مؤتمر الحزب الجمهوري يرسخ سيطرة ترامب

22 يوليو 2024
ترامب خلال تجمع انتخابي، ميشيغن، 20 يوليو 2024 (بيل بوغليانو/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **سيطرة ترامب على الحزب الجمهوري**: أكد ترامب سيطرته على الحزب الجمهوري خلال مؤتمر ميلووكي، محولاً إياه إلى حركة شعبوية، مهاجماً الديمقراطيين وبايدن، ومشدداً على أهمية الانتخابات المقبلة.

- **إزعاج نيكي هيلي وتعديل برنامج الحزب**: وجود نيكي هيلي أزعج ترامب، وسيطر فريقه على تفاصيل المؤتمر، مما أدى إلى تعديل برنامج الحزب، متجاهلاً سياسات ريغان التقليدية.

- **اختيار جي دي فانس نائباً للرئيس واستطلاعات الرأي**: اختار ترامب جي دي فانس نائباً له، مما يعكس توجهه الشعبوي، وأظهرت استطلاعات الرأي تفوقه على بايدن، مما يشكل تحدياً كبيراً للرئيس الحالي.

رسّخ مؤتمر الحزب الجمهوري الوطني، الذي امتد لأربعة أيام في مدينة ميلووكي بولاية ويسكونسن، سيطرة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على الحزب الجمهوري وتحويله من تيار يميني إلى حركة شعبوية تناهض حتى السياسات التي بنى فيها رونالد ريغان النسخة الحالية من الحزب. وأكد ترامب، في أول تجمع انتخابي له برفقة مرشحه لمنصب نائب الرئيس جي دي فانس، في ميشيغن، أول من أمس السبت، قدرته على الفوز في انتخابات الولاية، والعودة إلى البيت الأبيض، وجعل أميركا "عظيمة مجدداً". وقال إن البلاد "ذهبت في اتجاه خاطئ، وهذه أهم انتخابات في تاريخ الولايات المتحدة". وتابع: "أحب الترشح أمام كامالا هاريس ويسرني التنافس معها، لكننا لن نسمح بتزوير الانتخابات".

وسخر ترامب من الديمقراطيين قائلاً إنهم يريدون إخراج الرئيس جو بايدن من السباق بعد فوزه في مسابقة ترشيحهم للرئاسة. وقال: "لديهم مشكلتان: الأولى، أنهم ليست لديهم أي فكرة عن مرشحهم. يذهب هذا الرجل ويحصل على الأصوات والآن يريدون انتزاعها". وأضاف: "كما ترون، فإن الحزب الديمقراطي ليس حزب الديمقراطية. إنهم في الحقيقة أعداء الديمقراطية. في الأسبوع الماضي، تلقيت رصاصة من أجل الديمقراطية".

وكان ترامب استخدم في خطابه في افتتاح مؤتمر الجمهوريين لهجة هادئة، غير أن كل تصريحاته عن أنه تغير بعد محاولة اغتياله في 13 يوليو/تموز الحالي، تبخرت مع سخونة الأجواء وهو يلقي خطاب قبوله ترشح الحزب الجمهوري للرئاسة، حيث هاجم المهاجرين ووصفهم بالمجرمين والقتلة (ريغان فتح الطريق لحصول نحو ثلاثة ملايين مهاجر على الجنسية الأميركية)، مستعيناً بما وصفه "عناية الله"، وهو يحفز جمهوره على الهتاف الشهير له وقت محاولة الاغتيال "قاتل قاتل قاتل"، قبل أن يهاجم الديمقراطيين والرئيس جو بايدن ونانسي بيلوسي.

"إزعاج" هيلي خلال مؤتمر الحزب الجمهوري

بدا ترامب، على مدى أربعة أيام، مستمتعاً بلحظات "القداسة" التي أضفاها عليه معجبوه". كان الشيء الوحيد الذي أزعجه هو وجود نيكي هيلي، منافسته السابقة، والتي لم تكن مدعوة، ولم تكن كلمتها مدرجة ضمن أحداث مؤتمر الحزب الجمهوري وجرى إلحاقها في اللحظات الأخيرة بعد محاولة الاغتيال، إذ قالت إن "الرئيس ترامب طلب شخصياً مني أن أتكلم باسم الوحدة". ورصدت الكاميرات ترامب غاضباً وهو ينعتها بـ"الكاذبة". كان هناك متحدثون آخرون قالوا إن ترامب طلب منهم الحديث في ختام المؤتمر الخميس الماضي، لكن الوحيدة التي كانت تحمل كلماتها نبرة الفخر والتحدي هي سفيرته السابقة في الأمم المتحدة نيكي هيلي، في حين كان الآخرون يعبّرون عن الشرف الذي نالهم.

