معركة الحماد... فك حصار القلمون وصولاً لاستعادة دير الزور

عدنان علي

avata
عدنان علي
30 مارس 2017
CE13B505-8BB2-448F-B4DF-27758C0B819A
+ الخط -

في موازاة توّجه الأنظار إلى معركة الرقة التي تتداخل فيها أطراف إقليمية ودولية، فإن معركة أخرى كبيرة تدور رحاها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في البادية السورية، من دون أن تحظى بتغطية اعلامية كبيرة. والواقع أن هناك ثلاث معارك تخوضها فصائل عدة من المعارضة السورية ضد التنظيم، واحدة باسم "سرجنا الجياد" في البادية السورية وأخرى متممة لها باسم "صد البغاة" في القلمون الشرقي، وثالثة باسم "قادمون يا قلمون". وفي كل هذه المعارك، حققت قوات المعارضة تقدماً كبيراً، وانتزعت مناطق ومساحات واسعة من التنظيم، في إطار هدفها المعلن وهو فك الحصار عن القلمون الشرقي، كمرحلة أولى وصولاً إلى إمكانية فك الحصار عن الغوطة الشرقية غرباً والسيطرة على البوكمال ودير الزور شرقاً.
وفي إطار هذه المعارك التي تدور على مساحات واسعة في مناطق صحراوية مكشوفة على امتداد أكثر من 130 كيلومتراً من الحدود السورية مع الأردن والعراق شرقاً إلى القلمون غرباً، تمكّنت قوات المعارضة في الأيام الأخيرة من السيطرة على تل دكوة في منطقة القلمون، إثر انسحاب تنظيم "داعش" من التلة ومحيطها بعد تكبّده خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.
وباستعادة تل دكوة أصبح فك حصار القلمون الشرقي هدفاً يمكن بلوغه، إذ لم يبقَ بيد التنظيم سوى استراحة السخنة وجبال المنقورة والعبدة والمحسا، وهي تفصل مناطق سيطرة المعارضة في البادية السورية ومناطق سيطرتها في القلمون بمسافة لا تتجاوز 18 كيلومتراً. وإذا تمت السيطرة على هذه النقاط، فإن الحصار المفروض على القلمون الشرقي منذ أكثر من عامين من قِبل تنظيم "داعش" وقوات النظام السوري يكون قد انتهى.
وقبل يوم من السيطرة على تل دكوة، سيطر مقاتلو المعارضة في المعركة الأخرى "سرجنا الجياد" على أهم نقاط "داعش" في منطقة البادية، وهي بئر القصب في ريف السويداء. كذلك سيطروا أيضاً على منطقة شنوان وبئر العورة وبئر القنيات ورجم الدولة ومنطقة الأصفر ومدرسة الرحيل. وتُعتبر منطقة بئر القصب الاستراتيجية، التابعة إدارياً لريف دمشق، مدخلاً رئيسياً إلى القلمون الشرقي. وكانت هذه المنطقة نقطة تجمع وتحشيد رئيسية لمقاتلي "داعش" في معاركهم مع قوات النظام في تدمر ومع مقاتلي المعارضة في ريفي درعا والسويداء. وكانت قوات المعارضة قد سيطرت قبل ذلك بيومين على منطقة حوش حماد ومنطقة اللجاة شمال محافظة درعا، والتي أصبحت بالكامل تحت سيطرة الجيش الحر.
وجاء ذلك في إطار انسحابات واسعة قام بها عناصر التنظيم من المنطقة، كانت لقوات النظام حصة وافرة منها، تمثّلت في قرى وتلال عديدة، وهي قرى خربة صعد، القصر، بسطرة، رجم الدلة، الساقية، تل اصفر، الفديان، اشيهب غربي، اشيهب شرقي، تل المصيطبة، تلول سلمان، الشقرانية، السويمرة شمال محافظة السويداء. وجرت عملية تسليم تلك القرى والتلال للنظام من دون أي اشتباكات مع "داعش" وفق سيناريو مشابه لما حدث في ريف حلب الشرقي بعد انسحاب التنظيم من عشرات القرى وتسليمها لقوات النظام.
ونشر "جيش أسود الشرقية" بياناً أحصى فيه المناطق التي سيطر عليها مقاتلو المعارضة منذ بدء معركة "سرجنا الجياد لتطهير الحماد"، وهي الساقية، والدياثة، والكراع، وتل أصفر، ورجم البقر، ورجم الدولة، وبير قنيات، وبير العورة، والأصفر، وشنوان في ريف السويداء، وصولاً إلى ريف دمشق، حيث سيطروا على كل من بئر القصب، وتل دكوة، بعد طرد التنظيم من تلك المناطق.


