أقام آلاف المستوطنين الإسرائيليين، اليوم الثلاثاء، بباحات المسجد الإبراهيمي في الخليل جنوبي الضفة الغربية، حفلات راقصة، بحجّة الاحتفال باليوم الثالث لما يسمى "عيد العرش" اليهودي، وسط حراسة أمنية مشددة من قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وأدّى المستوطنون اليوم والليلة الماضية طقوسًا تلمودية، وحفلات راقصة داخل المسجد الإبراهيمي، عقب إغلاقه أمام المصلين الفلسطينيين، فيما حرمت قوات الاحتلال موظفي المسجد من دخوله وإقامة الصلاة فيه، ونصبت حواجز في محيطه والطرق الموصلة إليه، لتأمين الاحتفالات.
وقال مدير مديرية وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية في الخليل، نضال الجعبري، لـ"العربي الجديد": "لاحظنا ازدياداً في عدد المستوطنين المقتحمين للمسجد الإبراهيمي، وتعمداً في إقامة طقوس تهين وتدنس حرمة المكان الدينية".
وأوضح الجعبري: "يستخدم المستوطنون أضواءً ملونة ليصبح المسجد الإبراهيمي أشبه بالنوادي الليلية، كما يتركون وراءهم ملابس بعد التعري، وعلامات يهودية، وذلك كله لفرض أمر واقع جديد في المكان".
ومنذ عام 1994، قسمت إسرائيل المسجد بواقع 63% لليهود، و37% للمسلمين، وتواصلت حينها مراحل التهويد، لكن ما ينذر بخطورة غير مسبوقة/ وفق الجعبري، هو تعليق الاحتلال لخريطة داخل قسم المسجد الذي يستولي عليه الاحتلال تُظهر المسجد الإبراهيمي بلا مآذن، وهي رسالة واضحة لنيّة الاحتلال تحويله إلى كنيس يهودي.
وأكد الجعبري أن "ميزان القوة العسكرية، وموجة التطبيع الإسرائيلي مع الدول العربية، تعطي مبررًا لقوات الاحتلال لممارسة سياسة تطهير ديني بحق المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتحديدًا المسجد الإبراهيمي، لما يحمل من مكانة لدى شعوب الدول الإسلامية".
وعن دور الجهات الفلسطينية في الدفاع عن المسجد الإبراهيمي وسط تراجع التفاعل الشعبي، أجاب الجعبري: "الحل أن تصبح المقدسات فوق كل الصراعات السياسية والحزبية، وبالتالي يكون هناك خطة يشارك فيها الجميع على الصعيد الرسمي والسياسي والشعبي، لمواجهة تهويد المسجد الإبراهيمي، بالإضافة إلى ضرورة أن تأخذ الدول العربية مكانتها في الدفاع عن المقدسات".
ويعمل الاحتلال الإسرائيلي على مشروع تهويدي في محيط المسجد الإبراهيمي، يشمل السيطرة على بعض الأراضي الوقفية (أراضٍ لا يمكن بيعها وفق الشرع الإسلامي وتتبع لوزارة الأوقاف)، إضافة للسيطرة على مداخل وطرقات المسجد، بعدما أنهى العمل في بناء مصعد كهربائي؛ لتسهيل صعود المستوطنين إلى داخله، وقرب انتهاء عمليات الحفر والصب التي تجرى بآليات ثقيلة في الساحات الخارجية الغربية للمسجد الإبراهيمي، تنفيذاً لمخطط المسار السياحي.
وطالب الجعبري دول العالم العربي بالتدخل، كون المسجد الإبراهيمي مدرجاً على لائحة التراث العالمي من قبل منظمة الثقافة والتربية والعلوم الإنسانية "يونسكو" في الخامس والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول 2018.
ويستوطن في محيط المسجد الإبراهيمي نحو 400 مستوطن يحرسهم أكثر من 1500 جندي إسرائيلي، كما يحيط المسجد عشرات الحواجز العسكرية وأربع مستوطنات.
ويحتفل المستوطنون بعدد من الأعياد اليهودية، من بينها عيد رأس السنة العبرية، وعيد الغفران، وعيد العرش، وعيد التوراة، وهي أعياد يفرض خلالها الاحتلال الإسرائيلي إغلاقا تامًا على مناطق عدة في الضفة الغربية وقطاع غزة، بما في ذلك الحواجز والمعابر، كما يتم إغلاق المسجد الإبراهيمي مع تركه عرضة للانتهاكات والإجراءات التهويدية.