- الطلاب يطالبون بإنهاء التواطؤ الجامعي مع الإبادة في غزة، مثل قطع العلاقات مع شركات الأسلحة والجامعات الإسرائيلية، وتحديداً في جامعات مانشيستر وبريستول، مع دعم من نقابة الأساتذة.
- "مخيم السلام" في برايتون واحتلال غرفة في جامعة كلية لندن يعكسان الجهود لرفع الوعي ومنع تجديد رخص لمصانع الأسلحة وقطع العلاقات مع شركات متورطة في جرائم حرب، مما يظهر تزايد الوعي والتضامن مع القضية الفلسطينية.
ضمن موجة جديدة من التضامن الشعبي في بريطانيا مع الشعب الفلسطيني وسعياً لوقف الإبادة الجماعيّة في غزة بدأت تنظم اعتصامات مفتوحة تشمل احتلال مبانٍ في الجامعات من قبل طلاب، أو احتلال أراضٍ بالقرب من مصانع السلاح.
ورصد "العربي الجديد" مجموعة من هذه التحركات في الأسبوعين الماضيين في عدد من الجامعات والمدن البريطانيّة، منها جامعة "يو سي إل" وجامعة برستول وجامعة ليدز وجامعة مانشيستر وجامعة "جولد سميث"، وفي مدينة برايتون إدنبرة ونتونغهام وفي لندن. وتأتي هذه التحركات تصعيداً للحراك المستمر في بريطانيا منذ أشهر لوقف الحرب الإسرائيليّة على قطاع غزّة.
وكان آخر هذه التحركات قيام المئات من أعضاء النقابات العماليّة بمحاصرة مصنع للسلاح بالقرب من مدينة إدنبرة، صباح اليوم الأربعاء، ومنع العاملين في المصنع وأي شخص من الوصول إليه وسد جميع الطرقات للمصنع.
ونشرت مجموعة "عمّال من أجل فلسطين حرّة" فيديوهات تُظهر إغلاق مداخل المصنع والتظاهر هناك قائلين "لن نقف مكتوفي الأيدي بينما تستخدم الأسلحة المصنوعة في بريطانيا لارتكاب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني". وفي واحدة من اللافتات المرفوعة خلال الاعتصام، كتبوا عليها كلمات الشاعر الفلسطيني الشهيد رفعت العرعير: "إذا كان لا بدّ أن أموت، فليأتِ موتي بالأمل، فليصبح حكاية".
BREAKING: Hundreds of trade unionists are blockading major arms factories in England and Scotland that manufacture weapons supplied to Israel.
— Workers for a Free Palestine (@Workers4Pal) March 20, 2024
We will not stand by as weapons made in Britain are used to commit genocide against the Palestinian people! #ShutItDown4Palestine pic.twitter.com/l1p4diVcaR
وصباح اليوم الأربعاء، احتلّ قرابة 50 طالباً في جامعة مانشيستر مبنى "سيمون" في الحرم الجامعي، تضامناً مع الفلسطينيين الذين "يواجهون الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة وضد الجامعة المتواطئة معها"، بحسب بيان للطلاب.
وتأتي هذه الخطوة بهدف مطالبة الجامعة بإنهاء شراكتها مع شركة "BAE Systems" وشركات الأسلحة الأخرى، وقطع علاقاتها مع جامعة تل أبيب والجامعة العبرية في القدس، ووقف ما يسمونه كل "الأبحاث غير الأخلاقية".
ويتهم الطلاب الإدارة العليا للجامعة بالتواطؤ في الإبادة الجماعية للفلسطينيين، ويقولون إن الجامعة "فشلت في اتخاذ أي إجراء بشأن علاقاتها الواسعة مع إسرائيل، على الرغم من حكم محكمة العدل الدولية بأن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية".
وبرّر الطلاب مطالبهم بقطع العلاقات مع الجامعات الإسرائيليّة، كون قيام جامعة تل أبيب (التي تقيم جامعة مانشستر شراكة بحثية معها) بتطوير "مبدأ الضاحية"، وهو مبدأ "يدعو إلى استهداف البنية التحتية المدنية للضغط على الفلسطينيين، بدلاً من استهداف الجماعات المسلحة" بحسب بيانهم.
