يصل المبعوث الشخصي للرئيس الفرنسي إلى لبنان، جان إيف لودريان، اليوم الأربعاء، إلى بيروت في زيارة تمتدّ ثلاثة أيام يترأس أجندتها الملف الرئاسي بعد فشل النخب السياسية اللبنانية منذ نحو 8 أشهر في انتخاب رئيسٍ للبلاد.
ومن المنتظر أن تُحدِث زيارة لودريان، "الضليع" في الزواريب السياسية والتركيبة اللبنانية، خرقاً في المشهد الداخلي ولا سيما بعد إخفاق البرلمان اللبناني في 14 يونيو/ حزيران الجاري في انتخاب رئيس جديد، ما أدّى إلى تعميق الخلافات بين القوى السياسية.
وعيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في السابع من الشهر الجاري، لودريان موفداً خاصاً إلى لبنان، والذي وجّه في أكثر من مناسبة رسائل شديدة اللهجة لقادة البلاد، ورفع بوجه معرقلي الحلول "عصا العقوبات".
هذا التعيين أثار جملة تساؤلات حول مبادرة فرنسية جديدة لحلّ الأزمة الرئاسية في لبنان بعد سقوط تسوية رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية (مرشح حزب الله وحركة أمل)، لرئاسة الجمهورية، والدبلوماسي نواف سلام لرئاسة الحكومة، علماً أنه يتزامن أيضاً مع تغييرات فرنسية في السلك الدبلوماسي، مع انتهاء مهام السفيرة الفرنسية آن غريو في لبنان، التي عملت على خطّ الملف الرئاسي لبنانياً وخارجياً، ليحلّ مكانها، سفير فرنسا في أنقرة هيرفيه ماغرو.
في السياق، يقول مصدرٌ دبلوماسي في السفارة الفرنسية في بيروت، لـ"العربي الجديد"، إنّ "جولة لودريان ستشمل القادة والمسؤولين السياسيين في البلاد بالدرجة الأولى، وسيستطلع خلال اللقاءات آراء ومواقف الفرقاء، وسيستمع إلى وجهات نظرهم حيال الأزمة، وأسبابها والأمور التي تحول دون الاتفاق بين المكونات اللبنانية"، مشيراً إلى أنها "قد تشمل أيضاً لقاءت مع سفراء الدول الخمس المعنية بالملف اللبناني الرئاسي" (فرنسا، أميركا، السعودية، قطر، مصر).
ويلفت المصدر إلى أنّ "لودريان لا يحمل معه أي اسم للرئاسة أو مبادرة محددة رئاسياً، إذ إنّ باريس لا تتدخل بالأسماء وتعتبر ذلك شأناً داخلياً، ومهمته أكثر بالاستماع إلى آراء الجميع ومحاولة إيجاد سبل لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء، مع بحث ضرورة إيجاد مخرج للأزمة في أسرع وقتٍ ممكن".
ولا يستبعد المصدر أن يحمل معه لودريان تلويحاً بفرض عقوبات على المسؤولين عن العرقلة وإطالة أمد الشغور الرئاسي، "فهذا ممكنٌ ويدخل في إطار الدفع باتجاه الحل"، كما يقول.
وتأتي زيارة لودريان بعدما حضر لبنان في القمة السعودية – الفرنسية التي أكدت على وجوب الإسراع في حلّ الأزمة الرئاسية، وذلك بعدما فشل البرلمان اللبناني على مدى 12 جلسة بانتخاب رئيس وإنهاء الشغور في سدة الرئاسة الأولى المستمرّ منذ 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
من جهته، يقول مصدرٌ مقرّب من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، لـ"العربي الجديد"، إننا "نتطلع إلى زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي وما يحمله معه من أفكار أو طروحات أو أجواء حول اللقاءات الخارجية التي تتطرق إلى الملف اللبناني، منها القمة الأخيرة السعودية الفرنسية، لكن لا علم لنا بوجود مبادرة أو تسوية رئاسية فرنسية".
وتبنّت القوى المعارضة لمرشح "حزب الله – حركة أمل" سليمان فرنجية؛ الرجل المقرّب من النظام السوري، ترشيح وزير المال السابق جهاد أزعور، وذلك بعدما انضم إليها "التيار الوطني الحر" برئاسة النائب جبران باسيل، في مشهد يعتبره "حزب الله" تحدياً له ولمرشحه، خصوصاً أنّ هذه المجموعة لا تتلاقى على أي مبدأ أو رؤية سياسية مشتركة.
وقد تفوق أزعور، في جلسة 14 يونيو/ حزيران، بعدد الأصوات على فرنجية، إذ حصل على 59 صوتاً مقابل 51 لمنافسه، من دون أن يتمكّن من تأمين 86 صوتاً من أصل 128 المطلوب إحرازها في الدورة الأولى، قبل أن يعطل فريق "حزب الله" نصاب الدورة الثانية (86 نائباً)، بانسحاب نوابه.
وتشير المرحلة المقبلة في لبنان إلى احتمال الذهاب باتجاه مرشح ثالث، في ظلّ عجز أي فريق عن تأمين الأصوات المطلوبة لوصول مرشحها، وإقرار الفرقاء، وخصوصاً فريق "حزب الله"، بأنّ الحل الوحيد للأزمة الرئاسية يكون بالحوار والتوافق، علماً أنّ الاسم الثالث الأكثر ترجيحاً في لبنان هو قائد الجيش العماد جوزاف عون، والذي يحظى أيضاً بإشادات خارجية منها فرنسية وأميركية.