موسكو تعزز وجودها العسكري في كاراباخ: استنساخ تجربة حميميم؟

10 ديسمبر 2020
جندي روسي في ستيباناكيرت (كارين ميناسيان/فرانس برس)
+ الخط -

أثار نشر أفراد من قوات حفظ السلام الروسية في إقليم ناغورنو كاراباخ لمنع تجدد أعمال القتال بين أرمينيا وأذربيجان، تساؤلات كثيرة حول كيفية قيام موسكو بدعم قواتها لوجستياً، وما إذا كانت ستنشئ قاعدة عسكرية في الإقليم، وسط تساؤلات حول شكل وجودها العسكري طويل الأجل في منطقة جنوب القوقاز. وفي الوقت الذي كشفت فيه تسريبات إعلامية أنّ موسكو قد تأخذ قريباً موافقة باكو على إقامة قاعدة عسكرية في مطار خوجالي، وهو المطار الوحيد في كاراباخ، اعتبر الخبير في "المجلس الروسي للشؤون الدولية"، كيريل سيميونوف، أنّ وجود مثل هذه القاعدة بات أمراً واقعاً في ظلّ انتشار قوات حفظ السلام الروسية على الأرض في كاراباخ بالتنسيق مع باكو. وقال سيميونوف، في حديث مع "العربي الجديد": "في الواقع، القاعدة الروسية في كاراباخ قائمة بالفعل، إذ إنّ القوات الروسية تتمتع فعلياً بصفة القاعدة، كما أنّ معايير وجودها تم تنسيقها مع باكو التي يمكنها تمديد فترة وجود القوات الروسية بعد خمس سنوات أو رفض ذلك. ويعني هذا أنّ القوات الروسية لا تفويض دولياً لها، بل هي قاعدة عسكرية روسية في أذربيجان".



سيميونوف: وجود قاعدة روسية في كاراباخ بات أمراً واقعاً

ومع ذلك، رفض الخبير الروسي اعتبار مرابطة القوات الروسية في أذربيجان بمثابة قاعدة عسكرية متكاملة مثل قاعدة حميميم الجوية في محافظة اللاذقية السورية، موضحاً: "صحيح أنه يمكن استخدام المطار في كاراباخ لدعم أعمال القوات الروسية، ولكن من وجهة النظر اللوجستية فقط. لذلك، ليس من باب الدقة مقارنته مع قاعدة حميميم، حيث الطيران الحربي الروسي. كما أنّ مدة استئجار حميميم تبلغ 49 عاماً، بينما يمكن لأذربيجان رفض تمديد وجود القوات الروسية على أراضيها بعد مرور خمس سنوات فقط".

وفي السياق ذاته، ذكرت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية نهاية الأسبوع الماضي، نقلاً عن مصادر في وزارة الدفاع الروسية، أنّ موسكو ستأخذ، على الأرجح، موافقة أذربيجان على استخدام مطار خوجالي في كاراباخ قريباً، إذ إن القيادة الأذربيجانية مهتمة بفاعلية بعثة حفظ السلام الروسية في منطقة النزاع. وفي تقرير بعنوان "هل يصبح مطار كاراباخ حميميم جديدة لروسيا؟"، أشارت الصحيفة إلى أنّ موسكو تعتزم ترشيد النفقات على مجموعة حفظ السلام في منطقة نزاع كاراباخ، ويجري النظر في استخدام مطار خوجالي الواقع بالقرب من مدينة ستيباناكيرت والذي لم يتم تشغيله منذ نحو ثلاثة عقود.

واعتبر الخبير العسكري، العقيد احتياط فلاديمير بوبوف، أنّ مطار خوجالي قد يكون نوعا من المعقل لمجموعة حفظ السلام الروسية البالغ تعدادها نحو ألفي فرد والتي يتم تموينها من روسيا حصراً. ونقلت "نيزافيسيمايا غازيتا" عن بوبوف قوله: "هذا التموين مكلف جداً لروسيا في الوقت الحالي. إذا كانت طائرات النقل العسكري التابعة للقوات الجوية الفضائية الروسية التي تنقل الإمدادات لقوات حفظ السلام ستهبط في مطار بالقرب من ستيباناكيرت، فإن نقل الشحن العسكرية جواً سيكون أقل كلفة". ولفت إلى أنّ "طائرات النقل العسكري الروسية تهبط في الوقت الحالي في يريفان، حيث يتم تفريغها، ثم يتم نقل الشحن براً إلى مسافة 320 كيلومتراً".

كما أشارت "نيزافيسيمايا غازيتا" إلى أنه ستكون هناك مجموعة من نقاط التشابه بين الوجود الروسي في خوجالي وحميميم، بما في ذلك نشر مستشفى متحرك وتوفّر مساحات لبناء حظائر ومخازن وغيرها من منشآت البنية التحتية اللوجستية.


هناك مجموعة من نقاط التشابه بين الوجود الروسي في خوجالي وحميميم

وفي الوقت الذي تنتظر فيه موسكو موافقة باكو على إقامة قاعدتها في كاراباخ، تحظى هذه الفكرة بدعم السلطات المحلية، إذ اعتبر مستشار رئيس "جمهورية كاراباخ" (غير المعترف بها دولياً) لشؤون السياسة الخارجية، دافيد بابايان، في حوار مع وكالة "نوفوستي" الحكومية الروسية، أنّ إقامة قاعدة عسكرية روسية "سيعزز كثيراً الأمن والاستقرار هنا على المدى البعيد".

في غضون ذلك، تعزز روسيا جهودها الدبلوماسية لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في كاراباخ، إذ استقبل وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، نظيره الأرميني، آرا أيفازيان، في موسكو مطلع الأسبوع الحالي، وأعرب في ختام المحادثات عن رضاه عن الالتزام الفعلي بالهدنة منذ شهر واستمرار عملية عودة النازحين.

وكانت أرمينيا وأذربيجان وروسيا قد توصلت في 9 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إلى اتفاق لوقف كامل لأعمال القتال في كاراباخ، اقتضى إلى جانب وقف إطلاق النار، وقف تقدم يريفان وباكو عند مواقعهما، وتسليم أرمينيا جزءاً من الأراضي لأذربيجان، مما أثار موجة من الاحتجاجات ضدّ رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان والمطالبة باستقالته.

يذكر أنّ أعمال القتال في كاراباخ تصاعدت في 27 سبتمبر/أيلول الماضي وسط تبادل الطرفين الاتهامات بشن هجمات على السكان المدنيين، من دون أن تساعد جهود الوساطة الروسية في بسط الهدنة قبل الوقف الكامل للحرب بعد قبول أرمينيا تقديم تنازلات أليمة لأذربيجان.

المساهمون