بيت هوكسترا: رؤية الحزب تتوافق مع رؤية ترامب بشكل كبير

سبقت خطابات ترامب على مدار الأيام الماضية حالة من الاصطفاف الجمهوري الكامل خلف الرئيس السابق، وسيطر فريقه على كل شيء، على المتحدثين، والضيوف، والمنصة والإدارة. لم يكن المؤتمر للجمهوريين، بقدر ما كان مؤتمر دونالد ترامب، ولذا لم يكن غريباً أن يعدل المؤتمر برنامجه للسنوات المقبلة، بحيث يزيل لأول مرة ما أقره رونالد ريغان (يوصف بأنه مؤسس الحزب الجمهوري بصورته الحالية) منذ أكثر من 40 عاماً، عندما قرر الجمهوريون أن الحق في الحياة واستهداف قانون فيدرالي يمنع الإجهاض يجب أن يكون دائم الأولوية في سياسات الحزب، وكان هذا القرار هو السبب الرئيسي في جذب المسيحيين الإنجيليين والمتدينين إلى الجمهوريين.

حتى اللحظات الأخيرة قبل مؤتمر الحزب الجمهوري، لم يكن ترامب قد قرأ برنامج المؤتمر وخطته للسنوات المقبلة، رغم أن الحزب نشرها منذ أكثر من عشرة أيام. الدبلوماسي السابق ورئيس الحزب الجمهوري في ولاية ميشيغن بيت هوكسترا رد على "العربي الجديد" معلقاً على ذلك بقوله: "كنت في اللجنة التي كتبت البرنامج، وقبل يومين من المؤتمر، قال الرئيس (السابق) إنه لم يقرأ البرنامج، وقلنا له سنفعل ما تريد منا أن نفعل. لكن يوم الاثنين الماضي، انضم إلينا وطرح رؤيته في البرنامج، ولماذا هو مهم بالنسبة له. وأستطيع أن أؤكد أن رؤية الحزب تتوافق مع رؤيته بشكل كبير، وأن هذا البرنامج هو الأكثر توافقاً مع رؤية مرشح الحزب في تاريخ الجمهوريين".

لم تكن سيطرة ترامب على الحزب إلا نتاج سنوات من العمل من قبل أتباعه ومحبيه. وكانت تصريحات وآراء ترامب على مدار السنوات التسع السابقة، ترفع من رصيده لدى قاعدة الحزب الجمهوري سواء المتدينين الإنجيليين، أو هؤلاء الذين يؤيدون حق حمل السلاح. وساهمت تصريحاته في دخول ناخبين من اليمين المتطرف لم تكن أصواتهم مسموعة من قبل، ولم يكن لهم تمثيل في الحياة السياسية الأميركية في الخمسين عاماً السابقة، ما دفعه إلى السيطرة على قاعدة الحزب الجمهوري الشعبية، والتي منحته انتصاراً بجانب مستقلين في 2016. لكن في انتخابات 2020، تسببت أزمة "كوفيد" وعزوف نسبة تتجاوز 10% من الحزب الجمهوري لاعتراضها على تغيير هوية الحزب، والولايات المتأرجحة (ميشيغن وبنسلفانيا وشيكاغو)، في فوز الرئيس جو بايدن بالانتخابات الرئاسية التي رفض الرئيس السابق الاعتراف بها.

في أول عامين من رئاسة بايدن، كان ترامب قادراً بشكل دائم على الحصول على تأييد القاعدة الشعبية للحزب الجمهوري. لكن المشكلة أن هذه النسبة لم تكن كافية لوصول أنصاره الذين اختارهم للانتخابات النصفية إلى الكونغرس في 2022. وتسبب فشل الحزب الجمهوري في الحصول على "موجة حمراء" كانت متوقعة في إلقاء اللوم على الرئيس السابق، وإعلان انتهائه سياسياً. وفي هذه اللحظات، كان ترامب يخطط لإطاحة رون ديسانتيس الشعبوي القادم على خطى ترامب، وبإزاحته في الانتخابات التمهيدية مبكراً. بدأ ترامب في فرض نفوذه بالكامل، خصوصاً مع ظهور ميتش ماكونيل، زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، غير قادر على الكلام أكثر من مرة، وانحياز رئيسي مجلس النواب الحالي مايك جونسون، وسابقه كيفين مكارثي بشكل كامل له خوفاً من الأعضاء اليمينيين داخل الكونغرس، الذين أزاحوا مكارثي من طريقهم بسهولة تامة.

