وصل وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة إلى العاصمة المالية بماكو، يوم الخميس، في زيارة صداقة بدعوة من وزير الخارجية والتعاون الدولي المالي عبد اللاي ديوب، ويترأس خلالها الوزيران أعمال الدورة الـ18 للجنة الاستراتيجية الثنائية بين مالي والجزائر.
يأتي الاجتماع رفيع المستوى في إطار المشاورات السياسية المنتظمة بين مالي والجزائر، وستكون زيارة لعمامرة مناسبة لعقد الاجتماع السادس رفيع المستوى للجنة مراقبة اتفاقية السلام والاستقرار في مالي، المنبثق من مسار الجزائر، في مايو/أيار 2015، حيث يترأس لعمامرة الاجتماع كون الجزائر رئيس لجنة الوساطة الدولية للسلام في مالي، ويناقش مخرجات الاجتماع الايجابي بين القوى والحركات المالية والحكومة المركزية في بماكو، الذي عقد بداية أغسطس/آب الماضي، وانتهى باتفاق يقضي بدمج 26 ألفا من مقاتلي الحركات المسلحة في الجيش المالي على دفعتين، قبل نهاية سنة 2024، واستحداث وتفعيل لجنة مختصة تتكفل بالأعمال الخاصة بالإطارات المدنية السامية والعسكريين التابعين لهذه الحركات، وإطلاق إصلاحات سياسية ومؤسساتية غير مرتبطة بالتعديل الدستوري المرتقب في مالي.
وعلى هامش هذين الاجتماعين، سيعقد الوزير لعمامرة اجتماعات مع المسؤولين في مالي، كرئيس السلطة الانتقالية اسمي غويتا، ورئيس الحكومة بالنيابة عبد الله مايغا (رئيس الحكومة تشوغيل مايغاى في فترة نقاهة بعد وعكة صحية) لمناقشة القضايا الثنائية وغيرها من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
وكانت مالي محل انشغال فرنسي لافت خلال زيارة الرئيس ماكرون إلى الجزائر قبل أسبوع، وطرحت الأوضاع المستجدة فيها خاصة بعد انسحاب القوات الفرنسية من كامل قواعدها في مالي، وفي صلب الاجتماع الأمني والعسكري الأول من نوعه الذي جمع الرئيسين، تبون وماكرون، بحضور كبار قادة الجيش والأجهزة الأمنية من البلدين.
وفهم من خلال هذا الاجتماع، ومن تصريحات الرئيس تبون خلال حفل التوقيع على إعلان الجزائر بأن "هذا التقارب يسمح لنا بالذهاب بعيدا خاصة مع الاجتماع الأمني رفيع المستوى وهذا ما يبشر بعمل مشترك لصالح محيطنا"، أن الجزائر تطرح اشتراطات حساسة تخص ملف التنسيق الأمني والقضائي بين البلدين، يرتبط بالوضع في منطقة الساحل، وأن باريس أقرت أخيرا بضرورة استشارة الجزائر في أية ترتيبات تخص منطقة الساحل، وبأن لا تقوم بأية خطوات من دون إطلاع الجزائر على ترتيباتها لكونها تتصل بالأمن القومي الجزائري.
وفي هذا يقول المحلل السياسي، الأستاذ في جامعة تيبازة، وخير بوعمامة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "من المهم طمأنة الجيران الماليين ووضعهم في صورة ثبات الموقف والالتزامات الجزائرية إزاء مالي، وتأكيد التصور الجزائري لكيفية إخراج المنطقة من الوضع الراهن، ولقطع الطريق على أي مناورة قد تلجأ لها باريس من وراء الستار" خاصة وأن العلاقة بين بماكو وباريس "في أسوأ حالاتها".
وأضاف: "من المهم التأكيد مجددا للماليين أن أمن الجزائر من أمن مالي، وأن أي نقاش مع الأجانب يأخذ دائما مصلحة دول المنطقة بالدرجة الأولى".
وكان المستشار الخاص للرئيس ماكرون للشؤون العسكرية الأدميرال جان فيليب رولاند، قد أكد للوفد الإعلامي المرافق للرئيس ماكرون في زيارته الأخيرة بشأن ملف مالي والوضع في منطقة الساحل أن "التنسيق الأمني مع الجزائر ضروري" خصوصا بعد أن سحبت فرنسا آخر جنود برخان من مالي لأن المساحات الصحراوية الكبيرة في جنوب الجزائر، وصلتها بجنوب ليبيا ومالي والنيجر، هي ممرات تسهل جميع عمليات الجرائم ونشاط الجماعات الإرهابية".