أمّا الجامعة العبريّة، فاعتبر الطلاب أنّها "بُنيت على أرض محتلة بشكل غير قانوني، وتم إرسال طلاب التبادل من جامعة مانشستر للعيش في المستوطنات". وأعلن الطلاب عن عزمهم البقاء في المبنى والبدء بتنظيم فعاليات ثقافيّة وسياسيّة.
احتلال مبنيين في جامعة برستول
وتحصن مجموعة من الطلاب في جامعة برستول يوم أمس الثلاثاء، في مبنى "ويل" التذكاري داخل الحرم الجامعي، قائلين إنهم سيبقون هناك حتى "تنهي جامعة بريستول تواطؤها مع الإبادة الجماعية".
ولم تكن هذه الخطوة الأولى في جامعة برستول، إذ نظم مجموعة طلاب في الثامن من مارس/ آذار عملية احتلال مبنى الإدارة التنفيذيّة في الجامعة، احتجاجاً على "تواطؤ الجامعة في الإبادة الجماعية المستمرة في غزة وعلاقاتها الأوسع بتجارة الأسلحة"، بحسب رسالة نشرها الطلاب.
ويرى الطلاب المعتصمون أن جامعة بريستول تتمتع "بتاريخ حافل في قيادة التغيير التقدمي في قطاع التعليم العالي. وكانوا من بين أوائل من أعلنوا حالة الطوارئ المناخية وسحبوا استثماراتهم في الوقود الأحفوري استجابة للحملات التي يقودها الطلاب. نعتقد أن مطالبتنا بسحب الاستثمارات من الشركات المتواطئة في انتهاكات حقوق الإنسان تتماشى مع التزام الجامعة بالمسؤولية الاجتماعية".
وأعلنت نقابة الأساتذة في الجامعة عن دعمها تحرك الطلاب ومطالبهم، وجرت محاولات لعقد اجتماع بين ممثلين عن الطلاب المعتصمين وإدارة الجامعة بهدف الوصول إلى اتفاق بعد تعطيل عمل المبنى، لكن لم يتم عقد هذا الاجتماع حتى الآن، وتأتي عملية احتلال مبنى جديد يوم أمس كضغط إضافي من قبل الطلاب.
مخيم السلام في برايتون ضد مصنع السلاح في المدينة
وفي مدينة برايتون، الواقعة على الساحل الجنوبي، انطلق يوم الأحد "مخيم السلام"، وهو عبارة عن مخيم يعتصم فيه العديد من الناشطين في المدينة أمام مدخل الشارع الرئيسي لمصنع للأسلحة باسم "L3Harris"، وهو مصنع رقم 12 من ناحية الضخامة والفعالية في تصنيع قنابل، ويتهم الناشطون هذا المصنع بتوفير قنابل لطائرات "إف 35" الإسرائيليّة.
ويهدف المخيم الواقع على أرض عامّة تابعة للبلديّة إلى رفع الوعي في المدينة بهدف عدم تجديد رخصة عمل المصنع، بعد أن قامت بلديّة برايتون تجديدها مؤخراً، إذ يطالبون بإخراجه من برايتون بسبب تورطه في جرائم حرب وانتهاكات حقوق الإنسان بحسب القانون الدولي.
ويتوافد على المخيم ناشطون بشكل يومي، وقد رصد "العربي الجديد" يوم الأحد عمليّة بناء "مجتمع المخيم"، إذ تقوم فلسفة الاعتصام داخل المخيم على التشاركيّة والديمقراطيّة الشعبيّة، بحيث يكون لكل شخص دور ورأي في المساهمة في وضع استراتيجيات عمل المخيم، مستلهمين تجارب اعتصامات مفتوحة من حول العالم، منها الثورات العربيّة.
ويسعى المنظمون إلى تكثيف الحضور في المخيم وتحويله إلى نقطة احتجاج مستمرة ضد مصنع الأسلحة. ونصب المنظمون عدداً من خيام النوم، وخصصوا زاوية للاجتماعات والطعام، ورفعوا الأعلام الفلسطينيّة وعلم اليمن أيضاً.
