أكد المحامي الحقوقي ناصر أمين، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنه سيطعن على الحكم الصادر، الثلاثاء الماضي، عن محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة المصري بعدم قبول الدعوى التي يطعن فيها على قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، الخاص بتعيين رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى الجديد، المستشار حسني عبد اللطيف، وذلك لمخالفة القرار أحكام الدستور، وإصابته بعيوب جوهرية منها عيب الشكل والانحراف بالسلطة ومخالفة القانون، لانتفاء شرطي الصفة والمصلحة.
وأضاف المحامي المصري أنه ينتظر صدور حيثيات الحكم للطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، مشدداً على أنه صاحب مصلحة في إقامة الدعوى بالطعن لإلغاء القرار الجمهوري، كونه مؤسس منظمة "دعم العدالة"، ومن ثم فإنه صاحب مصلحة في الدفاع عن التعدي على السلطة القضائية من قبل السلطة التنفيذية.
بدوره، أعلن الفقية الدستوري عصام الإسلامبولي، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، أنه متضامن مع أمين في دعواه، ويرتب خلال الأسبوع الجاري لقاء معه للطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، مؤكداً أن "الحكم خاطئ تماماً ويناقض بعضه بعضاً".
وأوضح الإسلامبولي أن "حق التقاضي مكفول لأي مواطن مصري، خاصة إذا كان الأمر متعلقا بحق التقاضي واستقلال القضاء وحق الدفاع عن الفصل بين السلطات، وهو أمر يدخل في اختصاص الجمعية أو المؤسسة التي أنشأها صاحب الدعوى ناصر أمين (دعم العدالة)، التي تهدف إلى الدفاع عن استقلال القضاء، وعن الفصل بين السلطات، والحق في التقاضي، ومتعلق إلى حد كبير بالدعوى المقامة"، مؤكداً أن له صفة ومصلحة في "إقامة الطعن لإلغاء القرار الجمهوري".
وأضاف أن "المحكمة أخطأت لأنها إذا رأت الفصل في الدعوى، كان على الأقل أن تقضي بعدم الاختصاص وإحالتها إلى دائرة شؤون رجال القضاء بمحكمة استئناف القاهرة، أما أن المحكمة قضت بعدم القبول فإنها تدخلت في الدعوى ونظرتها، ووجدت أن من حقها الفصل في الدعوى، وانتهت إلى فكرة أن تقضى بعدم قبول الطعن تهرباً من التصدي لموضوع الدعوى في أي محكمة من المحاكم فيما بعد".
وعقب الفقية الدستوري بالقول "أنا أعتقد أنه خطأ فادح ومتناقض من المحكمة، وتجاوزت عدم الاختصاص إلى عدم القبول، وهو بهدف منع طرح القضية على الرأي العام والقضاء بشكل خاص، وأنا كمواطن من حقي الدفاع عن استقلال القضاء وعدم التدخل في الشؤون القضائية، ومن ثم فأنا سأتضامن وأتداخل في الدعوى مع المحامي ناصر أمين للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا".
وقضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة المصري، الثلاثاء الماضي، بعدم قبول الطعن في قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي الخاص بتعيين المستشار حسني عبد اللطيف رئيساً لمحكمة النقض ومجلس القضاء الأعلى الجديد، وذلك "لانتفاء شَرطي الصفة والمصلحة".
وقدم دعوى الطعن المحامي الحقوقي ناصر أمين، وجاء فيها أن "القرار يخالف أحكام الدستور، لإصابته بعيوب جوهرية، منها عيب الشكل والانحراف بالسلطة، ومخالفة القانون".
وترافع أمين أمام المحكمة مؤكداً أن قرار السيسي "يعد انتهاكا وتدخلاً غير دستوري من السلطة التنفيذية التي يمثلها في شؤون القضاء، ومخلاً باستقلال السلطة القضائية، وانحرافا في استخدام السلطة".
وتابع مقيم الدعوى في مرافعته أن القرار قد أصابته عدة عيوب أصيلة، وهي عيب مخالفة القرار للدستور والقانون، ومبدأ الفصل بين السلطات، وعيب الانحراف بالسلطة، وعيب مخالفة الإجراءات الجوهرية التي حددها الدستور وقانون السلطة القضائية.
وشدد أمين على أن ذلك "يمثل خطورة بالغة على استقرار شؤون العدالة، واعتداء سافراً على استقلال السلطة القضائية".
وواصل مقيم الدعوى مرافعته أمام المحكمة، مؤكداً مخالفة قرار رئيس الجمهورية للمادة 158 من الدستور، والمادة 44 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المعدلة بالقانون رقم 77 لسنة 2019، والتي اشترطت أن يعين رئيس محكمة النقض بقرار جمهوري من بين أقدم سبعة نواب لرئيس المحكمة، إلا أنه تم اختيار المستشار حسني عبداللطيف رغم كونه يأتي في "المرتبة الثامنة من بين أقدم نواب رئيس محكمة النقض".
