كانت المناظرة الأولى التي جمعت المرشّحين لرئاسة الحكومة البريطانية ليز تروس وريشي سوناك، حامية وصعبة ومشحونة بخلافات حول قضايا مفتاحية كالاقتصاد والتضخم وغلاء المعيشة.
وتمسّك المرشّحان كلّ برؤيته حول الأزمة الاقتصادية التي يرزح ملايين البريطانيين تحت وطأتها. سوناك يرى الأولوية في مواجهة التضخّم ثم الالتفات لخفض الضرائب بينما تعهّدت روس بخفضها مباشرة. ولم يفوّت سوناك مناسبة لانتقاد رؤية تروس التي "تفتقر للإحساس بالمسؤولية" والتي من شأنها أن تؤثر على الأجيال القادمة على حد تعبيره، وعلى مستقبل "حزب المحافظين" في الانتخابات العامة القادمة.
وكانت حماسة سوناك في الردّ على منافسته لافتة، كما قدرته على صياغة أفكاره، وهو المبتدئ في السياسة مقارنة بروس الشخصية البارزة في استجابة المملكة المتحدة للغزو الروسي والمنسّقة الأساسية لمحادثات ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
كما كانت العلاقة مع الصين نقطة خلافية ثانية، حيث اتّهم سوناك منافسته بسياسة محابية للصين قد تشكل تهديداً على الأمن القومي للملكة المتحدة. إلا أن تروس تعهّدت باتخاذ إجراءات صارمة ضد الشركات الصينية وهاجمت منافسها في الوقت ذاته؛ لأنه كان يتبنّى في السابق رؤية مختلفة في العلاقة مع الصين وكان يدعو، على حدّ تعبيرها، لعلاقات وثيقة معها.
وفيما يتعلق برؤيتهما للتعليم، استغلّ سوناك اللحظة ليتبرّأ من الاتهامات التي طاولته قبل أيام على لسان منافسته عندما قارنت بين التعليم الذي تلقّته في مدرسة حكومية والتعليم الذي تلقّاه سوناك في مدارس "النخبة"، قائلاً إنه "لن يعتذر" عن حقيقة أن والديه كافحا بجدّ لتأمين أقساط دخوله إلى مدارس النخبة.
واعترفت تروس، للمرة الأولى ربما، بأن بوريس جونسون ارتكب أخطاء، إلا أن ما ارتكبه من أخطاء، على حدّ تعبيرها، لا يتطلّب منه التنحّي من منصبه كرئيس للحكومة وكزعيم للحزب. كما أنها تهرّبت بطريقة دبلوماسية من السؤال المحرج عما إن كانت ستقبل به وزيراً في حكومتها بالقول إنه متعب ويحتاج إلى إجازة بكل تأكيد. سوناك أيضاً ردّ بـ"كلا" على هذا السؤال مؤكّداً أن الوقت قد حان للمضي قدماً.
وفي حين كان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي و"نسف" بروتوكول إيرلندا الشمالية عنصراً مشتركاً بين المرشّحين، إلا أن تروس وجدت نفسها مطالبة بالدفاع عن موقفها وإثبات "تشدّدها"، وهي التي صوّتت بداية ضدّ "بريكست" قبل أن تتراجع سريعاً وتتبنّى سياسة أكثر "تطرّفاً".
ولم يختتم سوناك المناظرة قبل أن "يزاود" على منافسته في "الولاء" لرئيس الحكومة المستقيل جونسون. إذ منحته تروس المعروفة بولائها حتى اللحظة الأخيرة 7 من 10 في إدارته للحكومة. بينما منحه سوناك المتّهم بـ"الخيانة" و"الجحود" علامة تامة في سياسته المتعلقة بالوباء وبخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وأظهر استطلاع للراي شمل ألف ناخب، تفوّق سوناك على تروس بفارق ضئيل بواقع نقطة واحدة، بينما أظهر استطلاع للرأي خاص بـ"حزب المحافظين" تفوّق تروس بنسبة تسع نقاط، في حين رأى ناخبو "حزب العمال" أن أداء سوناك كان أفضل من منافسته.