"منطقة خالية من الفصل العنصري" في جامعة كلية لندن
أمّا في جامعة كلية لندن "UCL"، فقد احتلّ الطلاب غرفة "جيريمي بينثام" في مبنى داخل الجامعة ووصفوها بأنها "منطقة خالية من الفصل العنصري"، لتثقيف الناس حول "نضال الشعب الفلسطيني".
وبدأ اعتصام الطلاب المفتوح داخل الغرفة قبل أكثر من أسبوع، وهو مستمر حتى اليوم، ويشمل مجموعة من النشاطات الطلابيّة. ويصرّ المنظمون على أن الإجراء سيستمر حتى تلبية قائمة المطالب العشرة الخاصة بهم من قبل إدارة الجامعة التي تشمل: قطع جميع العلاقات مع شركات الأسلحة والشركات المدرجة في قائمة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات وإنهاء الرقابة وتجريم النشاط المؤيد للفلسطينيين في الحرم الجامعي، والانضمام إلى النداء العالمي من أجل وقف فوري ودائم ومستدام لإطلاق النار، استناداً إلى حكم محكمة العدل الدولية الذي ينص على أن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية بشكل معقول.
How to find the Apartheid Free Zone!
— UCL Action for Palestine (@UCLAFP) March 18, 2024
Jeremy Bentham Room, Wilkins Building, UCL 📍 pic.twitter.com/PuGPUkDSpK
كذلك طالبوا بتخصيص مبلغ مالي لا يقل عن 250 ألف جنيه إسترليني للمنح الدراسية المتاحة للطلاب الفلسطينيين للدراسة في كلية لندن الجامعية، وتوفير الجامعة الملاذ والدعم الإضافي والأموال للأكاديميين الفلسطينيين، وتسمية مركز رفعت العرعير الطلابي بقيادة الطلاب والاعتراف المؤسسي بمساهماته وإيقاف التعاملات المصرفية مع بنك باركليز المتورط مع الاحتلال الإسرائيلي، وممارسة الشفافية الكاملة في ما يتعلق بجميع عمليات التمويل والرعاية والشراكات البحثية والتعاون على المستوى الإداري.
وأيدت نقابة الأساتذة في الجامعة بنسبة 96% من أعضائها دعم حراك الطلاب في المبنى ومطالبهم.
طلاب في جامعة ليدز: إسرائيل دولة إرهابيّة
بقيادة جمعية ليدز العمالية الاشتراكية الطلابية، و"تمرد الطلاب ليدز" ومجموعة التضامن الفلسطينية بجامعة ليدز، تجمّع متظاهرون خارج مبنى باركنسون في جامعة ليدز قبل أسبوعين، سعياً لاحتلال المبنى بهدف "إدانة إسرائيل والإبادة الجماعية، وخلق مساحة آمنة للناس للاحتجاج وحظر مجرمي الحرب من دخول الحرم الجامعي".
ثم انتقل الطلاب بعد ذلك إلى داخل مبنى "باركنسون كورت" ونصبوا الخيام داخله، كما رُفعت لافتة كبيرة على درابزين الطابق الأول المطل على الردهة الرئيسية كتب عليها "الأسلحة خارج الحرم الجامعي".
وجلس الطلاب المتظاهرون بين الخيام واللافتات، فيما ترددت هتافات بين الطلاب: "جامعتنا متواطئة"، و"وقف إطلاق النار الآن"، و"إسرائيل دولة إرهابية"، و"فلسطين حرة حرة". وأكد أحد الطلاب الذي يقود المجموعة أنهم سيستمرون في احتلال المبنى حتى يجتمع بهم مسؤول من جامعة ليدز للمناقشة.
وأعلنت نقابة الطلاب الاشتراكيين، اليوم الأربعاء، انضمامهم إلى الحراك في جامعة ليدز، احتجاجاً على سياسات الجامعة فيما يتعلق بالحرب المستمرة التي وصفوها بـ"المتناسقة مع سياسة ريشي سوناك وكير ستارمر" زعيمي حزبي المحافظين والعمّال. وعبّروا عن استعدادهم مع اقتراب الانتخابات للعمل على تشكيل تحالف انتخابي مناوئ للحرب ويدعم النضال ضد الاحتلال.
