزراء، لا سيما أن الفترة المقبلة تتطلب عقد جلسات مكثفة للحكومة، لبت الكثير من الملفات التي هي قيد الإنجاز، ولمواكبة المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي".
وشدد ميقاتي، الاثنين، خلال استقباله الموفد الرئاسي الفرنسي ومنسّق المساعدات الدولية من أجل لبنان السفير بيار دوكان، على أن "الاتصالات مستمرة لإيجاد حل للوضع الحكومي، وعلى أن المفاوضات مع صندوق النقد تسير بشكل جيد، ومن المتوقع أن تظهر النتائج قريباً".
ولفت إلى أن "الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء من دون تأمين الظروف المناسبة قد تسبِّب مزيداً من التشنج السياسي وتعقّد الحلول أكثر فأكثر، من هنا، فإننا نستكمل الاتصالات قبل اتخاذ القرار في هذا الإطار"، مع العلم أن أجواء سياسية تشي بأن خرق مشهد الجمود قد يكون خلال الأيام المقبلة وقبل نهاية العام.
وقال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء اللبناني إن الموفد الفرنسي شدد على وجوب أن يصار إلى إنجاز الاتفاق مع صندوق النقد الدولي قبل موعد الانتخابات النيابية المقبلة، ولفت الموفد الفرنسي إلى أن "الاتفاق مع الصندوق قد يفتح الباب حول الحوار بشأن مشاريع مؤتمر سيدر".
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "فرنسا يهمها استقرار لبنان، وهي تتدخل وتمد يدها لحلّ أي مشكلة، كما بادرت سعودياً، ولكنها في المقابل تنتظر من الجانب اللبناني أن يتعاطى بجدية مع هذه المشاكل وانعكاساتها الكبيرة على البلاد".
وأضاف المصدر "على مجلس الوزراء أن يعاود الانعقاد سريعاً ويبدأ بتنفيذ الإصلاحات التي تمهد طريق الدعم الدولي"، وتعاود فرنسا التلويح بعصا العقوبات في ظلّ عدم قيام المسؤولين اللبنانيين بأي خطوة إصلاحية حتى الساعة، مع استمرارهم في تعطيل المؤسسات والتدخل في عمل القضاء.
ولن تشمل جولة الموفد الفرنسي الرئيس عون، في حين لم تربط مصادر قصر بعبدا ذلك بأي رسائل سياسية، بل اكتفت بالقول، لـ"العربي الجديد"، إن "دوكان يزور لبنان للاجتماع برئيس الحكومة وعدد من الوزراء ربطاً بالملفات المالية الاقتصادية، وخصوصاً المتعلقة بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي وطريقة عمل الحكومة إصلاحياً".
بيدرسون في بيروت
على صعيدٍ آخر، يجول اليوم مبعوث الأمم المتحدة الخاص من أجل سورية غير بيدرسون على المسؤولين اللبنانيين، حيث التقى الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونجيب ميقاتي ونبيه بري.
وأبلغ الرئيس عون بيدرسون أن على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته في تسهيل عودة اللاجئين السوريين (تصر السلطات اللبنانية على توصيفهم بالنازحين) في لبنان إلى بلادهم، "لا سيما أن معظم المناطق السورية أصبحت آمنة، وفي إمكانهم العودة إلى أراضيهم ومنازلهم، والعيش فيها بدلاً من الاتكال على المساعدات التي تصل إليهم من المنظمات الدولية، علماً أن علامات استفهام كثيرة تدور حول طرق توزيع هذه المساعدات ومدى وصولها إلى المستفيدين الفعليين منها"، يقول عون.
وكرّر الرئيس اللبناني تحميل اللجوء السوري جزءاً من الأزمة التي يعيشها لبنان، رغم أن الكثير من المساعدات تصل إلى الدولة اللبنانية لاستضافتها اللاجئين، وهناك اتهامات كثيرة تطاول السلطات اللبنانية باستغلالها الأزمة للحصول على الدعم المالي.
وقال مكتب الإعلام في الرئاسة اللبنانية إن "بيدرسون أطلع عون على المعطيات المتصلة بالتحرك الذي يقوم به والمحادثات التي أجراها مع المسؤولين السوريين أمس، مشيراً إلى أنها تهدف إلى إيجاد السبل الكفيلة بوضع حلول للأزمة السورية الراهنة".
على صعيدٍ آخر، وجه ميقاتي اليوم، عبر وزارة العدل، كتاباً إلى النيابة العامة التمييزية لإجراء التحقيقات الفوريّة واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن عقد مؤتمر صحافي في بيروت تضمّن ادعاءات مسيئة ضدّ مملكة البحرين، وذلك استناداً إلى كتاب وزارة خارجية مملكة البحرين الذي تضمّن احتجاجاً رسمياً لما تناوله المؤتمر الصحافي من اساءات لها.