- المؤتمر يتضمن انتخابات لرئاسة المؤتمر والأمين العام، مع تركيز المنافسة بين نزار بركة ورشيد أفيلال، ويشهد مشاركة واسعة تعكس التنوع الجغرافي للحزب.
- يواجه حزب الاستقلال تحديات في تجديد قيادته والتغلب على التحديات القانونية والسياسية، مع تساؤلات حول قدرته على مواكبة التحولات الدستورية والديمقراطية في المغرب.
يفتتح مساء اليوم الجمعة، بمدينة بوزنيقة جنوب العاصمة المغربية الرباط، مؤتمر حزب الاستقلال المغربي (المؤتمر الوطني 18)، لتنهي بذلك القوة السياسية الثالثة في البلاد وضعاً قانونياً مخالفاً لقانون الأحزاب السياسية، بعد فشل الحزب في عقد مؤتمره الوطني لانتخاب قيادة جديدة في أعقاب نهاية ولاية الأمين العام الحالي، نزار بركة.
ويأتي انعقاد مؤتمر حزب الاستقلال المغربي في وقت تلقي فيه الخلافات التي عاشها الحزب، خلال الأسابيع القليلة الماضية، بظلالها على البيت الداخلي، ولا سيما ما بات يعرف إعلامياً بحادث "الصفعة"، التي عرفها المجلس الوطني للحزب المنعقد في الثاني من مارس/ آذار الماضي، حين قام عضو اللجنة التنفيذية للحزب، يوسف أبطوي، بصفع برلماني مدينة تطوان، منصف الطوب، أمام الكاميرات وفي مشهد غير معهود، وهو الحادث الذي كاد يعصف بأجواء التوافق التي طبعت اجتماع المجلس الوطني للحزب بين تياري حمد ولد الرشيد، وتيار الأمين العام نزار بركة.
كما وضع ملف "التسجيل الصوتي" قيادة الحزب في موقف محرج، بعد أن تسرب تسجيل صوتي منسوب إلى رئيس الفريق النيابي وعضو اللجنة التنفيذية، نور الدين مضيان، يتحدث فيه بصورة غير لائقة عن زميلته في الحزب، رفيعة المنصوري، متوعداً بفضح أسرارها. وفي حين أن القضاء المغربي دخل على خط ما تضمنه التسجيل إثر شكاية تقدمت بها المنصوري تتهم فيها مضيان بـ"القذف والتشهير والابتزاز"، أثار تسريب التسجيل غضب الجمعيات المدافعة عن حقوق النساء، معتبرة ما وقع "مأساة أخلاقية"، وداعية إلى تجريم العنف السياسي، وتخليق الحياة السياسية للرفع من التمثيلية السياسية للنساء.
من جهة أخرى، ينتظر أن يشارك في مؤتمر حزب الاستقلال المغربي الذي تأخر لسنتين 3600 مؤتمِر يمثلون فروع الحزب بمختلف جهات المغرب، في حين سيعرف المؤتمر 18 انتخاب المؤتمرين مباشرة بعد الجلسة الافتتاحية، مساء الجمعة، لرئيس المؤتمر، والمصادقة على التقريرين الأدبي والمالي، بالإضافة إلى مناقشة الأوراق التي ستعرضها اللجان المتفرعة عن اللجنة التحضيرية والمصادقة عليها، خاصة لجنة الأنظمة والقوانين.
في المقابل، ينتظر أن ينتخب أعضاء المجلس الوطني، البالغ عددهم 1150 عضواً، مساء غد السبت، الأمين العام لحزب الاستقلال، ثم أعضاء اللجنة التنفيذية. وتنحصر المنافسة على قيادة الحزب بين الأمين العام المنتهية ولايته نزار بركة، وبين عضو اللجنة التنفيذية والنائب البرلماني عن دائرة عين السبع بالدار البيضاء رشيد أفيلال، الذي تبقى حظوظه في الظفر بمنصب الأمين العام منعدمة قياساً بالدعم الذي يحظى به بركة ممّن يمسك خيوط اللعبة داخل الحزب، والتوافق الحاصل حوله حتى من خصومه السياسيين في تيار الرجل القوي في الحزب، حمدي ولد الرشيد.
وفي حين تبدو طريق بركة سالكة للظفر بولاية ثانية على رأس أعرق الأحزاب السياسية في المغرب، تبدو مهمته صعبة في حسم اختيار تركيبة اللجنة التنفيذية في ظل اشتداد التنافس الذي ترجمه عدد الترشيحات التي فاقت 110 ترشيح.
وجرت العادة داخل مؤتمرات الحزب السابقة أن يتم التصويت على كل مرشح للجنة التنفيذية على حدة، إلا أنه في ظل تعديل قانوني يسمح للأمين العام المنتخب أن يقدم لائحة من 30 عضواً يصادق عليها المجلس الوطني كلها يبدو الوضع صعباً على الأمين العام، إذ سيكون عليه أن يختار أعضاء اللجنة التنفيذية (34 عضواً) من ضمن أكثر من 110 مرشح، مما قد يثير ردود فعل سلبية ويجر عليه غضب العديدين وانتقاداتهم.
وعاش الحزب المشارك في الائتلاف الحكومي الحالي، منذ أكثر من عامين، وضعاً قانونياً مخالفاً لقانون الأحزاب السياسية في المغرب، بعد فشله في عقد مؤتمره الوطني لانتخاب قيادة جديدة في أعقاب نهاية ولاية الأمين العام الحالي، وهو الوضع الذي أدى إلى فقدانه الدعم المالي الذي تمنحه الدولة للأحزاب السياسية. وكانت وزارة الداخلية قد أمهلت الأمين العام لحزب الاستقلال، نزار بركة، الأسبوع الأول من شهر إبريل/ نيسان الحالي باعتباره آخر أجل لعقد مؤتمره الوطني.
وفي السياق، يرى رئيس مركز "شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية"، رشيد لزرق، أن مؤتمر حزب الاستقلال المغربي 18 هو "مؤتمر مصنوع بعيد كل البعد عن روح الاختيار الديمقراطي، فهناك تفاوض مسبق من أجل مصلحة الأعيان بدون مدلول سياسي أو مشاريع سياسية واقتصادية واجتماعية، كما يفتقد إلى الجدية والحسم في عدد من القضايا الشائكة، بل إنه عاجز عن فتح حوار سياسي واجتماعي بمبرر الوقت، مما يجعل هذا المؤتمر بعيداً عن اهتمامات الشارع المغربي". وتابع: "في وقت كان ينبغي فيه أن يواكب مؤتمر حزب الاستقلال المغربي التحول الدستوري عبر إعمال الخيار الديمقراطي، ويكون فرصة للنقاش المشاريعي، ويعكس تعدد الآراء، يطغى على المؤتمر 18 النقاشُ التنظيمي والمبالغة في التوافق الذي يقتل الديمقراطية، مما جعل المؤتمر محسوماً قبل أن يبدأ".