نتائج جولة هوكشتاين السابعة في لبنان: التصعيد العسكري يتقدّم على الحل السياسي

22 أكتوبر 2024
من الدمار في منطقة الجناح في بيروت جراء القصف الإسرائيلي، 22 أكتوبر 2024 (حسين بيضون)
+ الخط -
اظهر الملخص
- شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت غارات إسرائيلية عنيفة، مستهدفة مناطق مثل الأوزاعي وحارة حريك، كرد فعل على رفض لبنان للشروط الإسرائيلية المدعومة من حزب الله، والتي تضمنت تعديلات على القرار الدولي 1701.

- تزامنت الغارات مع تسريب ورقة مبادئ إسرائيلية تطالب بحرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في لبنان، ورفض المسؤولون اللبنانيون هذه الشروط، مؤكدين على الالتزام بالقرار 1701 واستعدادهم لمناقشة اقتراحات جديدة لوقف إطلاق النار.

- رغم الأجواء الإيجابية في لقاءات هوكشتاين، يستمر التوتر مع العمليات العسكرية الإسرائيلية، ولبنان ملتزم بتطبيق القرار 1701، بينما تسعى الإدارة الأميركية لحلول دبلوماسية لوقف النزاع.

لم تمرّ ساعات قليلة على انتهاء جولة المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين في لبنان أمس الاثنين، حتى انهالت غارات جيش الاحتلال على مناطق عدّة في الضاحية الجنوبية لبيروت، مخلفةً مجازر جديدة بحق المدنيين، وذلك في مشهدٍ فسّرته أوساط سياسية لبنانية بأنّه بمثابة ردٍّ على رفض لبنان، ومن خلفه حزب الله، الشروط الإسرائيلية.

وشنّ الاحتلال ليل الاثنين سلسلة غارات عنيفة على مناطق في الضاحية الجنوبية لبيروت، أبرزها منطقة الأوزاعي التي تُستهدَف للمرّة الأولى، وتحويطة الغدير، والجاموس، وحارة حريك، والجناح، وقد أسفرت عن سقوط عددٍ من الشهداء والجرحى، وتسجيل موجة نزوحٍ جديدة، عدا عن مواصلة عملياته العسكرية في البقاع والجنوب بوتيرة تصاعدية.

وارتكبت إسرائيل مجزرة جديدة على الأراضي اللبنانية باستهدافها مساءً محيط مستشفى رفيق الحريري في بيروت، وقد استشهد بنتيجتها 13 شخصاً وجُرح 57 في حصيلة غير نهائية، علماً أنها كانت قد وجّهت انذاراً إلى مستشفى آخر، وهو مستشفى الساحل في الضاحية، بزعم تخزين حزب الله الملايين من الدولارات بالعملات الورقية والذهب في سرداب تحته لتمويل أنشطته، ما دفع الإدارة إلى اتخاذ قرار فوريّ بالإخلاء، مع تأكيدها نفي المزاعم الإسرائيلية.

وتزامن "جنون الاحتلال" أمس الاثنين مع رفض لبنان الشروط الإسرائيلية لوقف إطلاق النار التي حملها معه الوسيط الأميركي خلال جولته على المسؤولين اللبنانيين في بيروت، والذين عبّروا عن رفضهم التام لإدخال أيّ تعديلات على القرار الدولي رقم 1701، الأمر الذي تُرجم بتراجع هوكشتاين عن الأجندة التي كان يحملها معه، والتي كشف عنها موقع "أكسيوس" الأميركي، بحيث أكد أن لا تغييرات ستحصل والعمل يجب أن ينصبّ على "التوصّل إلى صيغة تفاهم حيال كيفية تطبيق القرار من جانب الطرفين اللبناني والإسرائيلي".

وعشية جولة هوكشتاين في بيروت، وهي السابعة له منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، سُرِّبت ورقة مبادئ سلّمتها إسرائيل إلى الولايات المتحدة لإنهاء الحرب على لبنان، تشترط فيها حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية لمنع تسليح حزب الله. وبحسب موقع "أكسيوس" الأميركي، سيضغط الوسيط الأميركي من أجل انتشار واسع النطاق للقوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان، باعتباره جزءاً من أي حل دبلوماسي.

كما أفاد مسؤولون بأنّ هوكشتاين يريد نشر ما لا يقل عن 8000 جندي لبناني في جنوب البلاد، كما يريد أيضاً رفع مستوى تفويض قوة الأمم المتحدة (يونيفيل) حتى تتمكن من مساعدة الجيش اللبناني على منع انتشار أي أفراد أو جماعات مسلحة لا تخضع لسيطرة الحكومة اللبنانية بالقرب من الحدود. واستبق المسؤولون اللبنانيون مجيء هوكشتاين بتأكيد رفضهم أي تعديل للقرار 1701، أو ما يُسمَّى 1701 بلاس (+)، واضعين المطالب الإسرائيلية ضمن خانة "الشروط التعجيزية"، ومحاولة الاحتلال فرض حلولٍ تخدمه، ضاغطاً بقوة السلاح وبتكثيف جرائم الحرب والمجازر التي يرتكبها على الأراضي اللبنانية، في وقتٍ يؤكد حزب الله أن "الميدان سيثبت أن ما لا يؤخذ بقوة النار لن يؤخذ بالسياسة".

