لم يحمل المقترح الذي قدمه المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسن، الخميس الماضي، بشأن جدول أعمال الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية، أي طرح جديد من شأنه تحقيق أي تقدم في مسار عمل اللجنة الدستورية، أو المسار الأممي ككل لحل سياسي في سورية وفق قرار مجلس الأمن.
فمنذ صدور قرار مجلس الأمن رقم 2254 في عام 2015 الخاص بإيجاد حل سياسي في سورية، وخلق مسار جنيف التفاوضي لتطبيقه، والنظام، ومن خلفه روسيا، يعملان على تمييع هذا القرار والمماطلة في تطبيق أي بند من بنوده من جهة، ومن جهة أخرى خلق مسارات موازية، تحاول روسيا فرضها بديلاً للمسار الأممي.
وقد نجح النظام خلال السنوات الست الماضية من عمر هذا القرار، الذي نص صراحة على تشكيل هيئة حكم انتقالية وإجراء انتخابات رئاسية برعاية أممية، بتمييعه وإفراغه من مضمونه، واختصاره بلجنة دستورية، يصرح النظام بشكل دائم أنه غير معنيّ بنتائجها. واستطاع خلال أكثر من سنة ونصف السنة من عمر تشكيل اللجنة تعطيل عملها، وعدم تحقيق أي نتيجة تخدم الحل السياسي الذي نص عليه قرار مجلس الأمن.
ورغم اقتصار دور المبعوث الأممي في اللجنة الدستورية على تيسير الجلسات بين الوفود الثلاثة (النظام، والمعارضة، والمجتمع المدني)، إلا أن مقترح بيدرسن لجدول أعمال الجولة السادسة يشير إلى إدخاله اللجنة بتفاصيل قد تمتد جلساتها إلى ما لا نهاية من الزمن، وهو الأمر الذي يراهن عليه النظام. واقترح بيدرسن أنه "قبل المغادرة إلى جنيف، يقوم كل وفد من الوفود الثلاثة، بتقديم المقترحات كتابة إلى مكتب المبعوث الخاص في شكل نصوص مقترحة لمبادئ دستورية أساسية لتضمينها في مشروع الدستور"، ويتم "خلال كل اجتماع من اجتماعات الهيئة المصغرة في الأيام من 1 إلى 4 تناول مبدأ واحد على الأقل من المبادئ الدستورية الأساسية واستنفاد النقاش حوله". وبين أنه ليس بالضرورة أن تنتهي الجلسة باتفاق على المبدأ الذي يتم النقاش حوله، وإنما يتم الانتقال إلى المقترح الذي يليه، الأمر الذي يتيح الفرصة أمام النظام، في حال الموافقة على هذا المقترح، أن يناقش كل المبادئ الدستورية المقترحة من دون الموافقة على أي منها، وبالتالي كسب المزيد من الجولات والوقت لمناقشة المبادئ الخلافية، وهو ما يحتاجه لتمرير الانتخابات الرئاسية، وفرض بشار الأسد لسبع سنوات جديدة، الأمر الذي يجعل من مقترح المبعوث الأممي، مجرد تحريك لملف اللجنة الدستورية، ومنعه من الانهيار، من دون النظر إلى أي تقدم في مسار الحل السياسي الذي يتطلب إرادة أممية تتمكن من إجبار النظام وحلفائه على تطبيق مضمون قرارات الشرعية الدولية.