استمع إلى الملخص
- تهويد المسجد: نظمت الجماعات الاستيطانية حفلًا لفرض واقع تهويدي على المسجد، حيث تم رفع الشمعدان "الحانوكا" والعلم الإسرائيلي، في محاولة لتحويله إلى كنيس يهودي، مما يهدد معالمه التاريخية.
- تشديد الإجراءات الإسرائيلية: أعقب الاحتفال تشديد الإجراءات على الحواجز ومنع وفد أجنبي من الوصول إلى المسجد، مما زاد من معاناة الأهالي وأثار استياء المسؤولين الفلسطينيين.
كان لافتاً أن استباح آلاف المستوطنين، الليلة الماضية، محيط المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، وأقاموا في ساحاته حفلات راقصة وغنائية، بالرغم من أنه لا توجد أعياد يهودية في هذه الفترة. وخلال الحفل وقبله بساعات، منعت قوات الاحتلال الإسرائيلي سكّان مناطق البلدة القديمة المحاصرة من المرور والحركة فيها، من دون إنذار مسبق.
ما يؤكده مسؤولون فلسطينيون ونشطاء والأهالي، أن هذا الاحتفال جاء بدون وقت الأعياد اليهودية وسط حشدٍ استيطاني كبير يحضّر له منذ نحو أسبوع. ومن جانب آخر، وفي حادث غير مسبوق، رُفع الشمعدان "الحانوكا" وأُضيء على أسطح المسجد الإبراهيمي إضافة إلى إضاءة المسجد بالعلم الإسرائيلي والألوان المختلفة، والشعارات التي توحي بأن المسجد الإبراهيمي هو "كهف البطاركة وحقّ الأجداد"، أي تعود ملكيته للإسرائيليين واليهود.
كان هذه الحفل قد نظّم من قبل الجماعات الاستيطانية المتطرفة التي تستوطن في البؤرة الاستيطانية "تلّ الرميدة" المقامة وسط البلدة القديمة، ومستوطنة "كريات أربع" المقامة شرق المسجد الإبراهيمي. وعلاوة على أن الاحتفال يعتبر شكلًا من أشكال التهويد الذي يحاول مستوطنو الخليل بدعم إسرائيلي حكومي فرضه على الواقع الإسلامي للمسجد، فإن الشعارات التي يرفعها المستوطنون على جدران المسجد تنذر بخطر محدق يطاول ما تبقى منه تحت الإدارة الإسلامية الفلسطينية، ولا سيما أن الإجراءات الإسرائيلية باتت في الآونة الأخيرة مشددّة أكثر من السابق، وفق منسق "المدافعون عن حقوق الإنسان"، عماد أبو شمسية، خلال حديث مع "العربي الجديد".
ويقول أبو شمسية إن "ساحات المسجد الإبراهيمي كانت أشبه بساحات المراقص والملاهي عبر تشغيل الأغاني الصاخبة باستخدام الآلات الموسيقية بحضور فرق غنائية للمستوطنين المتطرفين، ورفع الشعارات العنصرية والمحرّضة على مهاجمة الفلسطينيين، وتأدية الصلوات التلمودية، عدا عن نصب العلم الإسرائيلي على جدران المسجد، بشكل ينتهك إسلاميّته وخصوصيّته باعتباره مكانًا دينيًّا".
ويشير أبو شمسية إلى أن أهالي البلدة القديمة من الخليل لاحظوا بعد الساعة السابعة من مساء أمس الاثنين، حركة واضحة ومكثّفة للمستوطنين في مناطق "تل الرميدة، وشارع الشهداء، وحارة جابر"، وبعدها توافدت حافلات المستوطنين من مستوطنة كريات أربع، وعشرات المركبات الخاصة من مختلف المستوطنات المقامة على أراضي الخليل، وأجروا جولات في البلدة القديمة، وسط منع الأهالي من الحركة، إضافة إلى وجود حماية من قبل جنود الاحتلال خلال نصب منصّة الاحتفال والأعلام الإسرائيلية في المنطقة.
وبحسب أبو شمسية، فقد أعقب الاحتفال تشديد الإجراءات على الحواجز الإسرائيلية التي يمرّ منها أهالي المنطقة، وتحديدًا حاجز "أبو الريش" في الطريق الجنوبية للمسجد الإبراهيمي، وحاجز "160" الواصل بين أحياء البلدة القديمة والمدخل الجنوبي لها صوب المسجد، عبر التفتيش في غرف الحاجز وعلى البوابات الإلكترونية، علمًا أن الاحتلال يمنع حركة المواطنين عبر الحواجز إلا للمشاة سيرًا على الأقدام، وفي أوقات محددة بين الساعة السابعة صباحًا والعاشرة مساءً وفق قيود محددة لأهالي المنطقة فقط دون غيرهم.
ويلفت أبو شمسية إلى أن الاحتلال منع نحو 3 آلاف مواطن من الحركة في المناطق المغلقة، "تل الرميدة، وشارع الشهداء، وواد الحصين، وواد الغروس، وحارة جابر، وحارة السلايمة، ومحيط المسجد الإبراهيمي"، حيث ينشر بين هذه الأحياء أكثر من 70 حاجزًا وبوابة عسكرية، ويمارس تنكيلًا بحقّ الفلسطينيين تحديدًا الأطفال والنساء منهم.
ومنذ عام 1994، قسمت دولة الاحتلال الأسرائيلي المسجد الإبراهيمي بواقع 63% لليهود، و37% للمسلمين، وتواصلت حينها مراحل التهويد، بمختلف الوسائل عبر تعليق الاحتلال لخريطة داخل قسم المسجد الذي يستولي عليه تُظهر المسجد الإبراهيمي بلا مآذن، وهي رسالة واضحة لنيّة الاحتلال تحويله إلى كنيس يهودي، أو عبر تغيير معالمه التاريخية من الإنارة والنوافذ القديمة، وعبر بناء المصعد التهويدي في داخله استكمالًا لخطة المسار السياحي التهويدي الواصل مع الباب الشرقي للمسجد.
منع وفد أجنبي من الوصول إلى المسجد الإبراهيمي
وفي سياق متصل يتعلق بانتهاكات الاحتلال بحقّ المسجد الإبراهيمي، يوضح أبو شمسية أن القيود الإسرائيلية لم تقتصر على أهالي المناطق المغلقة، بل طاولت أمس وفدًا أجنبيًّا مكونًا من 30 سفيرًا ورئيس بعثة ومنظمة دولية من الوصول إلى المسجد الإبراهيمي وشارع الشهداء والمناطق المغلقة، بحضور محافظ الخليل خالد دودين، ومستشار وزير الخارجية الفلسطيني، أحمد الديك، وأعاقت جولتهم الميدانية في البلدة القديمة من الخليل التي تهدف إلى رصد واقع أهالي البلدة تحديدًا بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأصدرت محافظة الخليل بيانًا، قالت فيه إنها "استعرضت الوضع العام في المحافظة وما تعانيه من خلال مقاطع مصورة وإحصائيات ومعلومات تم توزيعها على الحضور (السفراء والقناصل) بالإضافة إلى إطْلاعهم من كثب على ما يجري ميدانيًّا في مناطق الخليل المغلقة، والتي بدأت بمنع سلطات الاحتلال للسفراء والقناصل من دخول البلدة القديمة". وشددت محافظة الخليل على أن "هذه الإجراءات تأتي استكمالًا لما تمارسه حكومة الاحتلال من إهمال للرأي العام الدولي وعدم الاكتراث بقرارات الأمم المتحدة والتي لها علاقة بوقف العدوان والانتهاكات في أرجاء الوطن الفلسطيني".