بقيت خمسة أيام على تقديم القوائم للانتخابات الإسرائيلية العامة المقررة في الثالث والعشرين من مارس/ آذار المقبل. ومع أنها رابع انتخابات تجري في إسرائيل في أقل من عامين، وعلى الرغم من أن ثلاث معارك انتخابية متتالية كرست هيمنة اليمين الإسرائيلي في الكنيست، إلا أن خطر الانشقاق يهدد من جديد القائمة العربية المشتركة للأحزاب العربية مع الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحزب الشيوعي الإسرائيلي وتفكيكها إلى قائمتين منفصلتين على غرار ما حدث في انتخابات إبريل/ نيسان 2019.
دون الخوض كثيراً في سبب الخلاف الرئيسي، يكفي أن نشير إلى أنه هذه المرة ليس على المحاصصة وعدد المقاعد بل بسبب إشهار الحركة الإسلامية الجنوبية (التي تشارك في الانتخابات البرلمانية خلافاً للحركة الإسلامية الشمالية بقيادة الشيخ رائد صلاح التي حظرت الحكومة نشاطها وأخرجتها عن القانون)، عن نهج جديد لا يستبعد التعاون مع حكومات اليمين من جهة، وتغليف ذلك بمطلب احترام العقائد الدينية والالتزام بعدم دعم قوانين لحقوق المثليين، من جهة أخرى، في محاولة للإيحاء بأن باقي الأحزاب العربية لا تحترم هذه العقائد.
يشكّل هذان الشرطان، حتى بعد قبول الحركة الإسلامية الجنوبية شرط الشركاء بأن نتنياهو خط أحمر، العقبة الرئيسية التي تعرقل بقاء القائمة المشتركة، في الوقت الذي يشن فيه رئيس الحكومة زعيم "الليكود" بنيامين نتنياهو والأحزاب الصهيونية الأخرى، حملة دعائية مسعورة لاقتناص الأصوات العربية، مع بيع أوهام بتحسين مكانة الفلسطينيين في الداخل، وضخ الميزانيات إلى مجتمعهم في حال تخلوا عن التصويت للأحزاب العربية التي يدعي نتنياهو وباقي الأحزاب بوقاحة منقطعة النظير أنها تهتم فقط بقضية الاحتلال، وتهمل قضايا الناس اليومية. وهو ادعاء كاذب هدفه الرئيسي التحريض على كل خطاب وطني في الداخل، وسلخ الفلسطينيين عن قضيتهم، وتحويلهم إلى مجرد إسرائيليين يعانون من مشاكل وقضايا تمييز مدنية وليس من تمييز عنصري على أساس قومي ووطني.
وعدا عن خطر الانشقاق وما يرافقه من خطر تراجع التمثيل العربي في الداخل الفلسطيني، فإن من شأنه تشجيع ظاهرة التصويت للأحزاب الصهيونية من جهة، وتشجيع أحزاب عربية ظهرت أخيراً تعلن مسبقاً قبولها بوثيقة الاستقلال الصهيونية وبتعريف إسرائيل دولة ديمقراطية يهودية، من جهة أخرى. هذه المخاطر كلها تضع على عاتق الأحزاب الأربعة المكونة للقائمة المشتركة مسؤولية جماعية بالإبقاء على القائمة موحدة، شرط التزام الثوابت الوطنية، حتى تتمكن من أداء وظيفتها الثانية بوقف زحف الأحزاب الصهيونية وإسقاط أحزاب تعتمد الرواية الصهيونية حتى لو كان أعضاؤها من العرب.