وقال مدير المكتب العسكري لـ"جيش أسود الشرقية" أبو الوليد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن المعارك تجري على ثلاثة محاور أساسية، وهي محور ضمن معركة "سرجنا الجياد لتطهير الحماد"، وذلك في منطقتي المحسا وتل مكحول اللتين تُعتبران آخر معاقل "داعش" في الجنوب السوري، والمحور الثاني في ريف السويداء، حيث انتهت المعارك بعد سيطرة "جيش أسود الشرقية" عليها في مناطق الساقية والكراع والدياثة والأصفر وشنوان وبئر العورة وبئر قنيان، أما المحور الثالث فهو في ريف دمشق، حيث تم تحرير تل دكوه ومحيطها وبئر القصب والصريخي وتل الدخان، وفق قوله.
وأضاف أبو الوليد: "أما في الحماد السورية فقد تم تحرير سرية البحوث العلمية في منطقة التيس وجبل سيّس والسبع بيار وبئر الهيل وبئر مداد وجبل عادة ومفرق المحسا وابو الشامات وحاجز زازا"، مشيراً إلى أن العمليات هناك تمت بمشاركة كل من "أسود الشرقية" و"لواء شهداء القريتين" و"تجمع أحمد العبدو" و"مغاوير الثورة".
وأوضح أنه بعد السيطرة على منطقة المحسا وتل مكحول سيتم فك الحصار عن القلمون و"التفريج عما يقارب نصف مليون محاصر بين فكي النظام وداعش، وبعدها من المؤكد سيكون طريقنا نحو الغوطة الشرقية مفتوحاً"، مشيراً إلى أن قوات المعارضة باتت على بُعد 20 كيلومتراً فقط من مطار دمشق الدولي.
وحول ما إذا كان فصيل "أسود الشرقية" ومجمل فصائل المعارضة تتلقى أي دعم خارجي في معاركها ضد تنظيم "داعش"، قال أبو الوليد: "لم نتلق أي دعم جوي من قبل التحالف. وعلى العكس فور سيطرتنا على المناطق بدأ النظام بقصفنا"، مشيراً إلى مقتل مجموعة من مقاتلي فصيله قبل يومين في قصف لقوات النظام على المناطق التي سيطرت عليها حديثاً من تنظيم "داعش".
وتقول قوات المعارضة إن قوات النظام آزرت تنظيم "داعش" في معاركه ضد المعارضة من مواقعها في كل من سرية التيس ومنطقة بئر القصب وما حولها بالطيران الحربي والمدفعية الثقيلة، موقعة قتلى وجرحى في صفوف مقاتلي المعارضة. كذلك قالت "قوات أحمد العبدو"، التابعة للجيش السوري الحر، إن عدداً من مقاتليها قُتلوا وجُرحوا جراء قصف جوي للنظام على موقع لها في القلمون الشرقي. وأوضحت أن طائرات النظام قصفت منطقة بير الرصيف قرب اوتوستراد دمشق-بغداد، ما أسفر عن مقتل مقاتلين اثنين وجرح ثلاثة آخرين، مشيرة إلى أن مقاتليها كانوا متجهين للسيطرة على منطقة المحسا في القلمون الشرقي، آخر معاقل تنظيم "داعش" هناك.
وفي هذا الإطار، أطلقت "قوات أحمد العبدو" و"جيش الإسلام" و"أسود الشرقية" و"جيش العشائر"، معركة "قادمون يا قلمون"، إذ تدور معارك في محاور منطقة المحسا وجبل المنقورة بين الفصائل وتنظيم "داعش"، وذلك بعد أن أعلنت الفصائل في تلك المنطقة قبل أيام عن طرد التنظيم من كامل القلمون الشرقي، لكن المنطقة ما زالت محاصرة من قِبل قوات النظام و"داعش". وتدور معارك عنيفة في محاور منطقة المحسا وجبل المنقورة بين مقاتلي المعارضة وتنظيم "داعش".
تأتي هذه المعركة استكمالاً لمعركة "صد البغاة" التي خاضتها قوات المعارضة، خصوصاً "قوات أحمد ‏عبدو"، على مرحلتين، الأولى حررت فيها جبل الأفاعي، أما الثانية التي بدأت منذ عدة أيام فقد ‏سيطرت فيها على جبلي النقب والشرقي بمساحة لا تقل عن 192 كيلومتراً‎، وأكملت عملياتها ‏مطهرة القلمون الشرقي بالكامل من تنظيم "داعش"، لتنتقل هذه القوات إلى بادية حمص مسيطرة على ‏أجزاء من المحسا والقريتين، وذلك بهدف ربط بادية حمص بالقلمون.
وقالت مصادر المعارضة إن هذه المعارك تستهدف أيضاً فضلاً عن فك حصار القلمون والتطلع إلى فك حصار الغوطة الشرقية، قطع الطريق على اتخاذ تنظيم "داعش" من منطقة البادية السورية مركزاً جديداً له بعد انسحابه المتوقع من الموصل والرقة. كذلك أشارت المصادر إلى أن فصائل المعارضة تتطلع أيضاً في مراحل لاحقة إلى السيطرة على بادية تدمر، وعلى البوكمال ودير الزور أيضاً.

ذات صلة

الصورة
قوات روسية في درعا البلد، 2021 (سام حريري/فرانس برس)

سياسة

لا حلّ للأزمة السورية بعد تسع سنوات من عمر التدخل الروسي في سورية الذي بدأ في 2015، وقد تكون نقطة الضعف الأكبر لموسكو في هذا البلد.
الصورة
البعثة الأميركية في إدلب، سبتمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

تواصل البعثة الأميركية في إدلب عملها، من خلال إجراء عمليات طبية جراحية نوعية يشرف عليها 25 طبيباً وطبيبة دخلوا مناطق سيطرة المعارضة، شمال غربي سورية...
الصورة
النازح السوري محمد معرزيتان، سبتمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

يُواجه النازح السوري محمد معرزيتان مرض التقزّم وويلات النزوح وضيق الحال، ويقف عاجزاً عن تأمين الضروريات لأسرته التي تعيش داخل مخيم عشوائي قرب قرية حربنوش
الصورة
غارات جوية إسرائيلية على دمشق 21 يناير 2019 (Getty)

سياسة

قتل 16 شخصاً وجُرح 43 آخرون، في عدوان إسرائيلي واسع النطاق، ليل الأحد- الاثنين، على محيط مصياف بريف حماة وسط سورية.
المساهمون