تتصاعد في تونس وتيرة المخاوف من المستقبل، بعد قرابة 8 أشهر من الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيّد في 25 يوليو/تموز الماضي.
ودعا حزب "التيار الشعبي"، القوى الوطنية، أحزاباً ومنظمات وهيئات وشخصيات وفعاليات شعبية داعمة لمسار 25 يوليو، إلى "الانتقال من مرحلة المساندة إلى مرحلة الحركة الوطنية الجامعة، في إطار ديمقراطي شعبي واسع وموحد لإنجاح كل استحقاقات المرحلة".
وقدّم الحزب، بمناسبة انعقاد مجلسه الوطني يومي 13 و14 مارس/ آذار الحالي، "إعلاناً سياسياً"، اعتبره أرضية للقوى الداعمة لمسار 25 يوليو، التي حددها بكونها "الحركات الوطنية التي لا تقوم في مثل هذه الظروف الاستثنائية على معطى إيديولوجي أو فئوي، وإنما يتحدد مضمونها من حيث تمثيلها لكل مكونات المجتمع الوطنية".
وقال الأمين العام لحزب التيار الشعبي، زهير حمدي، في تصريح لـ"العربي الجديد": "نحن لا نعارض رئيس الجمهورية، ولم نغير مواقفنا من 25 يوليو ومن إجراءاته"، مشيراً إلى أنه "مرّ زمن منذ ذلك الوقت، واليوم نطرح رؤية لاستكمال أهداف 25 يوليو حتى تتحقق".
وشدد حمدي على أن "أزمة البلاد متأتية من الفراغ السياسي، بسبب مساندة مجموعة بدون تحفظ ودون بدائل، ومجموعة تنقد كذلك دون بدائل"، متسائلاً: "هل سنبقى على هذا الحال إلى ما لا نهاية، ثم يقال إن للرئيس مشروعه دون مقترحات"، داعياً "الجميع (المساندين) إلى تقديم مضامين".
وحول عدم تفاعل الرئيس مع مقترحات الأحزاب حتى المساندين له، قال حمدي: "نحن في مرحلة اختبار مواقف القوى، ومن لديه بدائل عليه أن يقدمها، وأتصور أن يتفاعل معها الرئيس ولا أتصور أنه سيصوغ بمفرده كل الإصلاحات السياسية والمقترحات. وهي عملية غير ممكنة"، بحسب تعبيره. وتابع: "نحن سنعرض مقترحات للرأي العام وللتونسيين وللرئيس كذلك وننتظر التفاعل منهم".
وأضاف حمدي لـ"العربي الجديد": "نحن نطرح رؤيتنا للإصلاح السياسي والاقتصادي وللمحاسبة، على التونسيين، وننتظر التفاعل معها من الأطراف الرسمية والحزبية والمجتمع المدني"، وأضاف: "كما ننتظر من بقية الأطراف، بمن فيهم رئيس الجمهورية، تقديم بدائل، وحتى يحصل نقاش للوصول إلى نظام سياسي ومنظومة انتخابية تستجيب لحاجيات المرحلة القادمة".
وحول تعارض رؤية "التيار الشعبي" مع خريطة طريق الرئيس التي لا تتفاعل مع الأحزاب ومقترحاتها، قال حمدي: "الرئيس لم يطرح مضامين، وخريطة الطريق هي تواريخ دون مضامين، بينما نحن نطرح مقترحات ومضامين للتفاعل معها من قبل الرئيس والنخب والجمعيات والتونسيين عموماً".
وأضاف: "رسالتنا هي الخروج من ثنائية وسردية مساندي 25 يوليو ومن ضدها، فالمرحلة تقتضي طرح بدائل وخيارات عوض البقاء في مربع من مع وضد، فليس لذلك معنى". وشدد حمدي على أنه "لم يبق سوى بضعة أشهر على استكمال خريطة الطريق ولم نرَ بعد بدائل يمكن أن يحدث حولها نقاش أو بدائل".
وحول الأطراف المعنية بطرح رؤيتها للنقاش، أوضح حمدي أن "خطابنا موجه إلى أرضية واضحة، (المساندون) دون العودة إلى ما قبل 25 يوليو ودون تشريك من تشملهم عملية المحاسبة ممن تورطوا خلال الفترة السابقة".
في سياق آخر، دعت حركة "الشعب" إلى تكوين جبهة مدنية حزبية عريضة مكونة من الأحزاب والشخصيات الوطنية المؤمنة بمسار 25 يوليو، يكون دورها الأساسي الضغط من أجل إجراء حوار وطني لإنقاذ البلاد اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.
واعتبر القيادي بحركة بحركة الشعب، عبد الرزاق عويدات، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "حركة الشعب تتقاطع مع الرئيس سعيد في الرؤى والأطروحات، وقد ساندت 25 يوليو وإجراءاتها انطلاقاً من قناعات بضرورة هذه الإجراءات لتعديل المرحلة وإنقاذ البلاد"، مشيراً إلى أن لـ"حركة الشعب طرحاً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وُجد صداها في إجراءات 25 يوليو 2021 لأنها تمثل فرصة لإعادة بناء تونس وإصلاح ما تم الإجهاز عليه طوال السنوات الماضية".
وبيّن عويدات أن "الحركة تسعى لإنجاح مسار 25 يوليو، وهي لا تعارض مشروع سعيّد ومقترحاته، بل تعتبر أنه يمكن الانطلاق منها والبناء عليها". ولفت إلى أن "استكمال المسار يحتاج إلى حوار يجمع المؤمنين بـ25 يوليو لتحديد الخيارات المقبلة وتتم صياغة وثيقة يجري التصويت عليها في الاستفتاء".
في سياق متصل، دعا حزب "تونس إلى الأمام"، في بيان، إلى "التّسريع بالمحاسبة من أجل التّهيئة لمناخ نظم فيه انتخابات شفّافة بعيداً عن المال الفاسد وعن كل الشّبهات، وتستند إلى دستور جديد وإلى قانون انتخابي إلى جانب صياغة مسار تشاركي تساهم فيه كل القوى الدّاعمة لمسار التّصحيح".
وجدد الحزب "الدعوة إلى ضرورة تشكيل جبهة تُحصّن مسار التّصحيح لمواجهة كلّ محاولات الإرباك داخليّاً وخارجيّاً، من أجل عدم العودة إلى منظومة أدّت بتونس إلى انهيار غير مسبوق، معرباً عن تمسّكهم بالقطع مع منظومة ما قبل 25 يوليو ونضالهم من أجل تصحيح المسار الثّوري".