وفي الإطار، تقول أوساط لبنانية رسمية على اطلاع بجولة هوكشتاين لـ"العربي الجديد"، إنّ "الغارات التي شهدناها أمس، وقبلها استهداف فروع القرض الحسن، ما هي إلا محاولات إسرائيلية للضغط على لبنان وجعله يقبل بالشروط الإسرائيلية، الأمر الذي لن يحصل، فلبنان ليس ضعيفاً، وليس في موقع يجعله يرضخ لأي ضغوط حتى لو كانت بالنار".

وتشير الأوساط إلى أنّ "لبنان لا يزال يتمتع بقوة التفاوض، وهو ما ظهر أمس خلال لقاء هوكشتاين الذي كان يتحدث قبل مجيئه عن ضرورة تعديل القرار 1701، لكنه تلقى موقفاً واضحاً وصارماً من المسؤولين اللبنانيين برفض إجراء أي تعديلات، وضرورة الالتزام بالقرار كما هو بكافة مندرجاته، مع مناقشة الحديث عن صيغ لكيفية تطبيقه من جميع الأطراف".

وتلفت إلى أنّ "لبنان منفتحٌ على أي اقتراحات جديدة لوقف إطلاق النار، ومستعدٌّ لمناقشتها وكيفية تطبيق القرار 1701، ومن ثم التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، ولكن المطلوب أولاً وقف العدوان، ومن ثم البحث بباقي الملفات والمسائل العالقة". وتشدد الأوساط على أنّ "رئيس البرلمان نبيه بري جدّد للوسيط الأميركي موافقة لبنان على وقف إطلاق النار لمدة 21 يوماً، تُطلَق خلالها مباحثات حول النقاط العالقة والخلافية، وكيفية تطبيق القرارات الدولية، على رأسها القرار 1701، الذي نعتبره ركيزة أساسية للاستقرار".

وتشير الأوساط إلى أنّ "اللقاءات كانت إيجابية، لكن لا يمكن الحديث عن أي ضمانات أو أجواء تفاؤلية، خصوصاً مع التجارب الأخيرة، وننتظر ترجمة النتائج ميدانياً، فالعدو هو الذي يرفض المبادرات لوقف إطلاق النار، ويصعّد عملياته على الأراضي اللبنانية، ورأينا ذلك في توسعة بنك أهدافه في الأيام الماضية، واستهدافه مؤسسات مالية كالقرض الحسن، لمحاولة فرض شروطه السياسية بالنيران، عدا عن أنّ هناك أحداثا منتظرة ستكون لها تداعياتها على لبنان، منها انتظار الردّ الإسرائيلي على إيران، والانتخابات الأميركية التي أصبحنا على مشارف أيام من انعقادها".

كذلك، تلفت الأوساط نفسها إلى أنّ "لبنان ملتزمٌ بتطبيق القرار 1701، وتعزيز وجود وانتشار الجيش اللبناني على الحدود، وعمله مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل)، وهذا ما يحتاج في المقابل إلى دعم للمؤسسة العسكرية للقيام بواجبها وهو ما تحدث عنه هوكشتاين". وفي الإطار، يقول مصدرٌ دبلوماسيٌّ أميركيٌّ لـ"العربي الجديد"، إننا "لم نتحدث بشكل نهائي عن تعديل في القرار 1701، فهذا الأمر صعب تمريره في مجلس الأمن، لكن نرى في الوقت نفسه أنّ هناك حاجة للتوصل إلى صيغة تسمح بتطبيقه، حيث إن أياً من الطرفين لم يلتزم به بالشكل المطلوب وهو ما أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم".

ويشير المصدر إلى أنّ "هوكشتاين خرج بأجواء إيجابية من لقاءاته في ظل الانفتاح اللبناني على الحلّ، وسيكثف جهوده لمحاولة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، فالمبادرة الأميركية لا تزال موجودة وممكن السير بها إذا التزم الطرفان تطبيقها بشكل جدّي"، مشدداً على أن "الإدارة الأميركية ملتزمة بالسعي لإنهاء النزاع، والتوصل إلى حلول تكون حتى بعيدة المدى، الأمر الذي من شأنه أن يعيد الثقة للنازحين على الجبهتين، وتأمل في حصول ذلك، فالوضع خطير جداً، ومقلق للغاية، وأي تأخر في التوصل إلى حل دبلوماسي سياسي سيزيد الأمور سوءاً وكارثية".

المساهمون