وحضر محام عن هيئة قضايا الدولة ممثلاً عن الحكومة، وقدم مذكرة قانونية فند فيها الموقف القانوني للسلطة التنفيذية.
وجاء تقرير هيئة مفوضي الدولة ليوصي "بعدم اختصاص مجلس الدولة، بهيئة قضاء إداري، ولائيا بنظر الدعوى، وبإحالتها بحالتها إلى الدائرة المدنية المختصة بمحكمة استئناف القاهرة للاختصاص، مع إبقاء الفصل في المصروفات".
وعقب انتهاء المرافعة، فوجئ مقيم الدعوى بحضور المحامي بالنقض محمد حامد سالم، "يتداخل" في الدعوى ضد المحامي ناصر محمد أمين (مقيم الدعوى).
وطالب في تدخله بعدم قبول الدعوى "لانتفاء الصفة والمصلحة للمدعي طبقا لنص المادة 3 مرافعات والمادة 12 من قانون مجلس الدولة". كما دفع "بعدم الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى طبقا لنص المادة 83 من قانون السلطة القضائية". كما طالب "بإلزام المدعي بتعويض مناسب تقدره عدالة المحكمة لإساءة المدعي حق التقاضي والتشكيك في القضاء المصري ورئيس الجمهورية".
وقرر المتدخل في الدعوى أن مقيم الدعوى "سيئ النية" و"يعلم يقينا كمحام أن مصير الدعوى خسران، ولكن يستخدمها لأسباب سياسية لتتناولها القنوات المعادية للهجوم على الدولة المصرية وتوريط مجلس الدولة، غير المختص أساسا بنظر الدعوى، في حالة الحكم بعدم القبول أو عدم الاختصاص بأن الحكم مسيس".
وأضاف أن "المدعي ليس من ضمن المرشحين لرئاسة محكمة النقض لكي يطعن على القرار المطعون فيه، ولم يوكله أحد من نواب محكمة النقض ليقيم الدعوى".
كما أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرها أمام المحكمة، وهو تقرير استشاري للمحكمة، وأوصت فيه بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري ولائيا بنظر الدعوى، وبإحالتها إلى الدائرة المدنية المختصة بمحكمة استئناف القاهرة للاختصاص، مع إبقاء الفصل في المصروفات.
واستندت الدعوى إلى وقائع كشف عنها "العربي الجديد" في تقرير نشره، وأوضح فيه تفاصيل المخالفات والانتهاكات القانونية والدستورية المرتكبة.
وأقيمت الدعوى أمام الدائرة الأولى بمجلس الدولة، وحملت الرقم 65897 لسنة 77 ق شق عاجل، واختصمت كلا من "رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، ووزير العدل عمر مروان، ورئيس محكمة النقض حسني عبد اللطيف".
وذكرت الدعوى أن "السيسي خالف نص المادة 44 من القانون الخاص باختيار رؤساء الهيئات القضائية بمصر، والصادر في يونيو/ حزيران 2019، والذي نص على أن يعين رئيس محكمة النقض ورئيس المجلس الأعلى للقضاء بقرار من رئيس الجمهورية من بين أقدم 7 نواب لرئيس المحكمة، وذلك لمدة 4 سنوات أو للمدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد أيهما أقرب، ولمرة واحدة فقط طوال مدة عمله".
ونص الدستور المصري على ذات المادة الخاصة باختيار رئيس محكمة النقض ورئيس المجلس الأعلى للقضاء.
وذكر في الدعوى أن "السيسي اختار المستشار حسني عبد اللطيف، نائب رئيس محكمة النقض ورئيس المكتب الفني للمحكمة، ليتولى منصب رئيس محكمة النقض ورئيس المجلس الأعلى للقضاء خلفاً للمستشار محمد عيد محجوب الذي انتهت ولايته ببلوغه سن التقاعد القانونية في 1 يوليو/تموز الحالي".
من هنا، جاء في الدعوى أن "المستشار حسني عبد اللطيف ليس من ضمن أقدم 7 قضاة لمحكمة النقض، وترتيبه الثامن في أقدمية قضاة محكمة النقض، ويسبقه في قائمة ترتيب أقدمية المعينين بمحكمة النقض 7 قضاة وهم: محمود سعيد محمود السيد، وعبد العزيز إبراهيم الطنطاوي، وعادل السيد السعيد الكناني، وحمد عبد اللطيف عبد الجواد، وهاني حنا سدرة، وعاصم عبد اللطيف الغايش، ومحمد سامي إبراهيم السيسي".
وخلصت إلى أنه "تجاوز هؤلاء السبعة جميعاً ووقع الاختيار على حسني، وهو الثامن في قائمة الأقدمية، وهو ما يعد انتهاكا دستوريا ومخالفة قانونية صريحة وقع فيها متخذ القرار المطعون ضده الأول رئيس الجمهورية".
وطالب مقيم الدعوى بإلغاء القرار المطعون عليه بتعيين المعلن إليه الثالث رئيساً لمحكمة النقض، وما يترتب عليه من آثار، وإلزام المطعون ضدهم بالأتعاب والمصاريف.