أعرب النائب في كتلة حزب الله البرلمانية حسين جشي عن رفض الحزب قرار مجلس الأمن الدولي تجديد مهمة عمل قوة الأمم المتحدة المؤقتة العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) لسنة جديدة، دون الأخذ بالتعديلات التي طلبتها بيروت.
وأبدى لبنان ومن خلفه حزب الله اعتراضه على الصيغة الأولى لمشروع التجديد، والتي كانت مطابقة للقرار السابق الصادر عام 2022، الذي نصّ على أن "قوات الأمم المتحدة المؤقتة لا تحتاج إلى إذن مسبق أو إذن من أي شخص للاضطلاع بالمهام الموكلة إليها، وإجراء عملياتها بشكل مستقلّ". كما دعا المشروع إلى "ضمان حرية حركة القوات الدولية بما في ذلك السماح بتسيير الدوريات المعلن وغير المعلن عنها".
وفي القرار الذي تمّ تبنّيه أمس الخميس، وقدّمت خلاله فرنسا صيغة وسطية، أبقي على هذا الجزء، مع إضافة جملة "مواصلة التنسيق مع الحكومة اللبنانية"، ليأخذ هذا بعين الاعتبار كجزء من مطلب لبنان، وهو ما اعتبرته أوساط في "حزب الله"، في حديثها لـ"العربي الجديد"، بمثابة "توليفة"، لا يمكن القبول بها.
وقال جشي لـ"العربي الجديد": "طبعاً غير راضين عن التعديل الفرنسي، وليس وارداً القبول به. هناك بالنهاية قوات مسلحة على أرض لبنانية، وأصبحت بقرار 2022 تتحرّك كيفما شاءت من دون إذن أو تنسيق مع أحد، ما يعني أنها باتت بمثابة قوات احتلال"، مشدداً على أنه "حتى لو كانت قوات حفظ سلام، فإنها قوات عسكرية على أرض لبنانية، وعليها أن تتحرك بالتنسيق مع الجيش اللبناني".
ومدّد مجلس الأمن الدولي، أمس الخميس، وبعد إرجاء انعقاد جلستين، مهمة "اليونيفيل" في لبنان، سنة جديدة، بموافقة 13 دولة، فيما امتنعت الصين وروسيا عن التصويت، باعتبار أن القرار لم يأخذ بعين الاعتبار بعض التعديلات اللبنانية.
ولم تنجح الدبلوماسية اللبنانية بفرض الصيغة التي أرادتها على نصّ قرار مجلس الأمن، ولا سيما لناحية التعديلات التي طلبتها بشأن حرية تنقل القوات الدولية، أو لجهة تسمية الجزء الشمالي لبلدة الغجر بأنها أطراف بلدة الماري، وذلك بسبب اعتراضات أميركية.
ويرفض لبنان إضفاء الشرعية على نقل ولاية اليونيفيل من الفصل السادس وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 1701، الصادر عام 2006، والداعي إلى حلّ النزاع بالطرق السلمية، إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يدعو إلى فرض القرار بالقوّة.
وقال النائب في كتلة حزب الله البرلمانية إن "الدولة اللبنانية طلبت أن يكون التجديد لقوات الطوارئ الدولية على غرار القرارات التي سبقت عام 2022، ولم تلحظ التعديل الأخير، وذلك على نحو يكون فيه التنسيق دائماً مع الجيش اللبناني"، معتبراً أن "قرار مجلس الأمن أمس لم يأخذ برغبة الدولة". وقال إن "عبارة التنسيق مع الحكومة اللبنانية، ليست إلا توليفة، وبمثابة مخرج، لا يمكن أن نقبل به".
وأكد قرار مجلس الأمن ضرورة نشر الجيش اللبناني بشكل دائم وفعّال وسريع في الجنوب، كما حث حكومة الاحتلال الإسرائيلي على التعجيل بسحب جيشها من شمال بلدة الغجر، والمنطقة المجاورة لها شمالي الخط الأزرق، مستنكراً الانتهاكات على الخط جواً وبراً. كما عبّر مجلس الأمن عن قلقه إزاء نصب الخيام جنوب الخط في مزارع شبعا.
وجرى توجيه دعوة للحكومة اللبنانية إلى تسهيل وصول قوات اليونيفيل بشكل فوري وكامل للمواقف التي طلبت قوات الطوارئ الدولية الوصول إليها.
وقالت القائمة بالأعمال في البعثة اللبنانية جان مراد، بعد التصويت، إن القرار لم يأخذ بمطالب لبنانية عدة، من بينها الإشارة إلى شمال الغجر كمنطقة محتلة. وعلى الرغم من إدراج هذه الإشارة في عددٍ من المسودات التي جرى التفاوض عليها، فقد أسقطت من النص النهائي على ما يبدو بسبب اعتراضات أميركية.
وتساءلت مراد حول "السبب وراء استخدام لغة تشبه إلى حدٍّ كبير تلك المستخدمة في القرارات التي تعتمد تحت الفصل السابع، على الرغم من أن القرار بتجديد ولاية يونيفيل هو قرارٌ يقع تحت الفصل السادس، ووجِدَ بمطلب لبناني ولم يفرض عليه"، وقالت "كأننا أمام قرار فصل سابع مقنّع وخلق أجواء توتر حيث لا حاجة لها".
وكرّر جشي ما قاله الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، بأن القرار سيبقى حبراً على ورق، والسيادة اللبنانية أولوية، وأهلنا في الجنوب لن يقبلوا بتحرّك القوات الدولية من دون تنسيق مع الجيش اللبناني.
بدوره، قال النائب في كتلة "التنمية والتحرير" (برئاسة نبيه بري، حليف حزب الله)، ميشال موسى، لـ"العربي الجديد"، إن "القرار صدر بعد نقاشات مستفيضة وأخذ وردّ، ومواجهات سياسية قوية، ولا شيء جديداً كبيراً يُذكر فيه، ولم يأخذ موقفاً مطلقاً مع أحد، بقدر ما ساوى بين الآراء المختلفة"، مضيفاً أن لبنان كان يفضّل الخروج بصيغة أفضل، كما يطالب، "لكن يبقى الأمر سياسي وعلى مستوى دول، ويُحسم بالتصويت".
وأشار موسى إلى أن لا أحد لديه مصلحة بأن تحصل إشكالات بين الأهالي وقوات اليونيفيل، آملاً ألا تسجل احتكاكات كما حصل خلال عام 2022.
وفي ردّ على ما إذا كان القرار أمس يؤشر إلى منحى دولي متشدّد مستمرّ تجاه حزب الله، قال موسى: "قد يكون هناك تشديد مع حزب الله، لكن يجب ألا يكون بهذه الطريقة. هناك موقف سياسي بهذا الموضوع حاولت بعض الدول تمريره بالجلسة، لكن يفترض أن يكون هناك مناخ إيجابي، كونه ينعكس بدوره على مناخ عمل القوات الدولية وأهالي البلدات الجنوبية، حيث العلاقة يجب أن تكون جيدة"، مضيفاً: "على مرّ السنوات بنيت علاقات جيدة بين القوات الدولية والمحيط ونأمل استمرارها لا زعزعتها".
في المقابل، حاز قرار التمديد على ترحيب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بما يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار وفق تعبيره.
وقال ميقاتي إن قرار التمديد تضمن بنداً أساسيّاً طالب به لبنان ويتعلق بقيام اليونيفيل بعملها بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية وفق اتفاقية المقرّ، مضيفاً: "هذا يشكل "عامل ارتياح. نشكر تفهّم العديد من الدول وأصدقاء لبنان الملاحظات اللبنانية".