إغلاق مداخل مكتب نائب رئيس جامعة نوتنغهام
أمّا في جامعة نوتنغهام، فقد احتل مجموعة طلاب قبل أيّام الطابق الأرضي من مبنى "ترينت"، وأغلقوا المداخل المؤدية إلى مكاتب نائب رئيس الجامعة وأمين الصندوق. ويطالب الطلاب الجامعة بإنهاء الشراكة مع الشركات المصنعة للأسلحة، وتحديداً تلك التي ترسل الأسلحة إلى إسرائيل.
جاء ذلك بعد احتجاج مماثل، وقع في الفصل الدراسي الماضي، حيث احتل الطلاب قاعة "كوتس" رود لمدة 12 يوماً وأدى إلى طرد المجموعة بالقوة من المبنى.
وأعلن اتحاد طلاب "نزع السلاح" قائمة مطالبه على مواقع التواصل الاجتماعي عند بدئه الاحتلال، وشملت: إنهاء الشراكة، والانتقال إلى البدائل المستدامة والأخلاقية، وسحب الاستثمارات من الشركات والمؤسسات الداعمة لإسرائيل.
وجاء في منشورهم عبر إنستغرام: "لقد استحوذت الجامعة على أكثر من 43 مليون جنيه إسترليني من هذه الشركات. ونطالبها بإسقاط هذه الشراكات والتوقف عن أخذ المال الملطخ بالدماء".
وتأتي عملية الاحتلال الثانية بعد طرد الطلاب من احتلالهم الأول، إذ قال أحد المعتصمين إن الجامعة لم ترد على مطالبهم في المرّة الأولى و"نأمل الآن بعدما قمنا بسد الدخول إلى مكاتبهم في الحصول على رد".
شهر من احتلال كلية الإعلام في جامعة جولد سميث
وفي نهاية شهر فبراير/ شباط، نظّم العشرات من طلاب جامعة "جولد سميث" في لندن احتلالاً لمبنى كلية الإعلام، بدءاً باحتلال أكبر قاعتين للمحاضرات في الطابق الأرضي السفلي من المبنى المسمى باسم البروفيسور ستيوارت هول، حيث تُدرّس معظم محاضرات وسائل الإعلام والاتصالات، وذلك في يوم 20 فبراير، بعد أن سار مئات الطلاب عبر الحرم الجامعي في الصباح في مظاهرة وانتهوا باحتلال القاعات.
ولبّى الطلاب دعوة مجموعة "جولد سميث من أجل فلسطين" للمشاركة في المسيرة والاحتلال، على الرغم من تهديدات أفراد أمن الكلية، حذروا من عدم السماح لهم بالدخول. وأصدر الطلاب رسالة مفتوحة إلى الإدارة العليا للجامعة قالوا فيها "في حين أن الدعوة إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية تمثل خطوة إيجابية، إلا أنه لا توجد تسمية للإبادة الجماعية التي ترتكبها الدولة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني. استخدام المصطلح المضلل +أزمة الشرق الأوسط+ يفشل في تسمية الإبادة الجماعية المستمرة للشعب الفلسطيني".
وأضافت الرسالة: "إن فشلكم في استخدام لغة أكثر حسماً ووضوحاً وتعاطفاً لوصف النكبة المستمرة والموثقة جيداً في غزة، يتم استقباله بطريقة غير فعالة على الأقل، فضلاً عن كونها متعالية لجميع المعنيين".
وما زال الطلاب مستمرين في احتلالهم واعتصامهم المفتوح لمدة شهر حتى الآن، حيث نظموا مجموعة فعاليات توعيوية حول القضية الفلسطينيّة، ونشاطات ثقافيّة وممحاضرات كجزء من حراكهم السياسي.
وتعتبر عمليات احتلال المباني داخل الحرم الجامعي جزءاً من تاريخ الحركة الطلابيّة في بريطانيا وتعود جذورها إلى عقود من الزمن، إذ يستخدمها الطلاب كوسيلة ضغط لتحقيق مكاسب خدماتيّة وأيضاً سياسيّة لصالح قضايا مختلفة.