معضلة "الجيش الوطني"

22 سبتمبر 2024
من تدريبات لـ"الجيش الوطني" في عفرين، أغسطس 2024 (غيث السيد/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تصاعد التوتر بين فصائل "الجيش الوطني" السوري المدعوم من تركيا، مع احتمالات صدام بين "الجبهة الشامية" و"صقور الشمال" من جهة، والفصائل الموالية لتركيا من جهة أخرى.**
- **التوتر ناتج عن اتهامات بمنع فتح معبر أبو الزندين، مما دفع تركيا لطلب حل "صقور الشمال" أو انضمامه للقوة المشتركة، وتبع ذلك إنذار وقرار بحل الفصيل.**
- **الصراع يعكس تأثير مسار التطبيع التركي مع النظام السوري، حيث تسعى تركيا لتدجين "الجيش الوطني"، لكن المعارضة المحلية تجعل المهمة صعبة.**

تشير التطورات في مناطق سيطرة "الجيش الوطني" السوري، شمال غربي سورية، المدعوم من تركيا، إلى احتمالات صدام بين فصائل هذا الجيش، طرفها الأول فصيلا الجبهة الشامية وصقور الشمال، وطرفها الآخر عدد من الفصائل الأشد ولاء للجانب التركي والمنضوية تحت ما يسمى القوة المشتركة. أساس التوتر جاء على خلفية اتهامات لفصيل صقور الشمال بمنع فتح معبر أبو الزندين الذي قررت تركيا تشغيله بين مناطق سيطرة الجيش الوطني ومناطق سيطرة النظام، ما دفع الجانب التركي إلى الطلب من فصيل صقور الشمال إما حل نفسه أو الانضمام إلى القوة المشتركة التي تضم فصيلي السلطان سليمان شاه "العمشات"، والحمزة "الحمزات".

هذا الأمر دفع "صقور الشمال" إلى الانضمام لـ"الجبهة الشامية" التي تتقارب بالرؤية معه، خصوصاً بما يتعلق بملف التقارب التركي مع النظام، على عكس القوة المشتركة المتماهية مع التوجهات التركية. ومن ناحية أخرى ربما وجد فصيل الجبهة الشامية في طلب "صقور الشمال" الانضمام إلى صفوفه فرصة لتدعيم ثقله في المنطقة، واستعادة وجوده في منطقة عفرين التي طُرد منها العام الماضي، الأمر الذي دفع الجانب التركي لتوجيه إنذار آخر لـ"الجبهة الشامية" و"صقور الشمال" بوجوب فك ارتباطهما. تبع ذلك إصدار قرار من وزارة الدفاع التابعة للحكومة السورية المؤقتة بحل فصيل صقور الشمال ووضع قائده تحت تصرف وزارة الدفاع، وتوزيع مقراته ومعداته على فصائل "الجيش الوطني"، كما تبعه إرسال أرتال عسكرية من القوة المشتركة ومحاصرة مقرات "صقور الشمال" في عفرين، الأمر الذي قد ينذر بمواجهة عسكرية بين هذه الفصائل.

قد يبدو الخلاف ظاهرياً صراعاً على نفوذ ومناطق، إلا أنه في حقيقة الأمر يبدو كأنه أولى نتائج مسار التطبيع التركي مع النظام السوري على فصائل المعارضة، والذي يتجلى حالياً بصراع بين جناحين في "الجيش الوطني"، الأول يتماهى مع توجه تركيا وينفذ أوامرها، والثاني يرفض هذا التطبيع ويحاول منع أي خطوة عملية في هذا الطريق، والتي يبدو أنها بدأت بفتح معبر أبو الزندين، وتزامنت مع إنشاء تركيا قوات تتبع لها مباشرة وتتمتع بصلاحيات واسعة في المنطقة تحت مسمى حرس الحدود، والتي يبدو أن مهمتها في المرحلة المقبلة ستكون الاندماج مع جيش النظام في مرحلة تسليم المعابر له باعتبارها مرحلة لاحقة من مراحل التطبيع. لذلك يبدو جلياً سعي تركيا لتدجين "الجيش الوطني"، إلا أن هذه المهمة وبحسب ما تظهره معظم الفصائل ومن خلفها سكان المنطقة من مواقف معارضة للتطبيع، لا تزال حتى اللحظة غاية في الصعوبة إن لم تكن مستحيلة.

المساهمون