يبحث مجلس الأمن الدولي اليوم الثلاثاء، ملف الأسلحة الكيميائية في سورية ضمن إحاطة شهرية عادية تستمع خلالها الدول الأعضاء لتقرير الأمم المتحدة حول تنفيذ القرار 2118 الصادر عام 2013، والذي اتخذه المجلس بالإجماع ويقضي بالتحقق من مخزونات سورية من الأسلحة الكيميائية وتدميرها.
ومن المتوقع أن تشهد الجلسة اتهامات متبادلة بين الدول الغربية وروسيا في ظل نشر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية نتائج تقريرها الأخير، الصادر نهاية الشهر الماضي، حول حادثة استخدام أسلحة كيميائية في دوما في السابع من إبريل/نيسان 2018.
وخلص فريق التحقيق وتحديد الهوية التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في تقرير نشرته في الـ27 من يناير/كانون الثاني إلى أن طائرة تابعة لقوات النظام السوري انطلقت من قاعدة الضمير الجوية، خلال محاولتها السيطرة على دوما، و"ألقت أسطوانتين صفراوين (غاز الكلور) أصابتا مبنيين سكنيين وسط المدينة مما أدى إلى مقتل 43 شخصا وإصابة العشرات".
ومن المتوقع أن يقدم المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فرناندو أرياس، إحاطته حول التقرير أمام مجلس الأمن خلال الجلسة. وستكون هذه هي المرة الأولى الذي يقدم فيها أرياس إحاطة أمام المجلس حول الملف الكيميائي السوري منذ إحاطته الأخيرة في يونيو 2021. وهذا هو التقرير الثالث لفريق التحقيق. ومن المتوقع كذلك أن تقدم الممثلة السامية للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح، إيزومي ناكاميتسو، إحاطتها أمام المجلس حول الموضوع.
انقسامات وجدل بين الدول الغربية وروسيا
ومن غير المنتظر أن يصدر عن المجلس أي بيان حول الموضوع بسبب الانقسامات بين الدول الأعضاء حول سورية، لكن من المتوقع أن يشهد اجتماع الثلاثاء جدلا بين الدول الغربية من جهة وروسيا التي ترفض وتشكك في نتائج التقرير.
وتطعن روسيا في منهجية جمع المعلومات وعمل المنظمة والتحقيق، لعدد من الأسباب من بينها عدم تمكن الفريق من زيارة موقع الحادث. وتطرق تقرير المنظمة لهذه النقطة بالذات في الإشارة إلى التحديات التي واجهته.
ويشير التقرير في هذا السياق إلى أن تلك التحديات شملت عدم قدرة الفريق على الوصول إلى موقع الحادث، على الرغم من تقديم مختلف الطلبات إلى السلطات السورية للوصول إلى تلك المناطق. كما يشير فريق التحقيق إلى أنه خلص إلى تلك النتائج بعد معاينة 19 ألف ملف، وصور أقمار صناعية، ومعلومات مقدمة من دول وأفراد، ومقابلات مع عشرات الناجين من الحادثة من بينهم نساء، وسبعين عينة أخذت من المكان نفسه وخبراء وغيرها من المواد التي اعتمد عليها.
وأكد التقرير أن فريق التحقيق استكشف كذلك مزاعم للنظام وروسيا، بأن تلك العملية تم تنفيذها من قبل "جماعات إرهابية مسلحة"، لكن الفريق لم يحصل على معلومات ملموسة تدعم هذه الادعاءات.
وأصدرت الخارجية الروسية بيانا في الثلاثين من الشهر الماضي يرفض نتائج التقرير ويطعن في مصداقيته.
ومن المتوقع أن تدعي روسيا في اجتماع الثلاثاء أن تقرير المنظمة حول سورية مسيس وتتهم الدول الغربية "بالتزييف الفظ"، ووصفت الحادثة بأنها "هجوم بالأسلحة الكيميائية المدبرة" كما جاء في بيان الخارجية كذلك.
كما من المرجح أن يطعن النظام خلال جلسة مجلس الأمن في نيويورك بمصداقية عمل الفريق والمنظمة ويطلب الطرفان، الروسي والسوري، ردا من أرياس على تشكيكهما بطرق عمل الفريق.
إلى ذلك، كانت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، وجميعها دول دائمة العضوية في مجلس الأمن، بالإضافة إلى ألمانيا قد أدانت في بيان مشترك عن وزراء خارجيتها بعد صدور التقرير، استخدام نظام الأسد هذه الأسلحة المروعة بشكل متكرر.
وجددت الدول بحسب البيان، مطالبتها نظام الأسد بالامتثال الفوري لالتزاماته بموجب معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، مع التأكيد على ضرورة إعلان النظام السوري عن برنامج أسلحته الكيميائية وتسمح بوجود موظفي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في البلاد للتحقق من تدميره.
ويشير البيان كذلك إلى أن تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيمائية "جاء ليدحض ادعاء روسيا أن المعارضة هي المسؤولة عن هذا الهجوم". ودعت الدول الأربع "الاتحاد الروسي إلى الكف عن حماية النظام السوري من المساءلة عن استخدامه أسلحة كيميائية.
واتهمت هذه الدول النظام بالمساعدة في عرقلة عمل المنظمة ونص بيانها على أن "الشرطة العسكرية الروسية ساعدت النظام السوري لعرقلة وصول منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى موقع الهجوم وحاولت تعقيمه عقب الهجوم الكيميائي بتاريخ 7 إبريل/نيسان 2018. ونشرت القوات الروسية والسورية أيضا صورا انتشرت على الإنترنت في وقت لاحق في محاولة لدعم رواياتها الملفقة عن هذه الحادثة، بحسب التقرير.
ومن المنتظر أن يصدر سفراء الدول الأربع في الأمم المتحدة بيانا مشابها بعد انتهاء الجلسة حول الموضوع.