تتزايد الانتقادات الموجهة إلى طريقة إدارة الحكومة المصرية للأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، وجعلتها تتخلف عن سداد أقساط ديون، ومقابل شحنات قمح، وفي وقت باتت تداعيات تلك الأزمة محل حديث المصريين بجميع شرائحهم وفئاتهم الاجتماعية.
تباينات بين أجهزة الدولة؟
وفيما يتكرر الحديث كل فترة عن تباين في التقديرات بين أجهزة الدولة المسؤولة، في ما يتعلق بالسياسة العامة لإدارة الموقف، قال الناشط السياسي والباحث في العلوم السياسية، عضو حركة الاشتراكيين الثوريين، حسام الحملاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "من الممكن وجود اختلافات في التقدير السياسي بين الأجهزة أو داخل كل جهاز على حدة، لكن في النهاية لا يوجد أي تنافس أو صراع بين الأجهزة".
وأضاف: "هذا لا ينفي وجود ارتباك، في الأجهزة الأمنية أو داخل النخبة الضيقة الحاكمة، ناتج عن وجود أزمة اقتصادية طاحنة".
الحملاوي: من الممكن وجود اختلافات في التقدير السياسي بين الأجهزة أو داخل كل جهاز على حدة
ولفت الحملاوي إلى أنه "يوجد فارق جوهري بين الجمهورية المصرية الثانية التي أسسها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وبين الجمهورية الأولى المتشكلة منذ 1952، وهو أن السيسي نجح في توحيد الأجهزة الأمنية بشكل غير مسبوق، فالأنظمة في الماضي تعمّدت تفتيت الأجهزة الأمنية وخلق حالة من الصراع والتنافس بينها، كوقاية لها من الانقلابات العسكرية، وجزء أساسي من هذا الموضوع هو إسناد المهام نفسها لكل المؤسسات".
وأضاف أن الرئيس السيسي "تمكن من إعادة هيكلة وتوحيد الأجهزة الأمنية في التعامل مع الشعب، كما تمت إعادة إحياء وتفعيل وإنشاء مجالس ومؤسسات جديدة، تعمل على التنسيق بين الأجهزة الأمنية". وأعطى مثالاً على ذلك، قائلاً إن "مجلس الدفاع الوطني ومجلس الأمن القومي لم يجتمعا في فترة حكم الرئيس الراحل حسني مبارك، أما في هذه المرحلة فهذه الأجهزة تجتمع، على الأقل مرة واحدة كل ثلاثة أشهر، كما أن هناك كيانات غير رسمية وغير مؤطرة قانونياً تعمل على التنسيق وتبادل المعلومات بشكل يومي بين الأجهزة الأمنية".
استكمال مسار تعويم العملة؟
في موازاة ذلك، قالت مصادر نيابية لـ"العربي الجديد"، إن "مسؤولاً بارزاً في الملف الاقتصادي، يتمتع بثقة الرئيس، طالبه أخيراً، بنسخ تصريحاته التي أكد فيها وقف تعويم العملة المحلية المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي ضمن برنامج القرض الأخير الذي حصلت عليه الحكومة المصرية".
وكان السيسي قد قال إن الحكومة "تدخّلت في سعر الصرف لتثبيت سعر الدولار"، موضحاً أن "تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار، لو هيأثر على المصريين بلاش.. حتى لو هيتعارض مع مطالب صندوق النقد".
ودعا المسؤول الاقتصادي، الرئيس المصري، إلى استغلال أي فرصة لاحقة لتعديل التصريحات، والتأكيد أن ما تحدث بشأنه سابقاً لم يكن توجهاً نهائياً، وأن مؤسسات الدولة الاقتصادية، تعكف على دراسة الأمر بشكل معمّق، لاتخاذ قرارات أكثر ملاءمة للحالة المصرية، ومصالح المستثمرين.
وبحسب المصادر، فإن المسؤول الاقتصادي "أكد للرئيس السيسي أن تداعيات تلك التصريحات ستكون وخيمة على الاقتصاد، ولن يُفهم منها خارجياً المغزى السياسي لها، والمرتبط في المقام الأول بالأبعاد الداخلية"، مشيراً إلى أن "تلك التصريحات تأتي وسط حالة من التنافس الإقليمي على جذب الاستثمارات، وبالتحديد من جانب المملكة العربية السعودية، التي باتت تتحكم في الغالبية العظمى من استثمارات المنطقة".
شعث: لم يستثمر النظام المصري في أي مشاريع منتجة تستطيع تغطية المديونيات
في غضون ذلك، قال السياسي والحقوقي المصري رامي شعث، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن دول الخليج كانت تأمل أن تمنح الأموال للنظام المصري لفترة معينة حتى يستطيع أن يبني الاقتصاد، وبالتالي تقلّ الاحتياجات أو تتناقص المطالب في كل عام عن سابقه.
وأضاف شعث أن "دول الخليج اكتشفت أن الاحتياج يتزايد، وأصبحت المطالبة ليس فقط بالمبلغ الرئيس الذي تدفعه لتمويل الاقتصاد المصري والحد من عجز الموازنة، لكن أيضاً تسديد أصول وفوائد القروض، في وقت لم يستثمر النظام المصري في أي مشاريع منتجة تستطيع تغطية هذه المديونيات".