نائب الرئيس خطوة جديدة لسيطرة ترامب

لم يكن جي دي فانس، الذي اختاره ترامب نائباً للرئيس، المفضّل للقيادات التقليدية للحزب الجمهوري، فهو يتوافق مع ترامب في شعبويته، وفي اعتراضه على دعم الولايات المتحدة أوكرانيا في الحرب ضد روسيا، وانتقاده دور حلف شمال الأطلسي في الحرب، منقلباً هو وترامب على إرث الجمهوريين الذين أشعلوا حربي أفغانستان والعراق. كما يتبنى عزلة الولايات المتحدة، وفرض تعريفات جمركية، كما جاء في كلمة قبوله الترشح نائباً لترامب.

سكوت كلوج: فانس يمثل الاتجاه الذي يرغب فيه ترامب

لكن خطابه الشعبوي الذي روى فيه قصة حياته ونشأته فقيراً، والذي يحمل انحيازاً إلى الطبقة العاملة التي خرج من صفوفها، هو جوهر ما يريده دونالد ترامب. فهو يريد أن يجتذب هذه الولايات المجاورة لولاية أوهايو مسقط رأس فانس (ولايات بنسلفانيا وميشيغن وويسكونسن)، التي كانت سبباً في خسارته الانتخابات الأخيرة. وتشير الأرقام إلى أن من يخسر ميشيغن - في معظم الحالات - يخسر الانتخابات الرئاسية، لذا كان خطاب فانس يركز على عمال المصانع والطبقة المتوسطة وحمايتها، وهو ما عبّر عنه أيضاً ترامب في كلمته، حيث غازل سكان ولاية ويسكونسن التي استضافت مؤتمر الحزب الجمهوري قائلاً: أنفقنا هنا نحو 250 مليون دولار، وعليكم أن تصوتوا لنا في الانتخابات".

من جانبه، قال الجمهوري سكوت كلوج، عضو مجلس النواب الأسبق عن ولاية ويسكونسن، لـ"العربي الجديد"، خلال لقائه بفعاليات المؤتمر، إنه لم يكن يفضل جي دي فانس، وإنه كان يفضل استراتيجية مارك روبيو، خصوصاً أنه لاتيني قادر على تحفيز القاعدة من أصول لاتينية للتصويت لترامب. وأضاف أن فانس يمثل الروح الجمهورية في هذه اللحظة، وأنه يمثل الاتجاه الذي يرغب فيه ترامب عقب أربع سنوات من الآن.

استطلاعات لصالح ترامب

تزامناً مع مؤتمر الحزب الجمهوري ومع مشكلات الديمقراطيين والحرب الداخلية المشتعلة حول ترشح بايدن من عدمه، أظهرت أربعة استطلاعات رأي أخيراً تجاوز الفارق بين بايدن وترامب هامش الخطأ لصالح ترامب، وهو ما يمثل أزمة كبيرة للرئيس الحالي. وتجتمع اللجنة الوطنية الديمقراطية خلال أيام، في انتظار اتخاذ قرار يحدد مستقبل الحزب في الفترة المقبلة، خصوصاً مع تبقي ثلاثة أشهر فقط على الانتخابات. ويعني هامش الخطأ مقياس مقدار الدقة. وفي 2016، فازت هيلاري كلينتون بالانتخابات الشعبية، في حين خسرت الانتخابات رسمياً في المجمع الانتخابي. وجاءت نسبة التصويت ضمن هامش الخطأ. ويعني تجاوز هامش الخطأ أنه في حال إجراء الانتخابات اليوم، فإنه لا فرص لبايدن في الفوز فيها. غير أن الوقت لا يزال مبكراً جداً، وتتغير استطلاعات الرأي مع قرب الانتخابات في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. وفي الغالب، تنجح استطلاعات الأسبوع الأخير قبل الاقتراع في التنبؤ بمن سيكون رئيساً للولايات المتحدة.